عبد الحق تكروين:الفن مجال خصب للصراع والتوظيف السياسي

ازداد بمدينة الدارالبيضاء وامتلكه حب آلة العود منذ الصغر وعمق موهبته و شغفه هذا، بالدراسة بالمعهد الموسيقي بالدارالبيضاء ( كونسرفاتوار ) لمدة ثماني سنوات ثم سنتين أخريين بمعهد وزارة الثقافة، حيث حصل على الجائزة الشرفية سنة 1997 . مساره الفني أخذ أبعادا مختلفة بعد أن سافر إلى عدة بلدان خارج المغرب وشارك في ملتقيات موسيقية متعددة مع مشاهير الفن الأوركسترالي ولقي ترحيبا كبيرا، توجه أيضا نحو الموسيقى التصويرية و شارك في عدة مسلسلات مغربية، فضلا عن إسهاماته الغنائية الأولى في مسرحيات و ذلك منذ بداياته الفنية الأولى.
تنهل موسيقى عبد الحق تكروين أو تكروين صابر من ربيرتوارات موسيقية كلاسيكية غربية منها وشرقية، و تسير نحو أفاق الانفتاح على موسيقى العالم بكل أنواعها من جاز وموسيقى امريكا اللاتينية ولازالت تسير في خطاها..
بالرغم من تأليفات تكروين صابر المتنوعة، منها التي خرجت للوجود ومنها التي بقيت على الرفوف، على حد تعبيره، فتكروين لا يحب التحدث عن نفسه كثيرا، ولكن يعمل ويأمل في فرص تقديم منجزاته الموسيقية الأركسترالية التي تتطلب استعدادات معينة لم تتح له الفرص لتفعيلها بعد، خاصة داخل وطنه وبين أحضان المهرجانات واللقاءات الفنية والإبداعية المغربية.
للغوص في عوالم الفنان المغربي أكثر كان لجريدة «الإتحاد الإشتراكي» هذا اللقاء.

 

p أولا ما هو أصل اسم صابر تكروين الذي بدأت تعرف به مؤخرا؟
n هو الاسم الفني الذي قررت حمله لما يقارب السنتين، لكن لهذا الاسم أسبابه، فاسم صابر هو الاسم العائلي للمرحومة والدتي المرأة الرائعة التي توفيت مؤخرا رحمة الله عليها، وهو نوع من التكريم لها و اخترت أن أحمل اسم والدي معا: تكروين وصابر.
p نلاحظ تواجدك على مواقع التواصل واستعمالك له خاصة لنشر إبداعاتك، لكن تدوينة وقعتها مؤخرا أثارت الانتباه خاصة أنك قليل الكلام والخرجات، فهل الفنان صابر تكروين غير راض عن الحقل الفني المغربي . وللإشارة فالتدوينة أبانت عن موقفك من الفنانين الذين يصرون على نعت الفن ب»طرف الخبز» أو بعبارة أخرى مصدر العيش؟
n أولا حول عبارة «طرف الخبز»، فأود أن أقول بأن الفنانين بكل بقاع العالم يتعيشون بالفن ويعتبر الفن مصدر عيشهم «طرف خبزهم»، لكني أنا وضعتها في سياق فيه نوع من السخرية، لإبراز طبيعة النقاش الذي يدور بين بعض الناس و بعض الفنانين الذين يبررون رداءة الأعمال الموسيقية بهذا المعنى المجازي الذي هو «طرف الخبز»، وعوض أن يرتقي النقاش إلى ما هو جمالي وتحليل ونقد الفن من الناحية الجمالية وكذا النصوص وقراءتها قراءة فنية وأن يصبح لنا جمهور ينتبه لعناصر القوة والضعف في العمل الفني و يفهمها سواء كان في الموسيقى أو عمل تلفزيوني أو غير ذلك، تصبح عبارة «طرف الخبز» هي التي تسود.
