عدد مرضاها يقدّر بحوالي 750 ألف مغربي الصدفية مرض جلدي مزمن يحكم على المرضى بالعزلة عن المجتمع

خلّد المغرب، على غرار دول العالم، يوم الأحد 29 أكتوبر 2017، اليوم العالمي للصدفية، الذي يعتبر مرضا جلديا مزمنا، إذ يشكل هذا الحدث السنوي فرصة للنقاش الجماعي من أجل التعريف بطبيعة المرض، ورفع الوعي العام بشأنه وتصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة به، إذ غالبا ما تسبب هذه المفاهيم شعورا لدى مرضى الصدفية بالعزلة عن مجتمعهم والأشخاص المحيطين بهم.
«الاتحاد الاشتراكي» التقت البروفسور سعيد أمال، رئيس قسم الأمراض الجلدية بالمستشفى الجامعي محمد السادس، الذي يشغل مهمة نائب رئيس جمعية أطباء الجلد بالمغرب وكذا رئيس الجمعية المغربية لطب الأمراض الجلدية لدى الأطفال، وأجرت معه حوارا حول الموضوع تنقله لقرائها ضمن ملفها الأسبوعي حول الصحة والأسرة.

p في أكتوبر من كل سنة يتم تخليد اليوم العالمي للصحة، فما المقصود بهذا المرض؟
n بالفعل وكما أشرتم إليه في سؤالكم، يتم تخصيص يوم 29 أكتوبر من كل سنة، من طرف المنظمة العالمية للصدفية، كيوم عالمي لهذا المرض، الذي هو عبارة عن مرض جلدي التهابي مزمن، والذي قد يصيب بعض الأعضاء الأخرى كالمفاصل على شكل روماتيزم.
والصدفية هي خلافا للعديد من الإشاعات التي تخلق نوعا من التخوف لدى الغير، مرض غير معد، وفي غالب الأحيان تكون الإصابة موضعية وعبارة عن احمرار جلدي مكسو بقشرة حرشفية سميكة بيضاء، ويصيب المرض غالبا الجلد فوق المرفقين والركبتين وأسفل الظهر وفروة الشعر، وقد يطال أماكن أخرى متفرقة من الجسم، كاليدين والرجلين والوجه، وفي بعض الحالات، وإن كانت قليلة، قد يصيب الجلد كله باحمرار، كما أن هناك حالة أخرى يكون فيها الجلد مغطى ببثور مقيحة، إما في اليدين والرجلين، أو في باقي المناطق من الجلد.
p ماهي العوامل التي تؤدي إلى الإصابة به، وهل هو يقتصر على فئة عمرية محددة، وهل يصيب الإناث أم الذكور أم هما معا؟
n بالنسبة للعوامل هي كثيرة، من قبيل وجود خلل في المناعة الذاتية للمريض، إضافة إلى الاستعداد الوراثي للإصابة بهذا المرض، ثم هناك عوامل إما تؤدي إلى ظهوره أو تفاقمه، كالتدخين وشرب الكحول، وكذا الإصابة ببعض الأمراض التعفنية كاللوزتين الناتجة عن ستريبتكوك بالنسبة للأطفال، فضلا عن داء فقدان المناعة، إلى جانب تناول بعض الأدوية أيضا الذي قد تؤدي إلى ظهور هذا المرض، دون إغفال عامل التوتر النفسي والقلق الذي يؤدي إلى انتكاسة المريض.
والصدفية مرض يصيب غالبا البالغين، لكنه يطال أيضا الأطفال وإن بشكل أقل، منذ الرضاعة إلى مرحلة الشيخوخة، ويكون الذكور عرضة له بنفس المستوى بالنسبة للإناث على حدّ سواء.

p هل هناك أرقام عن أعداد المصابين خاصة في المغرب؟
n لقد قمنا بدراسة علمية بمشاركة أساتذة كليات الطب بدول المغرب العربي تم نشرها في أحد المجلات الطبية العالمية، وكان الهدف منها مقاربة نسبة حضور هذا المرض في دول المغرب العربي، وتبيّن على أن نسبة الانتشار في المغرب هي 1.5 %، أي أننا إذا أخذنا 200 شخص فإننا نجد ثلاث حالات تقريبا للمصابين بالصدفي، كما أن إحدى الدراسات سبق وأن أشارت إلى أن العدد التقريبي للمرضى هو يصل إلى حوالي 750 ألف مريض.

