على هامش الدورة 13 لمهرجان الثقافة الصوفية.. حلول التواصل..

الدكتور فوزي الصقلي: نسعى إلى تكريس صناعة
ثقافية صوفية عبر الفضاء الأزرق

 

على هامش الدورة 13 لمهرجان الثقافة الصوفية..حلول التواصل.. ، الذي نظم أيام 17 أكتوبر الماضي إلى غاية 23 منه، كان لجريدة «الاتحاد الاشتركي» لقاء مع مؤسس ومدير المهرجان الدكتور فوزي الصقلي، حيث حملنا إليه ترسانة من الأسئلة تتعلق بمحاور المهرجان والموائد المستديرة التي نظمت حول أعلام الصوفية في طليعتهم ابن عربي ولسان الدين بن الخطيب والسهرات الفنية الخاصة بالطرق الصوفية للزوايا القادرية والوزانية والصقلية والشرقاوية، إلى جانب جلسات ماستر كلاس حول حكم جحى التي أبدعت في إلقائها والتعليق عليها الفنانة آمل عيوش، ومدى نجاح هذه الدورة الرقمية وغيرها من الأسئلة، فأجاب أن الدورة الافتراضية لهذه السنة التي اجتاح فيها وباء كوفيد 19 العالم، حملت المشاهدين في مختلف بقاع العالم إلى عوالم ربانية مشبعة بالقيم الصوفية لتخفف عنهم هذه الوطأة ولو إلى حين، مشيرا إلى أن هذه الدورة الرقمية لن تلغي المهرجان السنوي للثقافة الصوفية الذي تعودنا على إقامته بفاس العاصمة الروحية للمملكة، حيث يحج عشاق هذا الفن الصوفي من المغرب ومن عدد من الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة فقراته، ولعل النجاح الباهر للدورة 12 هو ما دفعنا إلى مواصلة التعريف بالثقافة الصوفية وفنونها رغم الجائحة، إذ أنشانا منصة افتراضية لهذه الغاية، ومن خلالها تتبعت القنوات الأجنبية أنشطتنا وفي طليعتها قناة magazine الفرنسية وقنوات من إسبانيا وكندا الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا وآسيا، بالإضافة إلى القنوات التلفزية المغربية التي واكبت أنشطتنا مشكورة وهو ما يؤكد نجاح هذه الدورة الرقمية.
سابقا عندما كنا نريد إقامة مهرجان صوفي- يقول د فوزي.. – كنا نسافر إلى لاهور بباكستان لزيارة قبر الصوفي محمد إقبال للاطلاع على الثقافة الصوفية هناك، ونحاور متخصصين وشخصيات مهتمة بالصوفية للتطلع على التراث الصوفي في تلك المنطقة، وكذلك الأمر عندما نذهب إلى ميامي، حيث نطلع على تقاليد وثقافة السكان ومحيطهم وبيئتهم، وكذلك الأمر عندما نقيم معرضا في واشنطن أو عندما نزور غرناطة للوقوف على الحضارة الإسلامية التي عمرت ثمانية قرون، حيث نحاور شخصيات مثقفة مهتمة برموز الثقافة الصوفية في طليعتهم ابن عربي ولسان الدين بن الخطيب، فكنا نسعى للمزج ما بين ما هو فكري وفني من خلال الفرقة الموسيقية المهتمة بالتراث الصوفي بقيادة الفنان علي تيلور العاشق للأشعار الصوفية، لقد كنا نبذل جهودا مضنية لإعداد مهرجان خاص بالثقافة الصوفية، وحاليا نستغل التقدم التكنولوجي لإيصال المعرفة والفكر الصوفي المغربي الأندلسي والطرق الفنية للزوايا الصوفية المغربية بسلاسة، والتي تعكس روح وعمق حضارتنا المغربية من خلال التمازج بين الثقافة العربية والأمازيغية والعبرية، انطلاقا من دستورنا ومن قيمنا الإسلامية المبنية على الاعتدال والتسامح بعيدا عن التيارات المتطرفة، وتلك رسالة الثقافة الصوفية التي تعمل على تغذية نفوس الشباب وتبعدهم عن التعصب والتطرف.