وهاته العبارة تبرر حتى بعض التصرفات التي تقوم بها بعض شركات الإنتاج، لدرجة لو كانت هناك رداءة تكون شركة الإنتاج هي المسؤولة عنها، لكن من يكون في الواجهة هم الفنانون وهم من يبررون هاته الإنزلاقات والإنتاج الرديء، بالطبع أنا لا أعمم، ولكن هناك الكثير من الأعمال الفنية الطاغية يصدق عليها قولي، وبالتالي نفس النقاش يعاد في كل مرة وفي كل سنة حول المشهد الفني من خلال هاته النظرة الضيقة التي اختزلتها في تعبير «طرف الخبز».
ولكي أزيد في توضيح الأمر الذي يضايقني، فعندما نتحدث عن مواضيع فنية من منطلق «طرف ديال الخبز» فإننا نميع الموضوع، لأن الأصح هو أن نناقش الجماليات ويصبح الفنان في الحوارات يرتقي لمستوى أخر وتصبح الفنية ليست منحصرة في: كم تتلقى ماديا مقابل عملك ؟ وهل منحوك المال أم لا؟ بل نتطرق للإبداع في حد ذاته كعمل فني خالص ونتحدث عن الفنان في المقطوعة الفنية الفلانية لماذا وظفت ألة البيانو مثلا؟ ولماذا تم توظيف ذلك العمل الأوركسترالي أو نتناقش مع مسرحي مثلا حول مشهد معين؟ و لماذا وظف فيه إضاءة لا تنسجم مع كذا وكذا؟ ..إلخ في هاته الحالة سوف يجيب الفنان بما يبرر اختياراته الجمالية ويحاول الدفاع عن وجهة نظره، وبالتالي سينتقل الحوار لمستوى راق فني، لكن كلمة «طرف الخبز» هي التي تغيظني، لأنها تعطي انطباعا أن الفن مرتبط بالفقر، ولو أن الفقر ليس بعيب، ولكن نصبح نناقش الفن من مستوى الحضيض وليس من مستوى الرقي والرفع بالذوق.
أما رأيي في الفن يبقى نظرة خاصة بي، فهو نظري لأنه سيدفعني للحديث عن الفن ووظائفه وعن اختلاف ذلك من مجتمع لآخر ومن هذا المنطلق فدرجات الوعي ستتفاوت بين كل فنان وآخر. شخصيا أعتبر الفن ذاك الكل المتجانس مع مجموع الأعمال الفنية الأخرى والتي تخلق الإمتاع بصفة عامة وتجعل الجمهور قادرا على تذوق الموسيقى والمسرح والرسم وفنون التصوير والرقص …إلخ في شموليته، المتلقي يصل إلى مرتبة إدراك هذا التناسق والتكامل في ما بين هاته الفنون وليس فقط النظر إليه بنوع من السطحية، و في هاته الحالة يصبح بطبيعة الحال لدينا جمهور لديه ملكة النقد ، في إطار المحددات الجمالية لكل مجتمع، جمهور ينفر من الرداءة التي تكرسها حتى بعض المنابر الإعلامية والكثير من وسائل التواصل الإجتماعي التي بدأت تصوت لكل من يدعي أنه فنان لمجرد أنه أنجز عملا اعتبره فنيا.
p هو توضيح رائع وتحميل المسؤولية للفنان كما للمتلقي؟
n لكي أكون عادلا، فعندما أتحدث عن الجمهور فهو من باب الطموح أن هذا الأخير يرقى وتصبح له ملكة نقدية، ولكن لا أحمله هو وحده هاته المسؤولية وكأنه معزول عن بيئته، فالجمهور يعيش في مجتمع به الدولة والسلطة ووسائل الإعلام ..
