عن منشورات بيت الشعر في المغرب، صدرت الطبعة الأولى للكتاب الشذري “على مسافة من لساني” للراحل عثمان بنعليلا.
” قدر النصوص الأخيرة أن تُسلَّم إلى الأصدقاء لا أن تُورَّث”.
هو ذا قدر هذا الكتاب الذي كتب عنه، في تذييل له، الكاتب والمترجم محمد آيت حنا إنه “ما كان له أن يولد تحت أي طالع أفضل من الصداقة”…. وكذلك كان فقد سلم الراحل عثمان بنعليلا هذه التشظيات المتشذرة الى أصدقائه الطاهر يامو، عبد الباقي بل فقيه وقاسم مرغاطا من أجل نشرها، في وصية أخيرة، سلمها أوراقا ومصيرا، وهو يخاطبهما:
“هذا أنا في أسطري الأخيرة، فاقرأوا أسطري واصنعوا بها ما شئتم. انشروها إن رأيتم فيها ما يستحق النشر”.
في تقديمهما للكتاب ، كتب عبد الباقي بل فقيه وقاسم مرغاطا عن صوت بنعليلا، صوت سابر في التأمل الراقي والانسحاب الصامت، عن روح متشظية وكلمات حائرة كتب لها أن تجمع بين دفتي كتاب، ايمانا بالرجل وبتجربته في الكتابة والحياة:
“ربما أسطر متشظية، وربما جمل بلا نهايات وربما كلمات حائرة تائهة، وربما أشياء أخرى. أسئلة كثيرة رافقت القراءة والإعداد؛ وإننا مدركون أن هناك كتابا يكتبون بأيديهم وعقولهم، يكتبون وهم يفكرون في العالم، ويكتبون لا ليملأوا فراغا أو ليرتقوا صدعا، بل يكتبون إمعانا في زيادة الفراغ الصدع وخلق مساحات للتخيل. ومع وريقات عثمان تساءلنا: هل كتب صديقنا المبدع الراحل بيده هذه الوريقات الضالة المتناثرة في شذرات؟ وهل صاغها بوعي كتابي إبداعي فلسفي؟…
إن الكتابة في هذه الوريقات، ابتداءُ انتهاءٍ، وتدوينة للكلام التائه والحائر، هي تركة من شذرات مشروخة ومشقوقة، ومنها ورغم كل شيء، ينبعث ضوء خافت في عتمة المجهول…
الكتابة هنا باللسان وليست كتابة يد مفكرة أو عقل متفلسف… كتابة حواس جريحة ولسان مشقوق متعثر أمام المصير الحزين… كتابة بلسان الشك والتردد والحيرة، وهو اللسان الذي يقع أمام عتبة الزوال والانتهاء والرحيل… كتبة تبحث عن الأشياء الصغيرة الخبيئة تحت قشرة الجسد والحياة والعابرين والراحلين… كتابة تبحث عن منبع جديد لدم ما عاد دما. كتابة تفسخ جلدا أرهقه الوخز، وتحرر جسدا أنهكه الاستنزاف…. كتابة من ذات تتقطع يوميا الى أجزاء وتتناثر في عوالم اللايقين دون شكوى أو فجائعية… كتابة تؤلم ولا تتألم، توجع ولا تتوجع…”.
«على مسافة من لساني» للراحل عثمان بنعليلا .. كتابة تؤلِم ولا تتألم، توجِع ولا تتوجع

بتاريخ : 18/04/2025