عبد الكريم القسبجي نجم جيل الجيلالة يقاسمنا سيرته -29- سعيد الشرايبي عازفا لجيل جيلالة

هذا مشروع كتاب،سيصدر عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر ضمن سلسلة»مراكشيات».
يتطرق الكتاب لمسار المجموعات الغنائية من خلال السيرة الذاتية لاسم من أسماء زماننا،فنان جيل الجيلالة عبد الكريم القسبجي،مستعرضا تجربته وكثيرا من مفاصل حياته الشخصية والفنية،فالرجل متشرب للفن عمليا وتطبيقيا،مُرتوٍ حتى الثمالة بإيقاعات متنوعة ومختلفة، واقفا عند بصماته التي تركها على تاريخ المجموعات الغنائية، وعلى فرقة جيل الجيلالة بوجه أخص،بوصفه صوتا جميلا متميزا،منحها نفسا جديدا ودفقة حرارية فياضة،أكسبتها طاقة على تأكيد وجودها وفرض ذاتها أمام المجموعات الغنائية الأخرى.من هنا،يمكن القول ان الكتاب يشكل قيمة مضافة ومكسبا من حيث كونه وثيقة هامة، وثيقة فنية، وثيقة تاريخية وعصرية.

قلما يعرف الجمهور أن الموسيقار الكبير سعيد الشرايبي عزف لجيل جيلالة، وكان هذا شرفا للمجموعة أن يشاركها موسيقار من حجم الشرايبي.
فبعد مغادرة مولاي عبد العزيزالطاهري و محمد الدرهم للمجموعة، ظل مولاي الطاهر وعبد الكريم يقودان السفينة، لكن كيف السبيل إلى الاستمرار مع غياب ركيزتين إبداعيتين من حجم الرجلين؟ بعد تسجيل عمل جديد بمعية باقبو وحسن وحميد الباهري بعنوان «يا للي غادي وتكدم» ارتأى عبد الكريم ومولاي الطاهر معاودة الاتصال بمولاي عبد العزيز الطاهري لإعداد عمل جديد، هنا سيقترح مولاي عبد العزيز أن تعود سكينة من جديد إلى المجموعة ومحمود السعدي، وهو ما تم، خاصة بعد مغادرة مصطفى باقبو وحسن مفتاح، العمل هذه المرة سيكون بعنوان «الدامي والرامي»، وهو عمل من إبداع مولاي عبد العزيز الطاهري، بقي المشكل أن الفرقة لا تتوفر على عازف، فتم الاتصال بسعيد الشرايبي الذي كان صديقا مقربا من الطاهري، فقبل أن يسجل عزفه مع المجموعة.

انسحاب مولاي الطاهر
بعد هذا العمل، ستطفو من جديد مشاكل أخرى داخل المجموعة، نظرا لاختلافات في وجهات النظر بشأن التعاطي مع المشاريع الفنية، وهو ما سيدفع بمولاي الطاهر الأصبهاني إلى الانسحاب والعودة إلى عمله القديم التمثيل والمسرح، وبالفعل ذهب مولاي الطاهر للعمل في مسرحية بمعية عبد الجبار الوزير، وحميد شقيق البدر، وعبد الواحد التطواني، وترك جيل جيلالة، فمولاي الطاهر، ورغم الغناء، ظل طيلة مسيرته يعود بين الفينة والأخرى إلى المسرح.
بعد انسحاب مولاي الطاهر لم تتمم المجموعة ما اتفقت عليه سابقا، إذ ظل عبد الكريم وحيدا بها، ولأن الحال لا يجب أن يتوقف، وبحكم أن جميع الرواد قد عادوا إلى الوراء، اضطر عبد الكريم إلى إعادة لم صفوف المجموعة، بعد أن استعاد باقبو وحسن مفتاح وأدمج عنصرا آخر، وهو عبد الحفيظ، الذي كان يشتغل مع الفنان طاهور، ثم استقدم صديقه حمادي، عضو فرقة لمشاهب الذي كان يعيش حالة فراغ بعد الصراعات التي عصفت بهذه المجموعة (لمشاهب)، على إثر بعض الخلافات، هذا الخماسي سيصدر عملا جديدا بعنوان »زارع الريح»، وهو العمل الذي توج بجولة في المغرب تلتها جولة أخرى بفلسطين.
مباشرة بعد العودة من هناك، سيفاجأ عبد الكريم باتصال من منظمين بهولندا يريدون مشاركة جيل جيلالة في جولة فنية كبرى، وبحكم أن حمادي في تلك الفترة، التحق بالفنان الشريف لمراني، الذي كان مقيما في تونس، اضطر عبد الكريم إلى الاتصال بمولاي الطاهر، الذي كان في جولة مسرحية وطلب منه أن يلتقيه، وكان مولاي الطاهر ساعتها بمدينة الصويرة، فحددا موعدا بعد يومين في مراكش، حيث أطلعه عبد الكريم على برنامج الجولة والعقود التي يتوجب توقيعها، فقبل مولاي الطاهر وعاد إلى فرقته.
ركود الغناء سيدفع عبد الكريم إلى الرجوع إلى المسرح، بمعية مولاي الطاهر الأصبهاني في عمل لعبد العظيم الشناوي، ألفه مولاي عبد العزيز الطاهري بعنوان بين «البارح واليوم» يقول عبد الكريم:»لقد عشنا تجربة فريدة، لم نخطط لها، غيرت المسار الفني المغربي، وجعلتنا كشباب، نتشبث بتراب هذا الوطن، لأننا خبرنا معدنه، فهذا التراب الذي لا ننظر إلى تحت أقدامنا لنراه، هو ما دفعنا، بمعية باقي الفرق الأخرى، إلى ولوج باب العالمية، وإيصال الفن المغربي إلى باقي الأقطار، وهنا لابد أن أحيل القارئ على التجربة السينمائية الهندية، التي رغم بلوغ نجومها العالمية، ظلت مرتبطة بأصولها دون زيادة أو نقصان، اللهم في جوانب تقنية بمقدورها أن ترفع من شأنها، وهي اليوم تعد أحد أعمدة الاقتصاد الهندي، ولها جمهورها عبر العالم، ما أريد أن أختم به هو أنه لا يمكن بلوغ العالمية بدون الكشف عن مخزون تُرْبَتِكَ ومكنون تراثك، فهناك يكمن السر».


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 01/07/2017