متى يتدخل الاتحاد الإفريقي لضبط التصرفات الطائشة والسلوكات المستفزة على أرضية الملاعب؟
صدرت عن لاعبي المنتخب المصري،خلال المباراة النهائية لبطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة، التي عرفت تتويج المغرب، تصرفات وصفت بالطائشة،وسلوكات استفزت المتتبعين والجمهور وكادت أن تخلق فتنة داخل الملعب وشغب خاصة أن بعض تلك التصرفات كانت موجهة للجمهور
الذي ملأ مدرجات المركب الرياضي مولاي عبدلله بالرباط.
على هامش تصرفات لاعبي منتخب مصر الأولمبي بالرباط
الجامعة مدعوة إلى حث الكاف على فرض جزاءات قانونية لضبط السلوكات الطائشة بالملاعب
انتهت منافسات كأس أمم إفريقيا للمنتخبات الأولمبية، التي جرت على ملعب طنجة والرباط، بتتويج المنتخب الوطني لأقل من 23 سنة بلقب أمم إفريقيا، بعد الفوز على المنتخب المصري في اللقاء النهائي بهدفين مقابل هدف واحد، وتأهلهما معا، رفقة المنتخب المالي، إلى الألعاب الأولمبية، المقررة صيف السنة المقبل بباريس، لكن اللقاء النهائي عرف حركات استفزازية، وتصرفات طائشة غير مسؤولة، من بعض لاعبي المنتخب المصري، ونقلتها عدسات الكاميرا، ما خلق استياء وعدم رضى من الجماهير المغربية، التي طالبت بضرورة تدخل الاتحاد الإفريقي لردع مثل هذه التصرفات.
لقد تابع كل من شاهد اللقاء النهائي، عبر شاشة التلفاز، كيف أن اللاعب المصري، أحمد عيد، أشار بيده إلى دفع المغرب لأموال من أجل الفوز في اللقاء النهائي، رغم أن جميع خبراء التحكيم ومحللي المباريات الرياضية، عربيا ودوليا، أكدوا على أن الحكم الكيني بيتر واويرو كان محقا في طرد اللاعب المصري محمود صابر، بعد تدخله الخشن واللارياضي في حق عميد المنتخب الأولمبي عبد الصمد الزلزولي، كما ان هدفي النخبة المغربية كانا شرعيين، ولم يحابي فيهما الحكم الفريق الوطني المغربي، الذي استحق التتويج بجدارة.
ومن المشاهد اللارياضية التي رافقت المباراة النهائي، تجاهي احد لاعبي المنتخب المصري، رئيس الجامعة فوزي لقجع، خلال مراسيم تسليم الميداليات، ورفض مد يده لمصافحته.
واعتاد المصريون على مثل هذه التصرفات «الصبيانية»، وقد تابع الجميع كيف أن لاعب الأهلي المصري، خلال نهائي النسخة قبل الماضية من دوري أبطال إفريقيا، قد رمى ميداليته الفضية بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، مبديا عدم رضاه على الهزيمة أمام الوداد في النهائي، وهو المشهد الذي تكرر مع عماد متعب في نهائي 2017، عندما خسر النهائي رفقة الأهلي أمام الوداد بالذات، حيث رفع يديه مشيرا إلى الرقم صفر، ما خلف ردود فعل قوية حينها.
وتحبل العديد من مباريات كرة القدم بملاعب القارة السمراء بالكثير من التصرفات المشابهة، والتي يتجاهلها الكاف في قوانينه التأديبية، ما يفرض عليه ضرورة التدخل لسن عقوبات رادعة، تحافظ على مصداقيته أولا ومصداقية منافسات الكروية ثانيا.
ويتعين على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بحكم أنها متضررة في أكثر من مرة، أن تتدخل عبر ممثليها داخل هيئات الكاف، وتدعو إلى وضع قوانين لضبط مثل هذه التصرفات، والحد منها، بدل السكوت، الذي يمكن أن تكون له نتائج عكسية.
