في سياق التحديات العالمية المتزايدة التي تواجه الأمن والاستقرار والعدالة، ينظم مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم ندوة دولية كبرى يومي 16 و17 نونبر 2025 بمدينة الناظور، تحت عنوان: “في ضرورة السلام: نحو عدالة انتقالية عالمية”، وذلك ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة، المنعقدة هذه السنة تحت شعار “ذاكرة السلام”.
تأتي هذه الندوة في لحظة عالمية دقيقة تشهد تداخل أزمات حادة، من النزاعات المسلحة والتطرف إلى تراجع الثقة في الديمقراطية وصعود أنماط جديدة من السلطوية. وفي ظل محدودية الحلول السياسية التقليدية، يطرح المركز من خلال هذه الندوة العدالة الانتقالية كخيار بديل يسعى إلى بناء سلام مستدام قائم على الحقيقة والمصالحة والكرامة الإنسانية.
العدالة الانتقالية: من مقاربة وطنية إلى أفق كوني
ترتكز الندوة على مفهوم العدالة الانتقالية كمنهجية شاملة لمعالجة إرث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتقاربها هذه المرة من منظور عالمي، باعتبارها أداة لبناء علاقات أكثر عدالة بين المجتمعات والدول، في مواجهة أزمات معقدة تتجاوز الحدود الوطنية.
وسيتم خلال الجلسات استعراض تجارب مقارنة من بلدان مثل المغرب، رواندا، جنوب إفريقيا، كولومبيا، والأرجنتين، بهدف استخلاص الدروس وتحويل الذاكرة الجماعية من سجل للآلام إلى قاعدة للسلام والعيش المشترك.
الثقافة والسينما: وسائط لترسيخ السلم
تنعقد الندوة ضمن فضاء مهرجان سينمائي يجعل من الفن وسيلة للتأريخ والتأمل والمصالحة، وتؤكد برمجتها على دور السينما والثقافة في إعادة بناء الخيال الجماعي وتحفيز التحولات الاجتماعية. وفي هذا السياق، سيتم تكريم المفكرة والشاعرة سعاد الصباح احتفاء بمسيرتها الأدبية والحقوقية، باعتبارها نموذجًا للالتزام الثقافي في خدمة قضايا الحرية والمساواة والعدالة.
محطات رئيسية وجلسات غنية
تنطلق الندوة بجلسة افتتاحية رسمية صباح يوم 16 نونبر، تليها جلسات موضوعاتية تناقش التجارب الوطنية في العدالة الانتقالية، وأخرى تبحث في أفق توسيع هذه المنهجية لتشمل قضايا السلام العالمي. كما ستشهد الندوة مشاركة صناع أفلام ووثائقيين وأعضاء لجان تحكيم المهرجان في جلسة تفاعلية تجمع بين البعد الحقوقي والبصري.
مخرجات عملية وأفق مستقبلي
من أبرز مخرجات الندوة تقديم “إعلان الناظور للسلام والعدالة الانتقالية”، بوصفه وثيقة رمزية تؤكد مركزية العدالة والكرامة في بناء سلم عالمي. كما يُنتظر إطلاق شبكة دولية للباحثين والخبراء، والإعلان عن تأسيس منتدى عالمي سنوي للسلام والعدالة الانتقالية.
ندوة بطابع رمزي وعملي
تحمل هذه الندوة بعدًا عمليًا يجسد المبادئ التي يناضل من أجلها مركز الذاكرة المشتركة، من خلال الجمع بين الفكر والسياسة والثقافة والفن، لتأكيد أن بناء السلم لا يمكن أن يتم بمعزل عن مساءلة الماضي، وإنصاف الضحايا، وتحقيق شروط العدالة والتنمية المستدامة.