عضوات الفريق الاشتراكي بمجلس النواب يعرّين ضعف الاعتمادات والميزانيات المرصودة للقطاعات الاجتماعية

مليكة الزخنيني: ترسيخ الحقوق والحريات يقتضي المراجعة الشاملة للقانون الجنائي وفق تصور عصري حداثي

خدوج السلاسي: أي إنفاق مريح في قطاع التعليم اليوم يجنبنا الإنفاق غدا على معضلات اجتماعية كبرى ومكلفة

عتيقة جبرو: الحكومة رصدت ميزانيات ضعيفة للقطاعات الاجتماعية رغم أنها تعتمد خطابا
ذا حمولة اجتماعية

 

أكدت النائبة مليكة الزخنيني، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن لا بديل عن قيام الدولة القوية العادلة، والتي تعني في مبتداها ومنتهاها دولة المؤسسات التي تقوم على سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات، دولة تتمثل بشكل جيد فصل السلطات وتوازنها وتعاونها، كما ينص على ذلك النظام الدستوري، سلطة تنفيذية مسؤولة، وسلطة تشريعية قادرة على المساءلة، وسلطة قضائية مستقلة؛ دولة تعمل على توفير الشروط اللازمة لقيام مؤسسات الحكامة بأدوارها، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية.
وأضافت النائبة الزخنيني، في مداخلة لها أثناء مناقشة قانون المالية، أن ترسيخ الحقوق والحريات يقتضي المراجعة الشاملة للقانون الجنائي وفق تصور عصري حداثي، بشكل يتجاوز منطق التعديلات الجزئية، إلى مراجعة شاملة تراعي التحولات الاجتماعية والاقتصادية والقيمية التي عرفها المجتمع المغربي، كما يقتضي تكريس ضمان الحق في المحاكمة العادلة.
وأشارت النائبة الاشتراكية إلى أن الفريق الاشتراكي يعتبر أن العدالة القوية والمنصفة هي أحد المداخل الضرورية لتحقيق التنمية وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات. ولا تقتصر المراجعة على قانون العقوبات فقط بل على قانون الضمانات أيضا، أي قانوني المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية، كما تمتد المراجعة إلى مدونة الأسرة، مما يستدعي بالضرورة التوفر على مخطط تشريعي واضح المعالم، محدد الأفق، وهو ما يبدو أنه غاب عن الحكومة.
وسجلت أيضا على أن النقاش اليوم حول مشروع قانون الميزانية يجري في ظل أجواء توحي بالتفاؤل بقرب عودة الحياة إلى طبيعتها مع الرفع التدريجي لإجراءات الطوارئ الصحية، لكنها أيضا تمر في ظل أوضاع اجتماعية صعبة بفعل تداعيات الجائحة على العديد من الشرائح الاجتماعية التي وإن كان حس التضامن الوطني قد خفف منها إلى حد ما طيلة الفترة السابقة.
شددت النائبة الاشتراكية على أن موجة ارتفاع الأسعار في هذه الأيام، والاحتجاجات والتلويح بها من قبل العديد من القطاعات والفئات، لها الوقع السيء على السلم الاجتماعي الهش أصلا بفعل صعوبة الولوج للكثير من الحقوق وعلى رأسها الحق في الصحة والحق في التعليم، والذي تختلف حدته من منطقة إلى أخرى، مما يشكل عائقا حقيقيا للتنمية.
ودعت النائبة الزخنيني الحكومة إلى إعطاء ديناميـة نوعيـة جديـدة للفعـل التنمـوي الشـامل، مـن خـلال اعتمـاد سياسـة فعالـة لإدارة التـراب الوطنـي، تسـمح بالمسـاهمة الإيجابية للسـاكنة فـي تدبيـر شـؤونها، وبالتالي يكون من المستعجل تسريع مسلسل اللاتمركز، بشكل يفتح علاقة مباشرة بين المصالح اللاممركزة لمختلف الوزارات ومجالس الجهات وجعل هذه المصالح في خدمة التنمية الجهوية.
وفي ذات السياق أبرزت أن من مقتضيات التنمية الجهوية وأول شروطها فك العزلة عن مناطق المغرب المختلفة، مع تطوير هذا المفهوم لينسحب على تمكينها من آليات الانخراط في الاقتصاد الوطني والديناميات التي يفترض أن يطلقها اعتماد نموذج جديد للتنمية، أبدعه أبناء هذا الوطن على امتداد ترابه، ويكون بذلك مطلب العدالة المجالية ملحا بل إنه المدخل لكل عدالة اجتماعية مرجوة، لأنه لا يمكن تحقيق إقلاع من أي نوع في وجود فوارق معيقة عنوانها تمركز البنيات التحتية الأساسية والمهيكلة في مناطق بعينها.