إن تصرفات اللاعبين والمؤطرين، وحتى الإداريين، داخل الملاعب يجب أن تكون محسوبة، ومسؤولة، وإلا فإن المباريات والتظاهرات الكروية والرياضية بشكل عام ستتحول إلى فضاء للتطاول والمس بسمعة وصورة البلدان، وهذا امر خطير، وجب على الهيئات المنظمة لمختلف الأصناف الرياضية، وتحديدا على المستوى القاري، أن تتدخل لإفراد الجزاءات وتعزيز الروح الرياضية، والقيم الأولمبية.
الدكتور منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية:
المصريون يتصرفون وكأن الجميع ضدهم والكاف مطالب بالتدخل للحد من مختلف مظاهر الانفلات
قال الدكتور منصف اليازغي،الباحث المغربي المتخصص في السياسة الرياضية، إنه يتعين أولا معرفة أسباب لجوء بعض اللاعبين، ولاسيما المصريين إلى مثل هذه السلوكات، «التي تعتمد على الظهور أمام وسائل الإعلام، وإبراز موقف معين وإظهار استياء معين أو احتجاج معين أمام الكاميرا»، مشيرا إلى «وجود ألفة وتعايش مع الكاميرا، بحكم أنه مصر هي أرض الإعلام في الوطن العربي، وأرض السينما التلفزيون، وبالتالي فهي أرض الصورة عموما، ونحن نعرف تأثير الصورة والنقل التلفزي لموقف معين، فهذا الأمر لصيق باللاعبين المصريين»، لكن ما الحافز وما الدافع إلى ذلك؟
إن الإشكال، يتابع الدكتور اليازغي، هو أن الإعلام المصري يؤلب الجمهور المحلي بمصر إلى درجة يضعه في صورة المظلوم، وصورة المتواطئ عليه، و»ذلك ليس حبيس الرياضة فقط، بل هذه المظلومية تمتد من أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى غاية الآن. فدائما مصر مستهدفة، سياسيا وإقليميا ودوليا، مستهدفة اقتصاديا من طرف دول الجوار، ومن طرف دول أخرى مجهولة .. مصر دائما في حالة طوارئ لأنها مهددة في أي وقت».
وهذا الأمر، بنظر الدكتور منصف اليازغي، خلق لدى المواطن المصري حالة من الهستيريا أو الفوبيا التي تجعله يعتقد دائما أنه محاط بالأعداء، وبالتالي تتحول مباراة في كرة القدم، من نسقها العادي، ومدته تسعين دقيقة، إلى رهان للربح، وكأن ذلك الربح يتجاوز ما هو رياضي، وأنه بإمكان ربح في الرياضة أو في كرة القدم أن يحقق إنجازات للوطن. مشيرا إلى أنه قبل أي مباراة أو بعدها،»يتم شحن الجمهور واللاعبين من طرف وسائل الإعلام بطريقة فجة، وهذه الظاهرة أصبحت ملازمة للإعلام المصري»، تضاف إليها ظاهرة المستشارون، وهم لاعبون سابقون وتقنيون يأتون إلى البلاتوهات ويتحدثون كما يريدون، بل يتم اللجوء إلى هؤلاء اللاعبين السابقين، وقناة الأهلي مثلا ملآ بهذا الأمر، و»يتحدثون على هواهم، كما هو حال أحمد حسام، الملقب بميدو، اللاعب السابق للمنتخب المصري، وغيره، يتحدثون على سجيتهم بدون التفكير في عواقب ما يقولونه، ويتم تأويل كل شيء إلى درجة، وهنا أتذكر عندما كان الوداد يتسلم تتويجه في السنة الماضية، كانت هناك لقطة يظهر فيها وليد الركراكي يسلم ويحيي فوزي لقجع، وكنت أستمع إلى قناة الأهلي، وكان المذيع يقول: « لا عليك، لقد تم إنجاز كل شيء»، يعني تأويل أي شيء وتحويره وتضخيمه».
هذا الأمر يكون له تأثير كبير على اللاعبين، الذين يدخلون المباراة وكأنهم في حالة حرب، أوأمام خصم من كوكب آخر، في حين أنها مجرد مباراة، وأمام فريق شقيق، والواضح أن الإعلام وكرة القدم في مصر لم يتأثروا بالأجواء التي تمر فيها مباريات كرة القدم في العالم، على غرار كأس العالم في قطر مثلا، حيث تسود الروح الرياضية الطيبة، وظلوا متشبثين بمنطقهم في التعامل مع كرة القدم بمنظورهم إعلاميا ورياضيا.
