في كلمة أرملة المرحوم في الذكرى الأربعينية لوفاة الفنان الراحل محمد الشوبي
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))
صدق الله العظيم.
إخواني وأخواتي، أصدقائي الأعزاء،
نجتمع اليوم بقلب مكلوم يعتصره الحزن، وعيون تفيض دمعا، في هذا الحفل التأبيني للمرحوم الفنان سي محمد الشوبي.
وبهذه المناسبة، يشرفني، أصالةً عن نفسي ونيابةً عن أسرتي الصغيرة والكبيرة، أن أتقدم بأسمى عبارات الشكر والامتنان إلى مولانا أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس ـ حفظه الله وأيده ـ على تعزيته الكريمة ولفتته الأبوية السامية التي خفّفت عنا ألم مصابنا الجلل. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجزيه عنا خير الجزاء، وأن يمُنَّ عليه بموفور الصحة والعافية، ويسدِّد خطاه في خدمة وطنه وشعبه.
وبكل فخر وامتنان، أتشرّف بأن أرفع إلى المقام السامي لصاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد، أصدق عبارات الشكر وعميق الامتنان على التعزية الشريفة التي خصّنا بها، والتي كان لها بالغ الأثر في التخفيف من ألم هذا الفقد الكبير. نسأل الله العلي القدير أن يبارك في عمر سموه، وأن يديم عليه نعمة الصحة والعافية.
كما لا يفوتني أن أتقدّم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، على العناية الخاصة التي أولتها الوزارة للراحل منذ بداية الوعكة الصحية التي ألمّت به، وعلى المتابعة الحثيثة والدعم الإنساني الذي أبداه ديوانه في الإشراف المباشر على حالته الصحية عن قرب. فله ولطاقم الوزارة جزيل الامتنان والتقدير.
كما أتوجّه بجزيل الشكر والامتنان إلى إدارة المستشفى العسكري والطاقم الطبي المشرف، على ما أحاطوا به الفقيد من عناية طبية متواصلة ورعاية صحية مكثفة، كان لها بالغ الأثر في التخفيف من معاناته خلال فترة مرضه. فلهم منّا أصدق مشاعر التقدير والعرفان وأخص بالذكر الدكتور طارق العديوي، الدكتور رشيد العروسي والدكتورة فاطمة الزهراء وكل الأطقم الطبية والإدارية التي أشرفت على حالة فقيدنا من قريب أو بعيد .
كذلك لن أنسى شكري الجزيل للتعاضدية الوطنية للفنانين في شخص رئيسها المقتدر الفنان عبد الكبير ركاكنة.
كما أتقدّم بخالص الشكر والامتنان لكل أصدقاء وزملاء الفقيد، الذين لم يتوانوا في دعمه ومساندته خلال محنته الصحية، سواء بكلمة طيبة، أو بمواكبة إنسانية صادقة، أو بحضور محبّ يخفّف عنه وطأة الألم. لقد كانت وقفاتهم النبيلة مصدر قوة وعزاء، وعلامة وفاء ستظل محفورة في الذاكرة بعمق التقدير.
أيضا شكرٌ مخضرم بالحب والعرفان والامتنان، أرفعه إلى جمهور الفقيد ومحبّيه الأوفياء، الذين ظلّوا على العهد في دعائهم ومؤازرتهم، وعبّروا بصدق مشاعرهم عن عمق المحبة والوفاء، سواء خلال فترة مرضه أو بعد رحيله. لقد كانت مواقفهم الصادقة بلسمًا لنا في هذا المصاب، ومعينًا من السلوى والعزاء.
أصدقائي الأعزاء
إذ نودع اليوم، إنسانا لم يكن مجرد زوج أو أب أو ابن، أو فنان بل كان روحا تشع حباً، وتفيض التزاما، وتسكن في وجدان كل من عرفه أو تعامل معه.
