كانت شهادات المعتقلين الصحراويين السياسيين بسجن تندوف مؤثرة وصادمة، وهم يعيدون على أسماع الحاضرين شريط أحداثها الأليمة والقاسية بتفاصيل أكثرما يقال عنها إنها مؤلمة حقا ولا إنسانية، بل إن ملامح التعذيب وآثاره لاتزال بادية كأوشام راسخة على أجسام بعض المعتقلين السابقين ممن قدموا للحضور شهاداتهم الحية في الملتقى الدولي الأول المنظم بمدينة أكادير، لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجن الرشيد بتندوف جنوب الجزائر.
وتم إلقاء هذه الشهادات إما بشكل حضوري أو عن طريق الصوت والصورة(عبرالفيديو) سواء من مدينة العيون المغربية أو ببعض العواصف الأوروبية كجنيف وغيرها.
شهادات حاول المعتقلون السياسيون السابقون، من خلالها، أن يلملموا جراحهم المثخنة بالأوجاع ليسترجعوا بعضا من ذكرياتهم الأليمة والظروف اللانسانية التي عانوها في سجن الرشيد بتندوف، وما تكبدوه على أيدي جلادي جبهة البوليساريو من تعذيب وحرمان وقساوة في غياهب سجون العذاب وغيرها من الآلام التي أصروا على حكيها بالتفصيل في لقاء عقد مساء يوم السبت11 مارس2023 بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكادير.
وهكذا تم الاستماع في هذا اللقاء الذي أداره رئيس جمعية أمنير»عبد السلام مجيبير»، إلى شهادات كل من المعتقلين الصحراويين السابقين:»أحمد خر»و»مولود المصلاحي» و»محمد مولود الشويعر»، و»سيد احمد من لا يخاف».
كما استمع الحاضرون عبرالفيديو إلى شهادات كل من»سيد احمد أشليشل»من الجارة الموريتانية و»اعلي سالم السويح ابن الشهيد» والمعتقل السابق «المهدي ولد عثمان ولد السويح»، و»حمدها ولد الفاضل» ضحية وابن معتقل سابق بسجن الرشيد.
وفي ختام هذه الشهادات تم الاتفاق على توكيل المحامي الإسباني»سيزارجافيي مارتين لوبيز»، لرفع دعاوى قضائية بالمحاكم الإسبانية باسم المعتقلين السياسيين السابقين بسجن الرشيد، والمنتمين للائتلاف الصحراوي للدفاع عن ضحايا سجن الرشيد، ضد الدولة الجزائرية المعنية بهذا الملف، نظرا لوقوع هذه الجرائم اللاإنسانية على ترابها.
وتم أيضا تلاوة هذا الاتفاق الموقع بمدينة أكَادير من طرف كل من جمعية أمنير والائتلاف الصحراوي للدفاع عن ضحايا سجن الرشيد بتندوف والتكتل الصحراوي الدولي للوحدة الوطنية.
هذا وكانت فعاليات الملتقى الحقوقي الدولي الأول لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجن الرشيد بتندوف جنوب الجزائر، المنظم من طرف جمعية آمنير، يومي الجمعة والسبت 10 و11 مارس 2023، قد اختتمت مساء يوم السبت، بتوزيع شواهد المشاركة وتلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة لجلالة الملك محمد السادس تلاها عضو المكتب الوطني لجمعية أمنير»مبارك حاجب».
وتميز الملتقى الدولي الذي بصم على حضور نوعي لعدة فعاليات صحراوية وللأساتذة الجامعيين والخبراء المتهمين بشأن ملف معتقلي سجن تندوف ممن نجوا من آلامه، وممن بقوا قابعين إلى اليوم تحت ويلات القمع والاحتجاز والتعذيب بأنشطة مختلفة من أبرزها افتتاح معرض لصور آثار التعذيب الذي تعرض له المعتقلون السياسيون بسجن الرشيد.
كما تم عرض لوائح الضحايا من المعتقلين والشهداء الذين قضوا تحت التعذيب الوحشي لمجرمي جبهة البوليساريو، وعرض لوائح بأسماء الجلادين، وعرض الشريط الوثائقي «أم الشكاك» لمخرجه أحمد بوشلگة.
وفي المساء، نظم الملتقى ندوة موضوعاتية حول:»مستجدات قضية الصحراء.. الواقع والتطورات»، أدارها الدكتور محمد أيت جمال، وتناول فيها الدكتورعبد الفتاح البلعمشي، مستجدات قضية وحدتنا الترابية، والتطورات السياسية التي عرفها الملف في السنوات الأخيرة، في حين تناول الإسباني»مانويل ڤيدال» حقوق الإنسان بمخيمات تندوف والظروف المزرية التي يعيشها اللاجئون بتلك المخيمات حيث قام بترجمة مداخلته الأستاذ بنبا حيدب، بينما تطرق الأستاذ المحامي الحسين بكار السباعي لوضعية حقوق الأطفال والمرأة بمخيمات تندوف.
أما في صباح يوم السبت فقد تم عرض شريط «سيگا» لمخرجه ربيع الجوهري وبحضور بطل الفيلم»توفيق شرف الدين»، ليتم في المساء، كما أشرنا إلى ذلك سالفا، عرض شهادات حية لمعتقلين سابقين وأبناء بعض من استشهدوا تحت التعذيب بسجن الرشيد.