مازال عرض الشريط السينمائي «فاطمة، السلطانة التي لا تنسى»، مستمرا في قاعة ميغاراما بالدار البيضاء، بعد أن شارك في المسابقة الرسمية لصنف الأفلام الطويلة بالمهرجان الوطني بطنجة..
إلا أن الفيلم الذي انتظره الجمهور طويلا كان مخيبا للآمال، بالنظر إلى طريقة التعامل مع سيرة ذاتية لشخصية وازنة في علم الاجتماع بالمغرب، حيث افتقر الفيلم إلى مشاهد قوية مليئة بمواقف حساسة من شأنها أن تمس الجانب الحسي والعاطفي، وتمكن المتابع من التعرف أكثر على الكاريزما القوية لشخصية فاطمة المرنيسي، ومدى قدرتها على التأثير والإقناع سواء في مجال العمل أو المواقف الاجتماعية.
وفي هذا الشريط ركز المخرج على ثلاث نقط أساسية، أعطى من خلالها صورة مثالية لشخصية فاطمة المرنيسي: الأولى تتعلق بطيبوبة الراحلة وسخائها المادي والمعنوي، وسعيها الدائم في تقديم يد المساعدة للجميع..
أما النقطة الثانية، فقد حول المخرج عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي، إلى متصوفة تحب زيارة الأضرحة والأولياء الصالحين، وتتابع طقوس الحضرة ورقصات الجدبة على إيقاع الموسيقى العيساوية.
وفي الأخير استعمل المخرج «الفلاش باك» مرات متكررة ليذكر بفاطمة الطفلة الطموحة المتمردة، التي تجمع بين التربية التي تلقتها في وسط محافظ، وبين أفكارها المتحررة التي كانت تدافع عنها منذ سن مبكر.
فالتركيز على هذه النقط، وإغفال جوانب مرتبطة بالحياة الشخصية والإنسانية لفاطمة المرنيسي، جعل الفيلم يفتقر إلى القصة وإلى مشاهد مؤثرة تفتح شهية المتابعة بدون ملل أو كلل، لكن للأسف لم ينجح الفيلم في رسم صورة مكتملة العوالم تعكس شخصيتها ولو بشكل نسبي، ولم يتمكن من التعريف بقامة علمية وأكاديمية ناضلت من أجل الحقوق ومن أجل الاهتمام بالتراث الإسلامي، ووهبت حياتها للبحث من أجل تغليب المعرفة على الأمية ومحاربة الجهل والتزمت، في مجتمع تحكمه الذكورية والتفسير الخاطئ للدين.
بالإضافة إلى ذلك، لم يدرج المخرج في فيلم «فاطمة، السلطانة التي لا تنسى» لقطات حقيقية توثق الصوت والصورة لفاطة المرنيسي، خاصة وأن عبد الرحمن التازي لم يكن يفارق ظلها كما جاء في الشريط، ولم يشر إلى اهتمامات الصحافة الوطنية بموضوع أيقونة علم الاجتماع والثقافة المغربية.
فعلا كان الفيلم مخيبا للآمال، لأن محمد عبد الرحمن التازي عود جمهوره على إنتاجات ناجحة، مثل فيلم باديس والبحث عن زوجة امرأتي وابن السبيل، الذي شارك فيه المرحوم نور الدين الصايل، إلى جانب الإعلامي السينفيلي صاحب برنامج سينما الخميس، علي حسن.
جدير بالذكر أن فيلم فاطمة السلطانة التي لا تنسى الذي تم عرضه الأول بقاعة ميغاراما غويا خلال مشاركته في المسابقة الرسمية ضمن فعاليات الدورة 22 للمهرجان الوطني للفيلم ، قد أحدث جدلا بين أعضاء لجنة التحكيم انتهى بانسحاب عضوين منها، بعد أن فشلا في إقناع باقي الأعضاء بمنح الفيلم الجائزة الكبرى.