بخفة ومرونة تشبه فارسًا يروض جواده، ينساب عثمان معما بالكرة على أرضية الملعب، يتخطى الخصوم بسلاسة ويصنع الفارق بإبداع لافت. نجم المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، عاشق الخيل و”التبوريدة”، وأحد أبرز ممارسيها، أصبح اليوم رمزًا للشجاعة والفن الكروي.
ولد عثمان معما في 6 أكتوبر 2005 بمدينة أليس الفرنسية، في أسرة رياضية من الخميسات؛ والده، عمر معما، لاعب سابق في الاتحاد الزموري للخميسات خلال ثمانينيات القرن الماضي قبل الهجرة إلى فرنسا، وعمته فاطمة كانت بطلة المغرب في العدو الريفي في الفترة نفسها.
منذ الصغر، ظهرت على عثمان علامات الموهبة الفطرية وشغفه اللامحدود بكرة القدم، ما دفع والده إلى تسجيله في مدارس الكرة. في سن العاشرة انضم إلى نادي “كلوب أرك”، قبل أن يلفت في الثانية عشرة انتباه كشافة “مونبوليي”، الذين ضمّوه لمركز التكوين، حيث أظهر مهارات فنية استثنائية جعلته من أبرز عناصر الفئات السنية.
طموح عثمان لم يتوقف عند ذلك، إذ خاض تجربة جديدة في إنجلترا مع نادي واتفورد العريق، حيث فرض نفسه بسرعة ضمن صفوف شبان الفريق، وحظي بإعجاب الجماهير بفضل مستواه وروحه القتالية.
الجماهير المغربية تعرفت أكثر على عثمان خلال نهائيات كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة بمصر في مايو 2025، حيث قدم أداءً مميزًا ساهم في بلوغ المنتخب المباراة النهائية بعد مشوار قوي وثابت في جميع الأدوار.
ومشاركته في مونديال الشيلي 2025 سلطت الضوء على موهبته الاستثنائية، بعدما أصبح اسمه يتردد بين أبرز نجوم البطولة، ونال جائزة “رجل المباراة” مرتين، الأولى أمام كوريا في ربع النهائي، والثانية ضد فرنسا في نصف النهائي، قبل أن يتوج بجائزة أحسن لاعب في بطولة العالم، حيث ساهم في التغلب على الأرجنتين في المباراة النهائية بهدفين دون مقابل، بعدما كان صاحب التمريرة الحاسمة، التي سجل منها ياسر الزابيري الهدف الثاني.
ولم يقتصر دور عثمان على الهجوم فحسب؛ فقد ساهم بتسجيل هدف واحد وصناعة أربعة أهداف أخرى، كما نظم إيقاع اللعب داخل المنتخب، حيث كانت انطلاقاته السريعة ومهاراته الفردية الجسر الذي ينقل “أشبال الأطلس” بسلاسة من الدفاع للهجوم.
قوة عثمان لم تكن فقط في الجانب الهجومي، بل في التزامه التكتيكي وحرصه على أداء الواجب الدفاعي. وفي مباراة المغرب ضد الولايات المتحدة، كشف المدرب محمد وهبي أن عثمان طلب عدم تبديله، وأبدى استعداده للعودة لشغل دور الظهير الأيمن المساعد، مع وعد بمحاصرة جناح الخصم.
وبالفعل، قدم معما أداءً رائعًا في الجانبين الدفاعي والهجومي، واستحق بجدارة لقب أفضل لاعب في المباراة.
عثمان معما.. الفارس الذي يروض الكرة كما يروض جواده

بتاريخ : 21/10/2025