ودعا الدكتور منصف اليازغي الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) إلى تضمين هذه الحالات في بنود قوانينه التأديبية بشكل واضح تماما، وأن يصدر نصوصا واضحة بمعاقبة كل من يلجأ إلى مثل تلك السلوكيات، كما حدث مثلا في المباراة النهائية لبطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة الأخير،عندما التفت لاعب من منتخب مصر للجمهور وأشار بيده بحركة تعني أن المغرب قدم رشوة لتحقيق الفوز، أو مثل ما فعل لاعبون وهم يرمون الميدالية، «بما في ذلك من إهانة للكاف، وبما في ذلك من اتهام للكاف ولحكامها بالتواطؤ، واتهام رئيس جامعة كرة القدم، فوزي لقجع، بالمؤامرة وبتهم خطيرة جدا كشراء الذمم، وهي تهم تستوجب العقاب، والعقاب يجب أن يكون في حق اللاعب، والمسؤول عنه في الفريق ثم الاتحاد الذي ينتمي إليه».
القانون يطبق في كل العالم إلا في إفريقيا
في المنافسات الكروية في إفريقيا، تتكرر حالات سوء سلوك اللاعبين تجاه الحكام وتجاه الجماهير داخل الملعب، وينجوا أصحاب تلك التصرفات الطائشة، مع ذلك، من أي عقوبة كما ينص عليها القانون.
في أوروبا يختلف الأمر، حيث لا يتم التساهل مع أي لاعب صدر عنه سلوك سيء خاصة في ظل النسخة الجديدة من قانون كرة القدم التي تم العمل بها في موسم 2021 – 2022.
ويتضمن قانون كرة القدم 17 مادة، وشهد تغيرات جذرية منذ مونديال 2018، وأبرز التعديلات التي تضمنها القانون الجديد هي المرتبطة بسوء السلوك وخصصت لها المادة 12 :
-تقول المادة إنه يمكن احتساب ركلة حرة أو ركلة جزاء إذا اُرتكبت مخالفة داخل حدود الملعب أو خارجه ضد الحكام أو أحد المسجلين في قائمة الفريق سواء كان لاعبا أو بديلا أو مستبدلا أو حتى مطرودا من الملعب أو مسؤولا فنيا (مدرب) أو إداريا.
ويشترط في احتساب المخالفة أن تكون أثناء سير اللعب. و يعاقب اللاعب بضربة حرة مباشرة أو ضربة جزاء إذا عض أو بصق على أحد المسجلين بقائمة الفريق المنافس أو حكام المباراة.
إذا أوقف الحكم اللعب بسبب مخالفة ارتكبها لاعب داخل الملعب أو خارجه، ضد عامل خارجي (بديل أو مشجع أو أي شخص خارج تشكيلة الفريقين بالملعب) فسيتم استئناف اللعب بإسقاط الكرة، ما لم يتم منح ركلة حرة لمغادرة الملعب دون إذن الحكم.
« الكاف» مدعوة للحد من انتشار ظاهرة سوء سلوك اللاعبين داخل الملعب وخارجه
يحدث مرارا في عدة مباريات،على مستوى المنتخبات أو الأندية،وفي كل درجات المنافسة، أن تصدر عن اللاعبين سلوكات خارجة عن النص بسبب انفعالاتهم وتصرفات بعضهم الطائشة خاصة تلك التي تستهدف الجمهور الحاضر في المدرجات، ويحدث أن ينتج عن تلك التصرفات عواقب كثيرة وكثيرا من اندلعت أحداث شغب بسبب سلوكات بعض اللاعبين.
