في عالم الفن المعاصر، يبرز عبد القادر كمال كأحد الفنانين المبدعين الذين استطاعوا أن يمزجوا بين التراث العربي الأصيل وعناصر الحداثة، مقدما رؤية فنية فريدة لا تقتصر على الشكل بل تحمل دلالات ثقافية وجمالية عميقة.
أعماله الحروفية التجريدية لا تعد مجرد لوحات فنية، بل هي نوافذ تفتح على عالم من الرموز والمعاني التي تتجاوز حدود الزمن والمكان.
ما يميز أعمال عبد القادر كمال هو استخدامه الفريد للحرف العربي ليس فقط كوسيلة للتواصل اللغوي، بل كعنصر بصري يتنفس ويعيش داخل فضاء اللوحة، في لوحاته يأخذ الحرف العربي شكلا حيا، يتحرر من قيوده التقليدية ليظهر في صور متجددة، تتراوح بين الشفافية التامة والصلابة الطاغية.
الحرف في أعماله ليس مجرد رمز بل روح تعبر عن الذاكرة الثقافية والتاريخية، ما يجعله جزءًا من تجربة فنية متجددة تعيد ابتكار المعنى في كل مرة.
ولد عبد القادر كمال في مدينة الجديدة المغربية، وهي بيئة شاطئية أثرت بعمق على تشكيل رؤيته الفنية البحر بألوانه الزرقاء والرمال الذهبية، كان لهما دور محوري في ابتكار ألوانه الخاصة التي تزين لوحاته. الألوان التي يستخدمها لا تقتصر على كونها مجرد ظلال، بل هي جزء من حوار بصري عميق بين الأرض والسماء، بين العالم المادي والروحاني.
تدرجات الألوان التي يعتمدها، مثل الأزرق والأرجواني، تُظهر تناغما خاصا بين الطبيعة والألوان التي تُمثل تفاعلا عميقا مع الفضاءات المحيطة.
ما يميز تجربة كمال هو استخدامه للتجريد كجسر يربط بين الماضي والحاضر.
في لوحاته، يتحرر الحرف من كونه مجرد أداة لغوية ليصبح جزءًا من تكوين تجريدي يحاكي الحواس والعقل معا، هذا المزج بين الحروف والتجريد لا يقتصر على الشكل البصري ،بل يتجاوز ذلك ليخلق لغة بصرية تخاطب المتلقي على مستوى أعمق من المعنى.
من خلال أعماله، يسعى عبد القادر كمال إلى نقل رسالة تحمل في طياتها أهمية إعادة إحياء الحرف العربي ليس كأثر تاريخي، بل ككيان حي يمكنه التفاعل مع العصر الحديث.
أعماله لا تدعو فقط للحفاظ على التراث، بل تُعيد تفسيره من خلال الرؤية الفنية المعاصرة.
الحرف العربي في لوحاته يتخطى كونه جزءا من الماضي ليصبح لغة بصرية تعبر عن الحاضر والمستقبل.
الفن الحروفي التجريدي لعبد القادر كمال، هو أكثر من مجرد تجسيد للحرف العربي، إنه دعوة لإعادة التفكير في الفن، وفي كيفية توظيف التراث الثقافي لإنتاج أعمال تواكب العصر دون أن تفقد جوهرها الأصلي. أعماله هي رحلة بصرية وفكرية تتناغم فيها الألوان والأشكال، وتفتح أمام المتلقي أبوابا جديدة للتأمل والتفكير في العلاقة بين الإنسان وتاريخه، وبين الماضي والمستقبل.