عبد الرحيم شهيد يفضح واقع الصحة: المغاربة يموتون أمام المستشفيات والحكومة ترفع شعارات فارغة

الكرامة المهدورة والحق الغائب:
المعارضة الاتحادية تضع مرآة مؤلمة أمام فشل الحكومة في اصلاح الصحة

 

 

وجه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، انتقادات قوية للحكومة بسبب ما اعتبره فشلًا ذريعًا في تكريس الحق في الصحة وضمان الكرامة والعدالة الاجتماعية، وذلك خلال جلسة المساءلة الشهرية المخصصة للسياسة الصحية، يوم الاثنين 7 يوليوز 2025 بمجلس النواب بحضور عزيز اخنوش رئيس الحكومة .
وقال شهيد إن شعار الدولة الاجتماعية الذي ترفعه الحكومة لم يجد له أثرا في الواقع الصحي اليومي للمغاربة، معتبرا أن الاختلالات البنيوية والتدبيرية ما زالت تطبع المنظومة الصحية رغم الوعود الحكومية. وأكد أن الحكومة لم تفِ بما التزمت به في برنامجها، ولم تقدم الحصيلة المنتظرة وهي على مشارف نهاية ولايتها، متسائلا عن التدابير العملية التي اتخذت لتوسيع الولوج إلى خدمات صحية لائقة بمختلف جهات المملكة.
وانتقد النائب الاتحادي ما وصفه بإعادة إنتاج نفس الأجوبة التي سبق أن قدمها رئيس الحكومة في مناسبات سابقة، مع فقدان الحماس وغياب الجدية في التعاطي مع ملف حساس يمس الحياة اليومية للمواطنين، مذكرا ببعض الالتزامات الحكومية التي لم يتم الوفاء بها، من قبيل جعل المستشفى بنية جاذبة وتعميم الطب عن بعد وتوفير بطاقة طبية ذكية وتحسين الإنفاق المباشر على الصحة، وكذا تخصيص منح للأطر الطبية العاملة في المناطق النائية وتعزيز خدمات الإسعاف الطبي.
وتوقف شهيد عند جملة من الاختلالات الكبرى التي تؤكد ضعف نجاعة السياسات الصحية الحكومية، من أبرزها غياب استراتيجية واضحة لتفعيل النصوص التنظيمية المرتبطة بالقانون الإطار رقم 06.22، مما تسبب في تأخير تنزيل وكالات ومؤسسات أساسية كالهيئة العليا للصحة ووكالة الأدوية والدم، وهو ما انعكس سلبا على البرامج الصحية الترابية.
وسجل أن التمويل العمومي الموجه للصحة ما زال ضعيفا، حيث تغطي الدولة فقط 41 في المئة من النفقات، مقابل تحمل الأسر المغربية لأزيد من 50 في المئة، في ظل أسعار أدوية مرتفعة تصل نسبة الربح فيها إلى أكثر من 100 في المئة، ما يجعل مئات الآلاف من المواطنين يلجأون إلى الاقتراض أو العجز عن تلقي العلاج.
وأشار شهيد إلى أن نسبة التأطير الطبي وشبه الطبي في المغرب لا تتعدى 1.7 لكل ألف نسمة، في حين توصي منظمة الصحة العالمية ببلوغ 4.45 لكل ألف، مذكرا بأن المغرب يعاني من خصاص يناهز 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض، مع هجرة سنوية تتراوح بين 600 و700 طبيب، خاصة الأطر المتخصصة والأساتذة وطلبة الطب، مما يضعف القدرة على تلبية حاجيات المواطنين، لاسيما في المناطق البعيدة.
واعتبر أن التفاوت الصارخ بين القطاع العام والخاص يكرس التمييز في الولوج إلى العلاج، حيث تتركز الخدمات الصحية المتطورة في المصحات الخاصة، التي تستحوذ على 11.2 مليار درهم من تمويل التأمين الإجباري، مقابل نسبة أقل بكثير للمستشفيات العمومية، رغم أنها تمثل الجزء الأكبر من العرض العلاجي.
كما نبه إلى ارتفاع أسعار الأدوية والتحاليل والفحوصات، وغياب التعريفة المرجعية المتوافق عليها، وافتقار المناطق الهشة للأمصال الضرورية، وفشل الحكومة في تطوير نظام معلوماتي رقمي موحد يضمن جودة الخدمات وتناسقها وسرعة اتخاذ القرار.
وفي مرافعة مؤثرة، تساءل شهيد عن موقع الكرامة في منظومة تعاني من طول المواعيد، ومواطنين ينامون في ممرات المستشفيات أو يتنقلون مئات الكيلومترات لتلقي العلاج، ونساء حوامل يضعن مواليدهن في الطريق بسبب غياب وسائل النقل الطبي، ومرضى نفسيين لا يجدون سريرا أو طبيبا بسبب ضعف الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الاستشفائية المتخصصة.
كما استحضر معاناة مرضى السرطان الذين قد ينتظرون شهورا قبل الشروع في العلاج، ما يقلص فرص الشفاء، ومواطني الطبقة الوسطى الذين يضطرون للاستدانة بسبب تكاليف العلاج الباهظة، والمغاربة الذين يُطردون من المصحات بسبب عدم توفرهم على شيك على بياض، ومرضى العجز الكلوي الذين يجدون صعوبة بالغة في ولوج خدمات تصفية الدم.
وختم شهيد بالتأكيد أن الحق في الصحة والكرامة لا يتحقق بالشعارات، بل بتغيير الواقع الملموس وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والمجالية، محملا الحكومة مسؤولية استمرار الفجوة الصحية التي تهدد استقرار المجتمع وتقوض ثقة المواطن في السياسات العمومية.


الكاتب : الرباط – محمد الطالبي

  

بتاريخ : 09/07/2025