عن عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع بالأردن، إربد 2025م، صدر للشاعر والناقد المغربي عبد اللطيف الوراري كتابٌ جديدٌ تحت عنوان: “شعر اللحظة الراهنة: أسئلة ورهانات”؛ وهو في الأصل استقراء نقدي وثقافي مغربي- مشرقي يمسُّ في الصميم أوضاع الشعر العربي المعاصر وما يشهده من إشكالات وقضايا على صعيدي الشكل والمضمون، أو من إبدالات فكرية وجمالية متراصّة لا يصحُّ تناولها بمعزل عن الوضع الراهن بتحوّلاته وانفجاراته وهجراته وإحباطاته وموجات الخوف واليأس والشك والعدمية التي صار يشيعها في نفوس المعاصرين.
وتأتي أهمية هذا الكتاب النقدي الحواري في أنه يخوص تلك الإشكالات والقضايا من زوايا ووجهات نظر مختلفة ومتعددة، وفي سياق مخصوص تتعالى فيه نبرة دعاوى القائلين بأنّ الشعر خفت صوته وانحسر دوره في التعبير عن حركة المجتمع وحاجياته النفسية والمادية، أو أنّه يمرّ بأزمة حقيقية تهدد وجوده، بل قد يمثل – كما يزعم بعض الناس- ارتدادًا عما تحقّق للقصيدة العربية في عصرها الذهبي الحديث.
جاء على غلاف الكتاب: «في عام 1968، أصدر الناقد المصري غالي شكري كتابه ذائع الصيت (شعرنا الحديث.. إلى أين؟)، وقد قامت أطروحته الأساسية على اعتبار أنّ الحداثة ليست واحدة على صعد المفهوم والمرحلة التاريخية ومنازل الريادة، وأنّها تمسُّ الرؤية الشعرية للعالم. بعد نصف قرن ونيف، جرت مياهٌ كثيرةٌ تحت جسر الشعر العربي، والحداثة الشعرية لم تعد حكرًا على المراكز بل همّت الأطراف أكثر فأكثر.
نعود اليوم لنطرح السؤال مُجدّدًا، داخل «إبستيمي» العصر الذي نحياه ونتأثر به، وضمن رهانات وأوفاق مختلفة؛ ليس بحثًا عن أجوبة جاهزة ومُتلهّفة، ولكن لتجسير مسافة بيننا وبين ما يحدث في الشعر العربي باعتباره سؤالًا في حدّ ذاته، وخطابًا جماليًّا وثقافيًّا ما يزال يشفُّ عن منحنيات الروح في تقلّباتها ومواجعها الداخلية.
نُقّاد ودارسون أكاديميون وشعراء مُتحدّرون من أعمار ورؤى وحساسيّات متنوعة، ومن ثقافات محلية داخل الشعر- الوطن المتخيل الكبير، تَوجّهنا إليهم بالسؤال:شعر اللحظة الراهنة.. إلى أين؟
من إشكالية الـ«نحن» المتفجرة باستمرار، إلى التباس «المعاصر» بما تلمع إليه الصفة ولا تؤديه المعرفة إلا بقدر ما تُحدثه فيه من التباس آخر. إنّهُ سؤالٌ مُركّبٌ وإشكاليٌّ، لكن طرحه اليوم ليس ترفًا، بل ضرورة يمليهما واجب المعرفة ونداء المسؤولية في آن.