العزيز الغالي سي محمد الشوبي،
رفيقي، كنت السند والرفيق،الحضن الدافئ، عشت مخلصا لأسرتك، محبا لأولادك، حنونا عطوفا، وكنت في كل لحظة قريبا من هموم الناس، تحيا معهم وتحمل أوجاعهم، وتمنحهم من نور قلبك ما يضيئ طريقهم.
لم تكن فنانا على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا فحسب، بل، كنت فنانا في حياتك، في تعاملك، في إنسانيتك، كنت ترى الفن رسالة، وتحملها بكل صدق وجرأة، لم تخف يوما من مناصرة نبل القضايا،ولم تخش يوما ضياع دور ، ولا ضمك إلى لائحة العطالة إيمانا منك بنبل رسالة الفنان وقدسية المهمة، ودفاعا عن قضايا الوطن، وانتصارا للحق والجمال، الوطن، الذي كان يسكنك لا تهادن في حبه، ولا تتراجع عن قول الحق فيه، وكان الإنسان، قضيتك الأسمى، تؤمن أن الكلمة الصادقة قادرة على التغيير،وأن الفن رسالة لا تكتمل إلا بالصدق والالتزام.
نعم كنت فارسا، جعلت من الحرية وحب الوطن زادا في حياتك، تأبطت حلما جعلت الجرأة وسيلة لتحقيقه في وطن رسمته أخضرا، مفعما بالعطاء،بنيت مدينة فاضلة ،نسجت خيوط أمل في لوحة رمادية اللون، أملت، وتألمت من الحلم، وجعلت ابتسامتك الساحرة رسالة لمن احترفوا الجلد في جسدك.
إنك، ممن لا يتكرر وجودهم، إنك، من الفرص الضائعة للبناء والتغيير وتشييد الحلم، لا تقارن بغيرك في البذل والعطاء، في الحب والوفاء، ربما لم تكن الأفضل في حياة الآخرين، ولكنك كنت الأصدق والأوفى، بل، الأكثر إخلاصا ووفاء ….. نعم، كنت كالصفصاف سموا لا تعرف الخنوع، مهما كان الثمن، وكان الثمن غاليا، لا تزايد، كنت السند، والحضن الدافئ، حتى لمن لم يطلب أو تنكر ذات طلب. كنت الجبل الذي صمد في وجه العواصف الهوجاء التي امتحنتنا والأهم من ذلك، ورغم كلذلك،كنت صلداوكالماءزلزالا صفاء وحقيقة وحبا ووجودا …
كنت مبدعا في كل مجالات حياتك، وكنت أيضا مبدعا في حبك وتشبتك بالحياة، تفننت في الحفاظ عليها، بالحمد والذكر ونثر الحب والصفاء والابتسام، نعم الابتسامة، التي جعلتها رسالة،وتعبيرا عن حبك لأصدقائك وأهلك وأسرتك ، الابتسامة التي كنت تستقبل بها كل من أتى لزيارتك هي الابتسامة التي رافقتك إلى مثواك الأخير.
العزيز الغالي،
أقول اليوم،تفننا في حبك بجمعنا هذا،وأيضا سنتفنن في حبك، وتذكرك …… نعم،سنشتاق إليك مع كل نفس ستنفسه بدونك ، ومع كل نسمة صباح ستشرق علينا بابتسامتك و مع تغريدة كل طائر حر غزل الابداع وحبه للحياة ليرسم أجمل لوحة لحب الوطن والانسان.
ستبقى الغائب الحاضر فينا ابدا…
نحبك وسنشتاق اليك … هي عبارة كتبناها على قبرك وسنحيا بها معك.
وفي الختام أتقدم بجزيل الشكر الإخوان و الأصدقاء الذين كانوا لي السند و أشرفوا على تنظيم هذا الحفل وأيضا الشكر موصول لكل من تكبد عناء الحضور وشاركنا حفل تأبين المرحوم، وجودكم بلسماخفف عنا وطأة الفقد، وتعبير عن محبّتكم الصادقة للفقيد……
شكرا لكم