وأنا واع بأن السياسة لها ارتباط بالفن بحكم أن هذا الأخير يكون مجالا للتوظيف،إما للإلهاء أو للرقي بالمجتمع، بل يكون معيارا لتقييم المجتمعات ورقيها، على اعتبار ان الفن يكون مجالا للتفاخر والتباهي ومعيارا للرقي بالنسبة لدولة معينة بما فيها المجتمعات السائرة في طريق النمو كالمغرب مثلا الذي يتطلع للحصول على مكتسبات ديمقراطية. وبالتالي فإن الفن مجال خصب للصراع والتوظيف السياسي من طرف الدولة. وهنا أود ان أقول بأن في نظري أن العاملين في هذا القطاع بالمغرب لم يستطيعوا أن يبرزوا بعد ما يزخر به المغرب من قيم فنية وجمالية ويتم التركيز في أغلبية الأحيان مثلا في المجال التمثيلي والمسرحي، على الإضحاك على حساب أعمال فنية بها اجتهاد، وبالتالي وما أود إيضاحه هو أن الفن بالمغرب يكون أحيانا مجالا للتوظيفات السياسية المتضاربة، وتدخل في الخط، بطبيعة الحال، شركات الإنتاج التي تسعى فقط للربح المادي أكثر من تطوير الفنون. هذا عامل، بالإضافة بالطبع لعلاقة الجمهور بالفن.
p لديك اهتمامات أيضا بالموسيقى التصويرية وتم ارتباط اسمك وتأليفاتك بعدد من الأعمال الفنية المسرحية بطبيعة الحال وكذلك المسلسلات التلفزية؟
n في ما يخص الموسيقى التصويرية بالفعل تدخل أيضا ضمن اهتماماتي، بحيث قمت بتهييء أعمال عديدة ومن بينها مسلسل «دار الضمانة» لعادل مجبود وإنتاج إماج فكتوري، و مسلسل «العيون الغائمة» للمخرج سعيد خلاف و تيلي فيلم «ألوان في المنفى» لمصطفى مضمون و فيلم وثائقي بعنوان «حياة مجاورة للموت» ويتطرق لقضية الصحراء وتاريخها ونشأة البوليزاريو وهو من إخراج لحسن ماجيد ومن إنتاج شركة رحاب برود، والسلسلة التي اشتغلت عليها في رمضان هي بعنوان «حديدان وبنت الحراز» من بطولة كمال كاظمي لكن برؤيا جديدة وإخراج محمد نصرات وشركة وردة قيزيون.
من جهة أخرى، اشتغلت في بداياتي على موسيقى المسرح خاصة مع فرقة فضاء اللواء للإبداع مع المخرج بوسرحان الزيتوني. وتعاملت مع فنانين كثيرين ومنهم أصدقاء ك:أمين الناجي وكمال كاضمي وآخرين وكلها أعمال تدخل في إطار الموسيقى التصويرية وتدخل ضمنها الأعمال التي تكون تحت الطلب والتي تفرضها المسرحية. الاشتغال على هاته الفئة من الأعمال هي أيضا تجعلك تتواجه مع عدة إكراهات، بحيث وانطلاقا من رؤيتي كموسيقي مبدع، أرى بأننا في المغرب لم نصل إلى المستوى المطلوب مما يسمى بالموسيقى التصويرية. و عندما أتحدث عن الموسيقى التصويرية شخصيا، فلي طموح وهي أن نصل إلى ما عرفته الأعمال الفنية العالمية ولو أن الأمر ليس بهاته السهولة التي أتحدث بها، والسبب أن الموسيقى هي آخر شيء يتم التفكير فيه من طرف الشركة المنتجة سواء للأعمال السينمائية أو التلفزية.. وخير دليل، أن الميزانية التي تخصص للموسيقى تكون هزيلة جدا وهذا لا يسمح لإنجاز عمل به رؤيا معينة، وأتحدث عن نفسي في هذا الإطار، إذ لا أتمكن من الإنجاز في إطار نظرتي لما يجب تحقيقه، إذ أعتبر أن من الضرورة إعطاء الموسيقى أهمية أكبر وعلى المبدع أن يأخذ حريته الكاملة. خاصة أن الهدف يكون هو الوصول إلى مستوى عال من التناسق ما بين التشخيص والإخراج .. وتأتي الموسيقى لتكمل ذلك الهدف الذي نسعى إليه، ففي غياب هاته الشروط يصعب أن الموسيقى تأخذ حقها المادي والمعنوي وتجعل من الأعمال الفنية متجانسة وتكمل بعضها البعض: تشخيصا وإخراجا وموسيقى..إلخ.
