على هامش اختلاسات البنك الشعبي في الجديدة .. قصص حب «بنكية»

هي أكثر من عشر قضايا اختلاس عرفها البنك الشعبي في الجديدة في السنوات العشر الأخيرة، وتبقى الوحيدة المعروفة لدى الرأي العام الوطني والمحلي، في حين ظلت أخرى في طي الكتمان، لكن السنتين الأخيرتين عرفت حوالي أربع عمليات اختلاس مثيرة ومضحكة في نفس الآن في بعضها شيء من الحب وأسرار السرير …
الأولى وقعت في وكالة «بوشريط» عندما كشفت مصالح المراقبة أن حسابات العديد من الزبناء تعرضت للقرصنة وتم الاستيلاء على مبالغ مالية مختلفة منها إلا أن حساب زبون واحد عرف اختلاس ما يناهز مليون درهم، وعلى إثر هذا الاكتشاف العجيب اختفت رئيسة الصندوق التي اشتغلت في هذه المؤسسة لمدة فاقت العقدين من الزمن، قبل أن ينتشر خبر التسوية ما بين المستخدمة والإدارة كالنار في الهشيم، وقيل وقتها إن رئيسة الصندوق المعنية بأمر هذا الاختلاس بددت هذه المبالغ في «كازينو» للقمار والطاولات الفخمة للمطاعم الراقية رفقة زوجها الذي لم يكن سوى نادل في إحدى هذه المطاعم، الحب «البنكي» لم يستمر طويلا فقد انتهى مباشرة بعد ان انكشف أمر المستخدمة مخلفا وراءه طفلا ضحية زواج مصلحة مالية .
القصة الثانية حدثت في وكالة «السلام»، بعد أن اختفى مديرها عن الأنظار عندما تم كشف اختلاسات مالية في صندوق وكالة كان مديرها يتحكم في كل الدواليب والمصالح، لحظتها قيل إن المعني بالأمر غادر إلى إسبانيا أو كندا إلا أن لا شيء من ذلك قد حدث، فصاحبنا أوحى له شيطان السرير بتسوية وضعية مالية لحساب قريبة له كانت في ورطة شيكات مع شركات أدوية، في انتظار إرجاع المبالغ إلا أن لا شيء حدث، ووجد المدير نفسه في ورطة لم يتمكن خلالها من تسوية الوضعية الا مؤخرا بتدخل نقابي وغادر المؤسسة بعد أن قضى أكثر من ثلاثة عقود .
أما العرس الأسطوري فقد كان آخر اكتشاف لاختبارات مالية عرفتها مؤسسة البنك الشعبي بوكالة ابن خلدون عندما أعلن رسميا عن كشف اختلالات مالية كبيرة من حسابات التوفير الخاصة بالمؤسسة، ولم تكن المعنية بأمر الاختلالات سوى مستخدمة كانت قد دخلت بيت الزوجية في عرس أسطوري، عرف ما لم تعرفه حفلات الزواج الراقية رغم أن الأمر يتعلق بمستخدمة حديثة العمل بالمؤسسة عقدت قرانها بشاب من عموم الشعب، وهو الحفل الذي قاد إلى الكشف عن هذه الاختلالات، هي الأخرى عرف المسلك النقابي طريقا إلى تسوية مالية، إضافة إلى فصل من المؤسسة، في انتظار أن تسوى دون اللجوء إلى المحاكم رغم العديد من التدخلات التي تمت من أطراف متعددة قصد طي الملف واعتباره مجرد إهمال أو تقصير في العمل .
من الاختلالات المالية إلى الاختلالات الإدارية
لم تتوقف الاختلالات المالية خاصة وأن أطراف أخرى مازالت في حالة فرار في الوقت الذي قضى فيه آخرون عقوبات حبسية، لم يقف أمر هذه المؤسسة التي كانت تحتل درجات عليا بالإقليم عند الاختلاس المالي حيث تحول الأمر إلى نزيف إداري، حيث غادرها ثلاثة أطر من بين أطرها البارزين، فقد غادرها كل من مديري وكالات «السعادة»، «المويلحة»، و»المستقبل»، من خلال التقدم بطلبات التقاعد النسبي، أو المغادرة الطوعية ، رغم أن بعضهم مازال في جعبته اكثر من خمس سنوات من العمل، فيما بقيت وكالة «السلام» دون مدير، بعد أن تم فصله على إثر الكشف عن عملية الاختلاس، وظلت الوكالات الأربع تسير، إما عن بعد، أو من طرف بعض المستخدمين الذين تغيب عن بعضهم الأهلية أو التكوين دون أن تكلف إدارة البنك الشعبي نفسها الإعلان عن شغور هذه المناصب والتباري حولها أو تعيين مباشر لمن لهم حق الإدارة.
ويحتج بعض الأطر والمستخدمين أيضا من الحيف في الحصول على إجازاتهم السنوية، رغم أن بعض المسؤولين يتحصلون عليها في كل وقت وحين، خاصة تزامنا مع عطل أبنائهم المدرسية، ويترك أمر التحكم في رقاب المستخدمين والمرتفقين إلى الكاتبات اللواتي يتحكمن وكأنهن مسؤولات في هذه المؤسسة.
مؤسسة البنك الشعبي في الجديدة في حاجة ماسة إلى رؤوس يمكنها أن تساير الحداثة في التغيير والتدبير اليومي لمؤسسة بنكية رائدة، بعيدا عن «حكامة موسى على العونات « التي لم تفرز سوى الاختلالات المالية والإدارية !


الكاتب : منصور الغزاوي

  

بتاريخ : 12/08/2024