على هامش فوزه بجائزة سلطان العويس الثقافية في صنف النقد .. الناقد المغربي حميد لحميداني: الأدب جزء من أحلام اليقظة نعزز به وجودنا

في جلسة حوارية أدارها الناقد أحمد المنصوري أستاذ النقد والأدب بجامعة الوصل باليمن، أقيمت على هامش الدورة 19 لجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية يوم الثلاثاء 11 نونبر الجاري بمقر موسسة العويس الثقافية بدبي، استضافت الناقد المغربي حميد لحميداني الفائز بجائزة النقد لهذه السنة، قدم أحمد المنصوري، بعد تأكيده على ريادية هذه الجائزة التي حافظت، منذ تأسيسها سنة 1987،على نزاهتها وحياديتها، قدم لمحة عن المسار النقدي والابداعي للكاتب والناقد والروائي والقاص المغربي حميد لحميداني، والخبير في المناهج النقدية والدراسات السردية والترجمة والإبداع التشكيلي.
في مداخلة بعنوان «مفاهيم نقدية متصلة بنظرية الأدب وتلقيه»، تناول الناقد والكاتب المغربي حميد لحميداني مفهوم «القصدية» كمفهوم هيمن لمدة غير يسيرة على التناول النقدي، متسائلا في نفس الوقت عن حقيقة وحدود الإعمال النقدي في القبض على هذا المفهوم، الذي تتقاسم سلطة تحديده ثلاثة أطراف: الناقد والمبدع والقارئ.
إن القصد والعلاقة التواصلية مع النص رحلة في البحث عن الحقيقة تقود، حسب مؤلف «النقد الروائي والإيديولوجي» ، الى معالجة بعض المواضيع المترتبة عن التصور القائل بهيمنة القصدية في التلقي الأدبي، إذ لا تزال غالبة التداول لدى النقاد الأدبيين الى اليوم، مشيرا الى أن الباحث في هذا الموضوع يواجه إشكالين مهمين، أولهما القول بالقصدية التامة أو المطلقة للنص، وهو ما يفرض وجود هدف كامن في ذهن المبدع قبل أن يتجسد في النص الأدبي الإبداعي ذي البنية التخييلية الموحية عبر الاستعارة والتلميح، وهنا يطرح السؤال عن الضامن الذي حُدد على أساسه القصد المرجعي، وهل هو كامن في ذات المبدع أم لدى الناقد الجريء الممتلك لمهارة قول الحقيقة وأدوات تشريح النص واستكناه المتحكم في إنتاجه، وهو الأمر الذي يبقى نسبيا لأن النصوص الأدبية مركبة تعبيريا وإيحائيا، ما يفتح الباب لاستمرار تأويل النصوص ويضمن تداوليتها.
ويذهب صاحب»النقد التاريخي في الأدب» في تقييمه لعملية إفادة الذات المبدعة من الكتابة الأدبية إلى أن حصر وظيفة الإبداع الأدبي في مفهوم القصدية لا يضيف للمبدع شيئا، ليبقى المستفيد هو المتلقي، كما أن نظرية القصدية وإن حافظت على استمرارها داخل حقل الدراسات النقدية، إلا أن التحول آخذ في التوجه اليوم لصالح المبدع، حيث بدأ الاهتمام يتوجه نحو استفادة المبدع من فائض العوالم التخييلية، سواء عند عملية الكتابة أو بعدها، لأن القبض النقدي على التخييل الإبداعي يبقى قاصرا أمام الرموز والاستعارات التي تمثل ذلك الغامضَ المتخفي الذي يحتفظ بمفاتيح خزائنه المبدع وحده.
صاحب «رحلة خارج الطريق السيار» أقر في ختام مداخلته بأن نظرية القصدية التامة تبقى عاجزة عن إثبات جدوى كتابة الأدب للمؤلف، مضيفا أننا «نكتب لنحقق وجودا معدلا بالإبداع الأدبي» ، ولأن «الأدب جزء من أحلام اليقظة نعزز به وجودنا ونفهم ذواتنا ونحيا من جديد».
وقد خلقت مداخلة الناقد حميد لحميداني نقاشا خصبا أثيرت من خلاله قضايا أدبية ونقدية من قبيل مسألة الوعي واللاوعي في الكتابة، القصدية واللاقصدية، تفاعل أدوات النقد القديم والمناهج الحديثة، مسألة التلقي ، ثم القارئ الشريك والمساهم في إعادة انتاج المعنى وتأويل النص الإبداعي.


الكاتب : دبي: حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 13/11/2025