فحلمي كموسيقي أنه عندما يكتمل عرض الفيلم نربح لحن موسيقى ومقطوعات موسيقية بإمكانها ان تعرض على المسارح وأمام الجمهور يغض النظر عن الفيلم أو المسلسل الذي أنشأت من أجله في اليوم الأول.. شكلها كشكل العديد من الأعمال العالمية الشهيرة التي نعرفها وذاع صيتها، و خير دليل على كل ما سبق موسيقى الأفلام الخالدة العالمية التي تقدمها أكبر الأوركسترات الموسيقية العالمية منها فيلم «باراديزو» موسيقى أوليوموريكون التي بقيت خالدة وموسيقى جون ويليامز لفيلم «لاليست تشينغلر» ولو أن المقارنة غير جائزة. لكن إذا لم نكن نرغب في هاته المقارنات، فلنفكر في موسيقانا الداخلية المحلية ونحلم بترويج مختلف التراث الذي نتمتع به، شرط أن نضع الموسيقى في المرتبة الأولى. وأريد أن أحدد أنه ليس انتقاصا من الموسيقيين والفنانين ببلادنا. فأنا جزء من هاته الأزمة وليس لي أي بديل ولكن أطمح أن موسيقاي تسمع بشكل كبير.
وفي هذا الإطار، وكتكميلة لموضوع الموسيقى التصويرية، أود التطرق إلى حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وهذا موضوع أثار نقاشا كبيرا على صعيد المغرب بين الفنانين وبين المسؤولين عن هذا القطاع، وهي الحقوق المهضومة في مجال التعويضات المعمول بها دوليا، بحيث أن أي فنان يضع أعماله ما بين أيدي شركة معينة إلا ويجب أن يتقاضى عنها عائدات التي تخضع لمعايير معمول بها وكذلك بالنسبة للممثلين.. لكن للأسف، هذا ليس واضحا بشكل كبير. إذ لا يكون هناك إنصاف للموسيقي في حقوقه أو ما يسمى بالحقوق المجاورة. وأعني بالحقوق المجاورة أن الموسيقي الذي شارك في أي عمل إبداعي معين، كعازف أو ملحن أو أو.. فيجب أن يتقاضى عائدات بالنسبة التي ينص عليها القانون، وهذا ما يتواجد في جميع الدول التي تضمن الحقوق للعاملين في هذا الإطار، وبالنسبة للمغرب رغم تواجد القانون إلا أنه لازال فيه لبس وغموض من طرف المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وباعتباري فنانا فلا زال على الفنانين أن يطالبوا بتوضيحات أكثر وأن يشتغلوا على الموضوع بشكل حرفي .
p ذكرت علاقتك بالمسرح من خلال الموسيقى التصويرية، فهلا تحدث للجمهور قليلا عن هاته التجربة؟
n اشتغلت كثيرا مع فرقة اللواء للإبداع مع المخرج سرحان الزيتوني والمرحوم سعيد الطنور الذي كان دائما حاضرا في المسرحيات التي شاركت فيها وكمال كاظمي وأمين الناجي.. وكنت قد لعبت معهم في مسرحية «حديث ومغزل» للكاتب الرائع سالم كويندي ومحمد طبعي، وقد لعبت فيها دور المكفوف، دور كاكاني وهي شخصية شعبية أخذت فيها دور الراوي الذي يحكي قصة المسرحية، ثم لعبت دورا في مسرحية «الريح»، ووضعت لها الموسيقى التصويرية والأغاني و قد لاقت نجاحا هي الأخرى، وهي مأخوذة عن مسرحية «لعب الدراري» للكاتب الأرجنتيني خوصي كاريانا، ثم شاركت معهم في مسرحية «أو سويفون» وهي مأخوذة عن مسرحية «رجل لرجل» للكاتب بريختو، هي كلها مسرحيات لعبت فيها دور موسيقي، وبهذه المناسبة أترحم على الفنان سعيد طنور الذي كان شخصية رائعة من الناحية الفنية ومن الناحية الإنسانية الذي كان حاضرا في هاته المسرحيات بالإضافة للإخوة الفنانين الأخرين من بينهم كمال كاضمي.
