طنجة تحتفي ب « زينة الدنيا» لحسن أوريد

الكائن يصبح خفيف الظل حين يتحلل من التاريخ

 

ضمن جلساته الفكرية والأدبية، وبشراكة مع المركز الثقافي أحمد بوكماخ وبدعم من مقاطعة بني مكادة، نظم المركز المغربي «دراسات» بطنجة، عصر يوم السبت 25 يونيو 2022 بقاعة محمد شكري، لقاء مفتوحا مع الروائي والمفكر حسن أوريد موسوما ب» الرواية والتاريخ : بحث في العلاقة بين والتخييلي ، مع تقديم رواية « زينة الدنيا «.
بداءة، فتح مسير الجلسة ذ عبد المجيب رحمون شهية الحضور مرحبا بالضيف رجل دولة سابق ومفكر ومبدع، شاكرا كل المساهمين في تأثيث هذه العصرية الروائية، بعدها أعطيت الكلمة لنائب رئيس مقاطعة بني مكادة الذي عبر عن بهجة المقاطعة بدعمها للمجتمع المدني وأنشطته الفاعلة .
ثم قدم ذ « رحمون « سيرة روائية خاطفة لحسن أوريد التي تنبش في الذاكرة التاريخية للأندلس بأسلوب سردي ماتع، وطرحه لمجموعة من الأسئلة ذات العلاقة بين الروائي والمرجعي والمتخيل التاريخي، ليفسح المجال بعدها لضيف طنجة الذي استهل حديثه بشكر المضيفين والمدعمين وأصدقاء الرواية، واستحضر أحمد بوكماخ كرمز من رموز ذاكراتنا التربوية، ومدينته طنجة التي لها مكانة متفردة في وجدان المغاربة .
في البداية اعترف ذ. حسن أوريد بأنه ليس ناقدا أدبيا، بيد أنه سيسعى لملامسة هذه العلاقة بين التاريخي والروائي دون الوقوع في المطبات السياسية ، ليشير بعدها إلى أن هناك أعمالا أدبية بالعربية وبلغات أخرى حظيت باهتمام كبير في هذا المجال ، ولعل هذا الزواج الأبيض بين التاريخي والروائي ، من شأنه القفز على كل الحواجز والموانع التي يمكنها أن تكتنف ما هو تاريخي، ومن ثم، طرح مواضيع وقضايا لم تطرح بشفافية .
وعطفا على ما سبق، يرى ذ حسن أوريد أن لجوء الشعوب إلى التاريخ يعني أنها مسكونة بالحاضر وقضاياه، و هذا اللجوء لا يمكن أن يكون سوى ظاهرة صحية واستشفائية، وهوسا بقضايا الحاضر والمستقبل وعملية استكشافية، وتخفيفا من مثاقل التاريخ، حتى أن الكائن يصبح خفيف الظل حين يتحلل من التاريخ .
وبخصوص أسباب نزول هذا التورط الإيجابي في الرواية التاريخية، يقول حسن أوريد أنه جاءها عن طريق الصدفة ومن خلال قراءته لنص تاريخي لشهاب الدين الذي يتحدث عن شخصية موريسكية بالأندلس تسترت عن أصولها الإسلامية في ظرف تارييخي تميز بالاحتقان وصراع الحضارات .
وعليه، يكون هذا المتخيل التاريخي هو من سعى إليه، ليكتبه متحررا من التاريخ المنمط والاجترار ، وتوظيفه عبر تقنية اللعب من أجل دمقرطته ، وتحويله إلى طاقة إيجابية بعيدا عن التكرار، وبذلك تكون رواية «الموريسكي « موقفا من صراعات الحضارات، ومرايا تعكس القضايا الآنية للمجتمعات العربية وما تعيشه من احتقانات وصراعات آنية من قبيل الربيع العربي، وبذلك تكون الرواية ذات صلة حميمية بالواقع الذي نعيشه، ونتفاعل مع قضاياه مع طرح الاسئلة لأن مجتمعاتنا في حاجة للسؤال القلق ، وهو نفسه ماتوخاه من متخيله التاريخي بعد الانتكاسة التي عرفها الربيع العربي، ومن نماذج الشخصية العميقة بعيدا عن ما يسمى بالهوية لأن الهوية حمالة أوجه، وغالبا ما تقوم على الشفونية واستعداء الآخر، وفي نهاية المطاف لن يكون الإنسان سوى مجموعة من المكونات، وهذا ما يمكن ملامسته في رواية « سيرة حمار « وشخصيتها المحورية التي تعيش تمزقات هوياتية .
بخصوص روايته المحتفى بها « زينة الدنيا»، يرى حسن أوريد أنها امتداد لروايته « ربيع قرطبة « التي كتبها هاويا، حيث الاقتراب «من فكرة التسامح والتعايش بين أعراق مختلفة وملل مغايرة أن تعيش وتتعايش مع الآخر في مجتمع واحد، وهو مشروع روائي حقق ما يسمى بجمالية التلقي، وقد يكون هذا ربما بسبب حبكتها ، ولغتها التي كانت إغراء لعتاقتها وعضها بالنواجذ على عبقرية اللغة .
وصفوة القول، يمكن اعتبار رواية « ربيع قرطبة» وزينة الدنيا « توظيفا للتاريخ من أجل الاقتراب من ظاهرة مستشرية في مجتمعاتنا ويعني بها « ظاهرة الاستبداد « سرطانا تاريخيا في مجتمعاتنا ..
وقبل توقيع رواية « زينة الدنيا « أعطيت الكلمة للحضور بقصد السؤال، ثم بعدها أسدل ستار هذه العصرية الروائية بتقديم لضيف « طنجة زينة مدن الشمال» .


الكاتب : عبدالله المتقي

  

بتاريخ : 02/07/2022