إن حضارتنا وثقافتنا غنية – يقول الدكتور فوزي الصقلي – فعندما نحج شمالا إلى الريف المغربي تطالعنا كتب المفكر عبد الحميد بن باديس وأبحاثه ومن بينها.. عيون البصائر في قلب المعرفة .. وعندما نعرج نحو فاس ونزور خزانة القرويين الطافحة بمؤلفات عدد من الصوفيين في طليعتهم محمد بن جعفر الكتاني مؤلفسلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس وكتاب الأزهار العاطرة الأنفاس، ولا ننسى الذخيرة القيمة لكتب الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى للمؤلف أحمد الناصري، زيادة على ذلك، فإننا نتوفر على كنوز غنية من المخطوطات، كل هذا المزيج والغنى الفني هو ما جعلنا نفكر بجد في صناعة ثقافية افتراضية تتطلب كفاءات وتقنيات ومهارات عالية تساعد المتلقي الافتراضي على التطلع إلى ما تزخر به فاس من كنوز ثقافية في مختلف المجالات، وبالتالي تجعله متشوقا إلى الغوص في دروبها وأزقتها وزيارة أضرحتها والوقوف على متصوفيها، وهذا ما ينعكس إيجابا على تحريك العجلة الاقتصادية للمدينة، وكما هو معلوم يؤكد المتحدث، فقد وسعنا آفاق الصوفية المغربية وعملنا في المهرجانات السابقة على إشراك الزاوية الشرقية وكذا القادرية وتقديم عروضهما بفاس، بالإضافة إلى العروض الفنية للطريقة الصقلية والوزانية، حيث سهلنا المأمورية على الصوفيين بفاس وجعلناهم يعيشون مع الأذكار والأمداح والسفر الروحي بدل تحمل عناء السفر إلى أبي الجعد لزيارة ضريح سيدي بوعبيد الشرقي أو زيارة الزاوية القادرية ببركان، ودورنا حاليا هو العمل على تجديد الإشعاع للثقافة الصوفية والعودة إلى الجذور الحقيقية للإسلام بعيدا عن الأيديولوجيات، خاصة أن هناك عددا هاما من الناس ممن افتقدوا الذاكرة الصوفية وروحها عبر العالم، لذا – يضيف د فوزي الصقلي – منصتنا الافتراضية تسعى إلى تصدير الثقافة الصوفية وإخراجها في صيغ متفاعلة مع العصر ساعية إلى التعريف بالحضارة المغربية الأندلسية وبالشخصيات التي أثرت في الحياة الثقافية والسياسية في الأندلس والمغرب، وبدون شك فإنها ثورة هامة يلعب فيها المهرجان دورا رياديا على غرار المهرجانات العالمية الكبرى.
هذا، وسلط المتحدث الضوء على المنصة الافتراضية للثقافة الصوفية من خلال إنشاء مقاولة تضم عددا هاما من الإداريين والفنيين والتقنيين يعملون على ترجمة الموروث الصوفي من كتب ومخطوطات إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والاسبانية، كما يسهرون على توثيق أنماط الإنشاد المهدد بالضياع، بالإضافة إلى التعريف بالخط العربي الرائع وفنونه، كما تسهر المنصة الافتراضية إلى القيام بدورات تكوينية في المجال الصوفي والتنقيب عن شيوخ الصوفية بحلب السورية والتعريف بإبداعاتهم، كما نسعى أيضا إلى تأسيس تلفزة رقمية خاصة بالموروث الثقافي الصوفي وكذا تصوير فيلم حول فاس، انطلاقا من كتاب قيم موضوعه.. فاس مدينة الإسلام .. لمؤلفه الطيب شوريف، وهو أستاذ باحث يدرس في إحدى الجامعات الفرنسية، كما نعمل على التعريف بحكم جحا و بذخائر أمثالنا الشعبية الزاخرة بالإرشادات والحكم، لنتأمل – يضيف – محدثنا الكم الهائل من تلك الأمثال وعمقها، من ضمنها المثل الشعبي الذي يقول .. « ما قدوش الفيل زيدوا الفيلة..» وكذا المثل الذي يقول .. ب»اش نكل الشوك باللسان الرطب …» وغيرهما من الأمثال الشعبية التي يمكن الاقتداء بها .
وخلص مدير مهرجان فاس للثقافة الصوفية في هذا الحوار إلى أنه لم يتلق آي دعم مادي من أية جهة، ولكن ذلك لم يحبطه حيث اقترض مبلغا ماليا من أحد الأبناك المغربية بقيمة 300.000 ألف درهم لتمويل هذه المنصة الافتراضية الخاصة بمهرجان الثقافة الصوفية .


الكاتب : فاس: محمد بوهلال

  

بتاريخ : 12/11/2020