p تكروين موسيقي يحب آلة العود ويتجه نحو تكريس هذا البروفايل ويغزو العالم بتأليفاته كما يبحث ويدرك أهمية التلاقح بين الحضارات من خلال الموسيقى ما مدى صحة هذا الأمر؟
n بالفعل كنت دائما مهتما ومولعا بآلة العود وأول تجربة موسيقية لي بشكل فردي، بعد تجاربي الأخرى لا مع مجموعة النورس ولا في المسرح، كانت مع «باسكال بوكي « بفرنس، وهي عازفة على العود الغربي و أستاذة هاته الآلة بباريس ثم بعدها مع «ميشال جوندر» وهو أستاذ يدرس بمدينة بواتيي و شاتي لوروا..، وهؤلاء عازفون معروفون بفرنسا، كما كونا ثلاثيا وشاركنا في مهرجان «لي كور دو بانسي « بفرنسا، وأعدت التجربة مع عازف آخر يلعب القيتارة وهو «سيباستيان غابريي» وعزفنا مجموعة من ربيتوارات موسيقى أمريكا اللاتينية وكذلك مع عازف آخر مغربي ويعزف الغيتارة واسمه الناجي وهاته التجارب كانت في الفترة التي عزمت الاشتغال كعازف فردي على آلة العود، مع أنني لم أعتبر يوما أن العود يعزف كآلة فردية، بطبيعة الحال كانت هناك تجارب لي سابقة وكنا نستلهم أبناء جيلي من تجارب أخرى سبقتنا، شرقية منها وتركية كنا ..نسمع لعمر البشير ورياض السنباطي وفريد الأطرش وفي المغرب كان لنا عازفون كثر، في وقت من الأوقات فكرت أنه يجب أن تتطور. والتأليف الموسيقي بآلة العود هو أن ترافق العود بآلات أخرى وهذا ما دفعني إلى تلحين مقطوعات موسيقية على أساس البحث عن طرق تنفيذ هاته المعزوفات على أساس أن تعزف أمام الجمهور. ولحد الآن لدي قطع كثيرة و أطمح أن أقدمها مع الأوركسترا، لكن هذا يتطلب ترتيبات معينة وفرصا إما مهرجانات وإما عروضا تشترى أو تباع لجهات معينة التي تستضيفك وتوفر لك شروطا معينة لتستطيع تقديم ذلك العمل بالشكل الذي تحلم به، في ظل كل هذا تمت دعوتي لبلجيكا من طرف فرقة موسيقية اسمها «إليوتروب» وتم العرض على شرفي، فتلك العروض التي يقومون بها تكون مرة كل سنة وهي عروض صيفية، أرسلت لهم قطعي الموسيقية وكان هناك تجاوب كبير مع مقطوعاتي وتم تلقيها كذلك من العازفين الذين كانوا في نفس الوقت أعضاء الفيلارمونيك الملكية وكان حفلا رائعا. وهاته التجربة فتحت لي باب علاقات متميزة ومن بينها تلك التي ربطتها مع عازف الكونترباس «أوندريكلينس» الذي توطدت صداقتي معه فعزفنا في لقاءات كثيرة من بينها مثلا المهرجان الدولي للعود في تطوان.. بعد ذلك فكرت في تطوير نفسي بشكل أخر فبعد تجربة الثنائي والثلاثي، فكرت في خوض تجربة رباعي، باستعمال العود بيانو باتري وباص، وكان معي عازف رئيسي رائع من أصل فرنسي وهو عازف البيانو «غيوم ديبوا» وهاته التجربة كانت مهمة شاركت بها في اليوم الوطني للموسيقى الذي