في الدوريات الأوروبية مثلا، لا يمكن أن ينجو اللاعب الذي صدر عنه سلوك غير سوي تجاه الجمهور، من العقاب، وقد تابعنا حالات عديدة للاعبين لم يتردد الاتحاد الأوروبي أو الاتحادات المحلية في إنزال عقوبات قاسية على لاعبين أساؤوا إلى الجماهير أو إلى حاملي الكرة داخل الملعب. نستحضر هنا مثلا، حالة إيدين هازارد نجم تشيلسي سابقا، عندما تورط في حادثة مع صبي من حاملي الكرات في الملعب، وكان ذلك في يناير 2013 ، خلال مباراة نصف نهائي كأس الرابطة بين تشيلسي وسوانسي سيتي، حين رفض الصبي إعادة الكرة إلى إيدن هازارد، الذي كان يحاول استعادتها بسرعة لإعادة الكرة من جديد. قام هازارد حينها بركل الكرة من تحت الفتى.
الحادث أثار اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا وأثار جدلاً حول تصرفات هازارد. الأمر الذي دفع اتحاد كرة القدم إلى مراجعة اللقطة واتهم هازارد بسلوك عنيف، والذي كان يمكن أن يؤدي إلى عقوبة مطولة. ومع ذلك، بعد جلسة استماع تأديبية، أصدر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قرارًا بإيقاف هازارد ثلاث مباريات بسبب سلوكه.
في أعقاب الحادث، اعتذر هازارد علنًا عن أفعاله، معربًا عن أسفه والاعتراف بخطئه. كما اعتذر بشكل خاص لصبي الكرة وعائلته.
في ديسمبر 2013، أثار نيكولاس أنيلكا ، لاعب كرة القدم المحترف السابق، جدلاً واسعا عندما أجرى إيماءة تُعرف باسم «كوينيل» خلال مباراة أثناء لعبه مع وست بروميتش ألبيون في الدوري الإنجليزي الممتاز.
الكينيل هي إشارة ترمز إلى معاداة السامية، نشأت في فرنسا وشاعها الممثل الكوميدي الفرنسي ديودوني مبالا مبالا. وهو ينطوي على مد ذراع واحدة لأسفل بشكل مستقيم مع لمس كتف هذا الذراع باليد المعاكسة.
بعد قيام أنيلكا بإشارة «كونيل»، أثارت الجدل بين مختلف المنظمات، بما في ذلك المجموعات اليهودية وهيئات كرة القدم الرسمية. قام أنيلكا بالدفاع عن فعله، مؤكدًا أنه لم يكن معاديًا للسامية ولكنه كان بمثابة تعبير عن الدعم لديودوني، الذي اعتبره صديقًا له. وأكد أن هذه الإيماءة تمثل موقفًا ضد النظام القائم وأنها كانت تعبيرًا ضد السلطة بدلاً من أن تكون تعبيرًا عن كراهية تجاه الشعب اليهودي. أطلقت رابطة كرة القدم الإنجليزية تحقيقًا في الحادثة، وتعرض أنيلكا لإجراءات تأديبية.
في فبراير 2014، أعلنت لجنة تابعة لرابطة كرة القدم الإنجليزية المؤلفة من ثلاثة أعضاء أن أنيلكا مذنب بارتكاب إيماءة «مهينة و/أو غير لائقة و/أو مهينة و/أو غير مناسبة». ومع ذلك، قرروا أن نية أنيلكا لم تكن معادية للسامية، ولم يتم إدانته بأي سلوك معادي للسامية.
فُرضت على أنيلكا عقوبة الإيقاف لمدة خمس مباريات وتغريمه 80,000 جنيه إسترليني من قبل رابطة كرة القدم الإنجليزية.
في إيطاليا، وعند عودته إلى لاتسيو في عام 2004، احتفل باولو دي كانيو بعدة أهداف عن طريق رفع التحية الفاشية نحو المشجعين اليمينيين المشهورين في المدرج الشمالي.
تمت إدانة حركته بشدة من قبل مختلف المنظمات، بما في ذلك الجماعات المناهضة للعنصرية والسلطات الكروية. نتيجة لذلك، واجه دي كانيو عقوبات تأديبية بسبب أفعاله.
قام الاتحاد الإيطالي لكرة القدم بفتح تحقيق في الحادثة، وعقب ذلك تم إيقاع عقوبة بحق دي كانيو بالإيقاف عن مباراة واحدة وتغريمه بمبلغ 10,000 يورو.