وأوضحت أن هذا التمايز بين جهات المغرب المختلفة، وداخل الجهات نفسها، لا يستدعي فقط المطالبة بصوت عال بالعدالة المجالية ولكن أيضا ب»العدالة الرقمية» مع التحول الرقمي الذي يباشره العالم والمغرب جزء منه؛ هذه العدالة التي يفترض أن تكون أحد سبل إصلاح الإدارة ومصالحة المواطن معها بما يضمن تخليق الفضاء العام، وتقويض ظاهرة الفساد المالي والإداري.
ومن جهتها في مداخلة لها أثناء مناقشة الميزانيات القطاعية، يوم السبت الماضي، أكدت النائبة الاشتراكية خدوج السلاسي أن الحكومة لم تستوعب جيدا دروس الجائحة، التي كشفت الاختلالات في مجالات كثيرة وعلى رأسها القطاعات الاجتماعية، كالتعليم والثقافة نمودجين، ولم تتوفق الحكومة في التنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد، الذي وضعته ضمن مرجعياتها الأساسية سواء على مستوى البرنامج أو على مستوى مشروع قانون المالية.
وأوضحت النائبة السلاسي، أن النموذج التنموي الجديد وعد، ضمن ما وعد به، بثورة بيداغوجية في مجال التعليم ترتقي بالمدرسة الوطنية وتحقق الجودة، تقلص من الاكتظاظ، ترفع من معدل الأداء الوطني، على الأقل ليقترب من متوسط الأداء الدولي، تضع آليات ومعايير للتحفيز المادي في إطار العناية المادية للنساء ورجال التعليم. لكن للجودة كلفة، وعلى الدولة أن تتحمل هذه الكلفة.
والحال تقول النائبة، « أن ميزانية وزارة التربية الوطنية 62,5مليار درهم، 55منها للتسيير» متسائلة: كيف يمكن أن نحقق ثورة بيداغوجية في غياب الاستثمار؟وجودة مدرسة عمومية تليق بأبناء وبنات المغرب في القرن21؟
وأضافت في هذا الصدد، أن أي إنفاق مريح في قطاع التعليم اليوم،يجنبنا الإنفاق غدا على معضلات اجتماعية كبرى ومكلفة كالانحراف، الإدمان التعصب والتطرف وكل أشكال الإجرام، مشددة على أن المدرسة الجيدة تصنع المواطن الجيد ورداءة المدرسة مكلفة جدا الآن وعلى المدى المتوسط والبعيد.
أهمية التعليم الأولي
وذكرت النائبة الوزير الوصي على القطاع، أن الأمر يستحق استراتيجية متكاملة لما سمي ب»التعليم الأولي»، على مستوى المناهج البيداغوجية الملائمة لهذه المرحلة العمرية، على مستوى بنيات الاستقبال ذات الجاذبية، على مستوى المؤطرين ذوي التكوين المناسب وعلى مستوى التحفيز والأجور الضامنة للكرامة والعمل الجيد. ملفتة النظر إلى أن تسريع تعميم التعليم الأولي، «ضروري لكن ليس على حساب الجودة وتكافؤ الفرص بين كل أطفال المغرب في المدن كما في البوادي. لأنه من الصعب ومن غير المقبول أن يبدأ الخطأ والارتجال من الأساس في مجال بناء الإنسان ومن مرحلة الطفولة»، تقول النائبة السلاسي.
ومن جهة أخرى شددت على أن التنبيه إلى أن الجودة في المدرسة العمومية يقابلها إلزامية تعزيز آليات المراقبة والتقييم للمدرسة الخصوصية، وذلك من أجل جدية تنويع العرض التربوي ولوضع المغاربة أمام اختيار حقيقي، حتى لا يذهبوا اضطراريا للمدرسة الخصوصية بحثا عن الجودة، وغالبا جودة مزعومة.
قطاع الثقافة أضعف الميزانيات
أبرزت النائبة السلاسي أن روح الشعوب هي الثقافة وما يحتفظ به التاريخ هو الثقافة وأن الباقي إلى زوال. الأثرياء يأتون، يمرون تم ينتهون. والخلود للمثقفين والمفكرين والمبدعين والفنانين. لكن تقول عضو الفريق «والحال أن ميزانية القطاع، وهي من أضعف الميزانيات القطاعية، تكرس التمثل المبتذل للثقافة باعتبارها تسلية وتمضية للوقت».
وسجلت النائبة السلاسي أن الميزانية تكرس -ضدا على العدالة المجالية- التفاوت الصارخ على مستويين:
التفاوت بين الدولة المركزية والدولة الترابية، فمن جهة بنيات تحتية ضخمة ومهرجانات كبرى ومكلفة ومن جهة أخرى غياب وضعف للحد الأدنى من البنيات الثقافية على المستوى الترابي لتليق بشباب وشابات الوطن في كل جهات وأقاليم المغرب. بالإضافة إلى هول التفاوت في ما بين الجهات والمدن والقرى المغربية التي يحرم أبناؤها من الفعل الثقافي القريب.