تنظمه «كازا إيفنت» وكان عرضا رائعا في الهواء الطلق ثم تلتها مشاركتي في مهرجان «كاتارا» للعود في قطر مع عازف البيانو غيوم. وأريد بالمناسبة تصحيح نقطة، إذ كتب في بعض المنابر بأنه تم تكريمي في مهرجان كاتارا في قطر، بل لم يكن الأمر كذلك هو فقط تشريف إذ تم تسليم الموسيقيين في نهاية المهرجان «عيدان فضية، رمزية « هو نوع من الحفاوة بنا كلنا بحيث كان مجموعة من العازفين الشهيرين مثل يوحنا شاربل من لبنان وطارق الجندي من الأردن.إلخ . هذا هو باختصار بداية تجربتي مع العود في سنة 2001 ولو أنها في الحقيقة بدأت قبل هذا بكثير ، لكن تبقى هي البداية الفعلية التي دفعتني للتأليف الآلي L’instrumental.
بالموازاة مع هاته التأليفات كانت هناك تأليفات موسيقية أخرى أضعها بين الفينة والأخرى منذ سنة 2014 بحيث شاركت في مشروع الدعم الذي خصصته وزارة الثقافة للموسيقيين وفي تلك المرحلة شاركت بمشروع ثلاثي: العود والإيقاع والباص، وأبدعت ألبوما أطلقت عليه إسم «ينابيع» وبعده مشروع أعطيته اسم «حلم» وكان عبارة عن عمل موسيقي مؤلف من عدة آلات موسيقية بها الكمنجات والبيانو وجزء كبير منها يتواجد بقناتي على اليوتوب ، بعد «حلم» أعددت مشروعا بعنوان «حنين» وهو ألبوم موسيقي به أربع مقطوعات .
حاليا سيصدر ألبوم آخر يضم خمس مقطوعات موسيقية بعنوان «رسائل حب» ويدخل دائما في إطار الرؤيا الموسيقية التي يحلم بها الكثير من الموسيقيين والتي تتمثل في ذلك العمل الموسيقي «المتعدد الأصوات» أو Polyphonie:
وكما أقول دائما أبدع في إطار الشروط المتوفرة لأنه بالرغم من كل ذلك أقاوم الظروف التي تجعل العديد ييأس ويبعد عن المجال، وأقول أنا الذي اخترت هذا المجال ولهذا انا أناضل فيه وسأبقى كذلك إلى أخر لحظات من عمري.
p لك العديد من التأليفات الموسيقية وتشارك بمهرجانات خارج المغرب لما لا نراك كثيرا في اللقاءات الفنية التي تؤطر هذا النوع من الإبداع، أهو تأكيد لمقولة «مطرب الحي لا يطرب؟
n صحيح، فما أطمح له الآن ليس الموسيقى التصويرية بل أن أقدم العروض التي أبدعت سنين فيها وهي تتواجد الآن في الرفوف و آخر عرض قدمت للجمهور كان سنة 1919 ومنذ تلك الفترة لم أقدم عرضا . بطبيعة الحال هناك ظروف كورونا ولكن قبل كورونا كانت لي هذه الرغبة و المطالبة بأن يدرج اسمي ضمن قائمة الأسماء التي تشارك في المهرجانات على صعيد المغرب، أعي بأنني أنهج نوعا من الموسيقى التي تعتبر خاصة، لكن هناك مهرجانات بإمكانها أن تستضيفني، فلدي ريبرتوارات موسيقية أعتبر أن لها مكانتها ومن الممكن أن تدرج اسمي ضمنها.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 18/06/2021