p ماهي تداعيات هذا المرض العضوية والنفسية؟
n بالنسبة للتداعيات فإن الصدفية وفي معظم حالاتها تبقى مرضا موضعيا، لكن هناك حالات يكون فيها الداء منتشرا في الجلد بأكمله وقد يؤدي هذا الأمر إلى اضطرابات عضوية، كما أنه قد يكون سببا في الوفاة.
وإلى جانب ذلك تجب الإشارة إلى أنه تسجل هناك حالات لالتهاب المفاصل أو الروماتيزم الصدفي، كما تعتبر الصدفية أيضا من الأمراض المرتبطة بمتلازمة الأيض (Syndrome métabolique).
ويلاحظ أن العديد من المرضى هم يعيشون في انزعاج مزمن، الشيء الذي ينعكس بشكل كبير على وضعهم السيكولوجي العام، والذي يمكن أن يعرض المريض إلى حالة من الاكتئاب، ونتيجة لذلك يتأثر السلوك الاجتماعي للمصابين بالصدفية بعمق، بارتباط مع نظرة الآخرين للشخص المصاب. وقد بيّنت إحدى الدراسات أن انعكاسات الآثار الملاحظة للمرض تؤدي في 50 في المئة من الحالات إلى ارتباك شامل في الحياة اليومية للشخص المصاب، مبرزة أن المرض يؤدي في 50 في المائة من الحالات إلى توتر في العلاقات الاجتماعية للمصاب، كما يؤثر على الحياة المهنية للمصابين في 40 في المئة من الحالات، خاصة بسبب الغياب المتكرر. ويتضح من ذلك أن التداعيات السلبية للمرض على حياة المصابين تؤثر بشكل عميق على السلوك النفسي والاجتماعي.

p هل يمكن التشافي من المرض وماهي الأشكال العلاجية المتوفرة؟
n لايوجد أي علاج يقضي على المرض بصفة نهائية، لكن توجد هناك علاجات تخفف من حدّته، وقد تؤدي إلى علاج آثاره الجلدية والتهابات المفاصل لكنها قد تظهر من جديد.
هناك علاجات موضعية عبارة عن مرهمات تحتوي على الكورتيزون، أو فيتامين «د»، أو مرهم يجمع بين الاثنين، بالإضافة إلى توفر تقنية العلاج بالأشعة الشمسية فوق البنفسجية «أ» و «ب»، وهناك آليات بالمستشفيات الجامعية تستعمل هذه التقنية.
إضافة إلى ماسبق فإن هناك عقاقير لها تأثير على المناعة «ميتوتركسات»، «سيكلوسبورين»، وآخر مكون من فيتامين «أ» الذي اختفى من الأسواق المغربية، دون إغفال أنه تم مؤخرا تداول أدوية بيولوجية وهي باهظة الثمن ولانستطيع استعمالها إلا في حالات خاصة .

p كلمة أخيرة؟
n أود أولا أن أتوجّه لجريدتكم «الاتحاد الاشتراكي» ولملحقكم الصحي، بالشكر على هذه الاستضافة، وأغتنم فرصة إجراء هذا الحوار الشيّق الذي نتمنى أن يكون مفيدا للقراء، لأخبركم أن هناك جمعية لمرضى داء الصدفية ستقيم يوما تحسيسيا بمراكش يوم الأحد 26 نونبر، انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا بنادي جامعة القاضي عياض بمراكش، بشراكة مع مصلحة الأمراض الجلدية بمراكش، ومصلحة أمراض الروماتيزم، والدعوة هي موجهة لجميع مرضى الصدفية بالمغرب.
ولا تفوتني الفرصة ثانيا لأتوجه إلى المسؤولين عن قطاع الصحة بالمغرب، لألفت انتباههم إلى أنه وعلى الرغم من المجهودات المبذولة، فإن عددا كبيرا من المرضى المغاربة هم لايتمتعون بالتغطية الصحية ولا يستطيعون الحصول على الأدوية، لهذا فهم يرجون أن يتم إدراج مرض الصدفية ضمن خانة الأمراض التي تحصل على رعاية طبية شاملة « ALD » .


الكاتب : حاوره : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/11/2017