وشددت على أنه لم « نلمس في مشروع ميزانية القطاع وعيا حقيقيا بضرورة تأسيس ثقافة دينية تنتصر للفكر النقدي وتبني مرتكزاته، تثمن التعدد والتنوع وتعلم تقبل الاختلاف وتنشىء على التسامح. ثقافة تجمع بين القيم الكونية ووسطية الإسلام واعتداله ومقتضيات الدستور في هذا المجال. كما توقعنا في الفريق الاشتراكي، أن تطوروا الاستثمار في الثقافة المغربية بكل روافدها وأن ترتقوا بالسياحة الثقافية. لأن الثقافة اليوم رافعة من رافعات التنمية».
وأشارت النائبة إلى أن مشروع الميزانية لا ولن يسعف لتحقيق المشاريع الثقافية داعية الوزير لتفعيل الالتقائية بين القطاعات ذات الصلة لعلكم توفرون بعض مصادر التمويل. ثم المخرج الثاني هو الاجتهاد والإبداع في الحلول قصد إقناع وتحفيز القطاع الخاص من أجل الاستثمار في الثقافة والفن.
ومن جانبها أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، شددت النائبة الاشتراكية عتيقة جبرو على أن الأوضاع اليوم تتسم بارتفاع في الأسعار وتفاقم الأوضاع الاجتماعية للمواطنين بسبب كوفيد، لكن يبدو أن الحكومة لم تخصص اعتمادات كافية وغلافا ماليا قويا لدعم هذه القطاعات الاجتماعية الأساسية وهي الصحة السكن والشغل.
وأضافت النائبة جبرو أن الحكومة رصدت ميزانية ضعيفة تتعلق بهذه القطاعات رغم أنها تعتمد خطابا ذا حمولة اجتماعية يجعل الإنسان فيه هو أساس كل تنمية في البلاد وفي صلب السياسات العمومية.
وأوضحت عضو الفريق الاشتراكي، أن قطاع الصحة يعتبر قطاعا اجتماعيا بامتياز وتزايدت أهميته خاصة في هذه الظروف الاستثنائية المطبوعة بتداعيات كوفيد، لكن نجد أن الحكومة رصدت له ميزانية هزيلة لا ترقى حتى لتغطية المصاريف الإجمالية للقطاع، حيث خصصت للقطاع فقط 5500 منصب مالي، وهذا يعتبر مؤشرا مقلقا ولا يرقى إلى ما دعت إليه المنظمة العالمية للصحة في توصياتها بخصوص كوفيد 19.
مبرزة، في ذات السياق، أن هذه الميزانية أظهرت على أن البنيات التحتية الاستشفائية ضعيفة وغياب عدالة مجالية في توسيعها، بحيث أن 75 في المائة من المستشفيات تعرف تدهورا كبيرا ووضعا مأساويا، ونقصا حادا في التجهيزات الصحية، وهذا لا يبشر بالتنفيذ الجيد لمشروع الحماية الاجتماعية الذي دعا له جلالة الملك.
وسجلت النائبة جبرو، أن 350 مصحة خاصة تحتاج إلى حاكمة تدبيرية، لكنها تحولت إلى آلية لتدمير جيوب المواطنين بأسعار لامثيل لها أكثر من الدول المتقدمة، وهذا يؤشر على غياب دور المراقبة للوزارة الوصية، والتسيب الذي يسود القطاع الخاص المتعلق بالمصطلحات الخاصة لإيقاف هذا النزيف، والنتيجة فرق شاسع بين القطاع الخاص والقطاع العام، مذكرة بأن المشاريع الاستشفائية في طور الإنجاز بلغت 7590 سريرا، وهذا يؤشر على نقص كبير في الأسرة المضافة.
وبالنسبة لقطاع الأسرة والادماج الاجتماعي والتضامن، تمنت النائبةجبرو أن يتم تفعيل الإطار الوطني المرجعي في مجال الإرشاد الأسري والتربوي، مسجلة غياب تفعيل الفصل 19 من الدستور المتعلق بهيئة المناصفة.
وأوضحت النائبة جبرو بالنسبة لظاهرة العنف أن ذلك لايزال يحتاج إلى شروط موضوعية للقضاء عليه بكل أشكاله المادية والمعنوية والجنسية.


الكاتب : مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 16/11/2021

أخبار مرتبطة

  عاش الروائي الطيب صالح تحت رحمة رواية «موسم الهجرة الى الشمال» التي حجبت أعمالا روائية له تضاهيها « ،

لمواكبة أشغال التوسيع والتطوير التي تعرفها محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر، يتم حاليا العمل على إنجاز محطة للضخ بالجرف

  تعود عجلة الدوري الاحترافي يومه الجمعة إلى الدوران، في موسم يعد بالكثير من الإثارة والتشويق، ستكون خلاله الأندية مدفوعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *