حَتماً
ورغْم قِصر قامتِي
سَأرقُصُ
لِكلِّ الظِّلالِ إلاِّ ظلِّي
فأنَا طِفْلٌ لا تَحْملهُ الأرْضُ
أتَمَطّى سَلالِم التَّيهِ
بأيادٍ فَارٍغَة إلاِّ مِن بيَاضٍ مُسْتعارٍ
تَبقَّى مِن حَريقِ الثَّلجِ الذِّي تُخْفِيهِ الصَّخرَة
أنَا طِفلٌ تشَاغَبتُ علَى زَمنِي المَخْصِّي
فألقَيتُ مِن النَّوافذ كُلَّ الّلغَات
كَلَّ الأغْنِياتِ
ألقَيتُ مِحبَرتِي وأوْرَاقِي
وقَلمِي
القَصبِي
وغَضِبتُ فِي وَجهِ القَدرِ
وقُلتُ لَهُ أنتَ تَحْتَلُّ فَقَط عُمْرِي
بَلْ
لاَ حُكمَ لكَ عَلى رُوحِي
وطفُولتِي تشفَعُ لي أنْ أقِفَ أمَامَكَ
كَمَا أشَاءُ
وقُدْسِيتكَ تتَهاوَى وانا أعِيشُها
كَمَا أنتَ تَشاء ُ
ألحسُ أصَابعِي لَكنّها ليْسَت بالحُلوَى
كَمَا يَظنُّ غيْرِي
ودَومًا أنْتَ تضْحَكُ …
ومنْ حَولكَ يضْحَكُ الكَونُ بنَفسِ تَمتثلاتكَ
خَطفْتُ مِنَ المَطَرِ غُنَاه
لأمْسِدَ ظَهْرَ الّليْلِ
وأنْتَ تَضْحكُ
فلعلِّي أعَجِّلُ السّفرَ
فأنَا
منْ يصحِّح وَجهه مِنْ هَفْوةِ النَّكَباتِ
وأنا مَن يُخمِّر فَواكِهَ الدَّهشَةِ لِسَكرَةِ المَوتِ
وَيسْكبُها رَحِيقاً فِي كَأس الحَياةٍ..
فاضْحَكْ يَا قَدرِي
فالبَلْوَى لاَ تزِيدُ القَدَاسَة الاِّ اخْتِيالاً….
المِرآةُ المَائِيّة التِّي تأكُلُ الوجُوهَ قَبلَ صَحْوةِ القَمرِ
كُنتُ أرُشُّها بِحَفنةِ رَملٍ
لِمسْحِ الخَجَلِ
والمسَاحِيقُ التّي صَنعَت مِن حُطامِ المَقابر ِغُرفًا للعِشقِ
ونَحنُ ننْتظِرُ مِن يُعبِّئُ بحْرَنا بِقَلِيلٍ مِن القُبلِ
قَادِرةً عَلى صُنعِ طِفلٍ بدُونِ هَويَّةٍ …
سَلامٌ عَليَّ رَضعْتُ حَليبِ المَحْرقَةِ
فعَطَشْتُ طَوِيلاً
تُهْتُ طَوِيلاً
وَمُتُ ألْفَ مَرَّةٍ طَوِيلاً
وَعِندَ كُلِّ عَوْدةٍ مِن بَعِيدِ المِيَّاهِ
أتَعَجّلُ السّفَرَ
ولا شَيءَ غَيرَ السّفَرِ
أضَعُ سَلَّتِي بِيمِينِي وأحْمِلُ الوَطَنَ عَلى ظَهْرِي
واهْتدِي سُبلَ السَّرابِ أمَامِي
حتَّى البَاب الحَدِيدِي لِلمِيناءِ
فأعُودُ مِن حَيْث أنَا
ويعُودُ الوَطنُ
بِنفْسِ الخَيْبةِ
انَا
مَنْ بِيَدِهِ لُغْزَ الشَّفَرَاتِ.
الألْوَانُ
مُجرَّدَ خُدعَةٍ للخُرُوجِ مِن نمَطيَّةِ العَرَاءِ
استِعْراضٌ عقِيمٌ لِكرْنفَالِ الشَّرِ
فِي وَجهِ الشَّرِ
لَكِن
الأشْجار التِّي تُرتِّب طَريقِي للِصّمْتِ
تَعرَّت لِغريبٍ مُقابلَ قطرة دمٍ ..
أشْجارِي أنا سَمَّيتهَا بِأحْزَانِي
وطَردْتُ الجرْذانَ والدِيدَانَ مِن أزَاهِيرِها
وزَوَّجتُ مِنهَا النَّخِيلَ …
جَنيتُ الخَناجِرَ والأحْجارَ وعُقمَ الَّليالِي
وقُلتُ لليمَامِ
أنا طِفلٌ يسْكٌنٌ فِي وجْهِ الشَّرَك
ويدِي مَمدُودةٌ للعُنقُودِ
تَنتظِرُ عَودَةَ الجَلادِ ..
عَودَة الحَطَّابِ المُصَابِ
عَودَة مَوسِمِ العَذابِ
وسِربِي فِي الجهَة التّي لا تعْترِفُ بصَفاءِ
المَطرِ
الجهة التّي يسْقطُ فِيهَا الورَقُ،
تغرقُ فيهَا الوُجُوه فِي عَلَقٍ
الأيَادِي تَمْسِكُ سِيَّاج البحْرِ
وصَيْحات النِّساءِ تَترُكُ خَرقًا فِي صَدى الفُصُولِ
القِطَطُ بِفُضُولٍ أوْ لاَ فُضُول
مُصطَفَّة علَى أكْبرِ حَبْلِ غَسِيلٍ تُلَمِّعُ سَكاكِينَ الذَّبحِ
والغِرْبانُ
تَبَرْنَسَتْ أكثَرَ فَأكْثرَ فَحَامَةً من شَوارِعِنَا
نعَمْ
شَوارعِنا بدُونِ أعْمدَة الكَهْرباءِ
بِدُونِ كَراسِي لِلحَوامِلِ
بِدُونِ مَأوَى للْغَرِيبِ والطَّرِيدِ
بِدُونِ فَرْحةٍ ليَومِ العِيِد
عُيونُ الأطفَالِ ترْحلُ
فِي مَرَاكبٍ صَنعُوهَا مِن وَرقٍ
وأَنا الطِّفلُ الوَحيدُ أجْرِي بلا وَطَنٍ
بلِاَ شَارِعٍ يَحْملُ اسْمي
بِلا تَارِيخٍ
يُذكِّرُنِي بمَملَكتِي فِي القَمَر
ربَّما
طائرٌ قَصَّ المَدى جَنَاحهُ
لِيخْلدَ جَاثمًا عَلى خيْبتهِ تَنصُّفاً بهَياكِلِ القُبُورِ
ويَعْثرُ فِي شَقْشَقةٍ دَخِيلَةٍ
لِيُخرِّط
أعْشَاشَ
المَدِينَةِ
بِالزَّعْفَرَانِ ومَاءِ العِنبِ