على هامش مهرجان «المدينة والسينما» بالدارالبيضاء : علاقة الفن الأول بالفن السابع بندوة «نظرات متقاطعة حول السينما والمعمار»

انعقدت في الساعة العاشرة من صباح أول أمس الأربعاء 25 شتنبر الجاري، بالمركب الثقافي سيدي بليوط، ندوة تحت عنوان ” نظرات متقاطعة حول السينما والمعمار “، بمشاركة المخرج المغربي لطيف لحلو والمهندس المعماري الفرنسي و مدير المعهد الفرنسي بالبيضاء، مارتان شينو، سيرها الباحث و الأستاذ الجامعي يوسف آيت همو، الذي استطاع بأسئلته الدقيقة والنابعة عن عمق معرفي في المجال، أن يدفع الضيفين المتخصصين إلى التعبير عن نظرتيهما في الموضوع، مما جعل اللقاء ،الذي انطلق بالسؤال الجوهري: ماهي مناطق الاختلاف والتكامل بين السينما والهندسة المعمارية، شيقا و مفيدا.
ومن خلال الإجابة عن السؤال الرئيسي الذي تلته أخرى فرعية، عبر المخرج والمنتج المغربي لطيف لحلو عن تصوره حول السينما الذي هو، على حد قوله، جد بسيط، و يعتمد أساسا، بصفته مخرجا،على القيام بتنشيط الإطار الذي يشتغل عليه، وبالتالي فهو يرى بأن عالمي السينما والهندسة المعمارية هما في نفس الوقت مختلفان ومتكاملان.
فالسينما لا يمكن أن تقام بدون ديكور، والديكور هو أولا وقبل كل شيء هندسة معمارية..، بعده تحل الإضاءة لإحياء هذا الديكور، وبالتالي، إذا لم يكن هناك نوع من التناسق بين الفضاء والإضاءة لا يمكن أن تكون هناك سينما. علاوة على هذا فالمخرج يرى بأن الديكور، إطار اجتماعي أيضا، هو الذي يحدد ويكمل شخصيات العمل الفني ويعكس ويرسل مجموعة من الرسائل للمتفرج لتوسيع نظرته ليتمكن من فهم الشخصية أكثر، و انطلاقا من ذلك يصبح الديكور في حد ذاته شخصية داخل هذا العمل، أحيانا شخصية أساسية و أحيانا أخرى ثانوية.
من جهته، و في رده على السؤال الأساسي، انطلق مارتان شينو من نقاط الاختلاف بين العالمين، عالم الفن الأول و عالم الفن السابع، واعتبر أن المنتوج المعماري هو مادي، بينما منتوج السينما خيالي لكن ما يجمع بين المهندس المعماري والسينمائي هو كون كليهما لهما نظرة مستقبلية للأشياء، هما حالمان إلى أن تتحقق تصوراتهما حول الأشياء، وعلى سبيل المثال، مدينة الدار البيضاء كما يراها العالم اليوم، كانت في وقت من الأوقات مجرد تصور خيالي لمجموعة من الشخصيات العمومية التي كانت حاضرة منذ سنوات، قبل أن تصبح في ما بعد واقعا يفرض نفسه.
كما أن السينما، يضيف مارتان شينو، تعكس المجتمع، و بما أن الهندسة المعمارية تمثل ديكور هذا الإطار الاجتماعي فمن البديهي أن تثير اهتمام الفن السابع، ولوحتى من باب توجيه النقد له، ومن هذا المنطلق فالهندسة المعمارية هي أكيد في أمس الحاجة للسينما، لكنها في نفس الوقت، بإمكانها أن تصبح الذاكرة بالنسبة له وآلية لتوثيق الهندسات المعمارية. من جهة أخرى، فالمعمار، حسب ما يراه مارتان شينو، بإمكانه أن يفرض نفسه و لكن لفهمه يحتاج لوسيط . كما أن المهندس المعماري خلال ممارسته لعمله، يستعمل أكثر فأكثر تقنيات السينما كالصورة المتحركة مثلا.
تناسلت الأسئلة وعلى إثرها الأجوبة وأبحرت في مضامين أكثر فلسفة، من بينها ما مدى تسخير آليات هذين العالمين لصالح الإنسان بشكل يحترم إنسانيته، كما أن اللقاء الذي حضره العديد من الفنانين والنقاد والإعلاميين و الطلبة، كان مناسبة لإثراء النقاش من خلال عرض لمقاطع لفيلمين للمخرج لطيف لحلو و هما “شمس الربيع” و”الدارالكبيرة “، تناوب الضيفين على التعليق عليها، كل من وجهة نظره واختصاصاته، كما فتح الباب أمام أسئلة المتدخلين مما زاد في إغنائه.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء يدخل ضمن الأنشطة المبرمجة خلال النسخة الثانية لمهرجان السينما و المدينة الذي انطلق يوم الثلاثاء 24 شتنبر الجاري ويمتد إلى غاية 28 منه، و المنظم من طرف مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، بشراكة مع الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، وبدعم من وزارة الشباب والرياضة والمركز السينمائي المغربي، وبتعاون مع جامعة الحسن الثاني من خلال كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، والمعهد (الثقافي) الفرنسي وجهات أخرى.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 28/09/2019

أخبار مرتبطة

طرح الفنان سعود أبو سلطان أحدث أعماله الغنائية لصيف 2024 بعنوان “كركبني” من كلمات الشاعر طلال الرواشده، وألحان وتوزيع موسيقي

  أحيت الفنانة الداودية حفلا في منصة سلا، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ19 من مهرجان موازين إيقاعات العالم. وتميز الحفل

  بين بلقيس فتحي والمغرب قصة حب كبيرة تجسدت، مجددا، من خلال إبداعها في أداء مجموعة من الأغاني المغربية خلال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *