عرض متباين ومطالب بالتقنين : «العشوائية» تُغرق المدن بالمقاهي والمطاعم في غياب التنظيم

لم تعد أزقة وشوارع الدارالبيضاء تغري المواطنين بالتجول، فهي لا تتوفر على جماليات تحفز البيضاويين على ذلك، فالأرصفة مهترئة وإسفلت الشارع يعاني من الحفر والأخاديد في كثير من الأحياء، واحتلال الملك العام يدفع بالراجلين إلى المخاطرة بأنفسهم بين السيارات والدراجات النارية، والأنشطة التجارية المعتمدة تساهم في اتساع رقعة هذا الاحتلال، خاصة وأنه بات اليوم وبشكل لافت للانتباه افتتاح مقهى إلى جانب آخر، ومطعم قرب الثاني، كما وقع في مرحلة سابقة مع مهن بيع «الحرشة» و «التليبوتيك» وغيرهما، وإن كان هذا النشاط الأخير قد عرف تقنينا نوعا ما، مما يجعل المواطنين يتساءلون عن وجود مساطر ومعايير قانونية من أجل هذا الانتشار من عدمه؟
أنشطة مستنسخة، وعلى رأسها المقاهي، التي يتم تهيئة وتجهيز بعضها بمبالغ خيالية، وإن كان عدد مرتاديها عاديا إن لم يكن ضعيفا، لكن ومع ذلك فهذا النشاط التجاري لا يزال مغريا بالنسبة للبعض، في حين تحضر بالمقابل مقاهي متوسطة وبسيطة في أحياء مختلفة، خاصة الشعبية منها. وفي الوقت الذي تعرف فيه بعض هذه المقاهي انتعاشا وإقبالا كبيرين، بالنهار والليل، فإن دخل الأخرى يكون متواضعا أو ضعيفا، ويساهم في هذا الارتفاع أو التراجع في أعداد الزبائن، عنصر الجمالية وجودة ما يقدّم للزبناء والموقع وتفاصيل أخرى مختلفة تعتبر كلّها موضوع نقاش.
هذا الانتشار الكبير، الذي يشبّهه البعض بالفطر العشوائي، يجعل عددا كبيرا من أصحاب المقاهي يعبّرون عن تذمّرهم، حيث أكّد صاحب مقهي في هذا الصدد لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على ضرورة أن تطبّق المصالح المختصة بالترخيص لهذا النشاط شرط المسافة وأن تعمل على تقنينها وان تحرص على فرض احترامها حفاظا على استمرارية عدد منها وضمان مدخولها الذي يسمح بسدّ حاجيات العيش الخاصة بالعاملين وأسرهم وصاحب أو أصحاب المقهى كذلك. وشدّد المتحدث في تصريحه للجريدة على أن القطاع يتخبط في العشوائية، فقد أصبح عدد كبير من الأشخاص يودّون فتح مقهى عوض الاتجاه إلى أنشطة أخرى، بحيث أصبحت الشوارع والأحياء تفتقد إلى بعض المحلات الضرورية للحياة اليومية للمواطن كالبقالة التي بدأت تختفي نسبيا بسبب انتشار الأسواق الكبرى، مقابل تفضيل محلات الأكلات الخفيفة والمقاهي لكون ربحها مضمونا بنسبة مئوية عالية، كما هو الأمر على مستوى شارع أبو شعيب الدكالي و 2 مارس بتراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان كنموذجين لهذه الظاهرة.
ويرى عدد من أرباب المقاهي، الذين استفسرتهم الجريدة عن هذا الموضوع، بأن الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب تكتفي بمعالجة إشكالية الوضعية القانونية لهذه المحلات وتنظر في التراخيص وبعض المشاكل المتعلقة بالعنصر البشري، مؤكدين على ضرورة أن تفتح كذلك ورش المسافة التي يجب احترامها بين المقاهي ومحلات الأكلات السريعة، شأنها في ذلك شأن مصالح جماعة الدارالبيضاء التي تهتم بمعالجة ومنح التراخيص، وبأن يتم تطوير القطاع بشكل احترافي من خلال اعتماد شواهد دراسية في مجال الفندقة والتسيير لفتح محلاّت في هذا الإطار، على الأقل بالنسبة للمشرفين عليها، وأن يتم بذل كل الجهود وتوحيدها للرفع من جودة القطاع وتحقيق المنافسة الشريفة، والعمل على ضمان استمرارية هاته المرافق وتنويع الأنشطة التجارية في جلّ المناطق خدمة للمواطن، لكن بشكل يحترم القانون بالنظر لأن هناك أزقة جدّ صغيرة وبعرض لا يتجاوز المترين ومع ذلك تم فتح مقاهٍ بها أمام مرأى ومسمع من السلطات المحلية ومختلف الجهات المختصة، والتي تحوّلت إلى أوكار لممارسات غير سليمة تضر بصورة القطاع وبأشياء أخرى؟


الكاتب : عز الدين زهير

  

بتاريخ : 25/07/2023