إجماع دولي على فاعلية المغرب ومساهمتة القوية في تنظيم وتأمين الأحداث الرياضية الكبرى
احتضنت مدينة مراكش يومي 25 و26 شتنبر الجاري ورشة دولية كبرى حول موضوع «أمن وسلامة التظاهرات الرياضية الكبرى»، نظمتها المديرية العامة للأمن الوطني، بتنسيق مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الأنتربول»، عن طريق مشروعها «ستاديا».
وعرفت هذه التظاهرة الكبرى حضور أزيد من 50 مشاركا، يمثلون هيئات شرطية من البلدان الأعضاء ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمي فعاليات كبرى وهيئات معنية.
وتمحورت أشغال هذه الورشة حول تدارس الممارسات الفضلى لتدبير الأحداث الكبرى ذات الطابع الرياضي على الصعيدين الوطني والدولي في مختلف الرياضات والأنشطة المواكبة لها، والتي ما فتئت تتطلب تنظيما محكما وتنسيقا وثيقا على المستوى الداخلي وتعاونا على المستوى الدولي.
وناقشت الورشة، التي تندرج في سياق انخراط المملكة في مشروع «ستاديا» الذي ترعاه منظمة «الأنتربول»، مجموعة من المحاور المتعلقة بأمن التظاهرات الرياضية الكبرى، خصوصا استعراض معايير الأمن والسلامة خلال تنظيم المباريات الكروية الدولية والقارية، وآليات تبادل واستغلال المعلومات الخاصة بأمن التظاهرات وتقنيات التنسيق بين ممثلي الأجهزة الأمنية، ودور آليات التعاون الأمني الدولي في التنسيق بين منظمي التظاهرات الرياضية، فضلا عن استعراض التجربة المغربية في مجال أمن التظاهرات الرياضية.
أكد والي الأمن، مدير الأمن العمومي بالمديرية العامة للأمن الوطني، الحايل زيتوني، خلال الجلسة الافتتاحية، أن اللقاء يناقش أفضل الممارسات الرامية إلى الحد من التهديدات المحتملة التي تواجه الأحداث الرياضية الكبرى، وتبادل الاطلاع عليها، من خلال عروض يقدمها خبراء مشروع «ستاديا» .
وأضاف أن هذا اللقاء الكبير يروم أيضا تبادل الخبرات وتقاسم التجارب الفضلى للرقي بالممارسة الرياضية والنهوض بمختلف الجوانب المتعلقة بتنظيمها وذلك بتعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون وفرق التدخل من أجل ضمان سلامة وأمن أماكن إقامة الألعاب الرياضية عن طريق استعراض دور قنوات المعلومات في إطار تبادل البيانات خلال الأحداث الرياضية الكبرى، والإلمام على نحو أفضل بالتحديات الرئيسية ذات الصلة.
وتابع أن الأحداث الرياضية الدولية الكبرى التي تجري في مواقع واسعة ومتفرقة، أصبحت تطرح العديد من التحديات الشرطية والأمنية على البلدان المضيفة لكونها تجتذب كثيرا من الأنشطة الإجرامية، وكذا على المتخصصين في الشأن الأمني، مما يفرض رهانات لتدبيرها وفقا للمعايير الدولية وفي احترام تام للحقوق والحريات والعمل على الموازنة بين التدبير الجيد والحفاظ على النظام والأمن العامين وحماية الأفراد وممتلكاتهم.
ومن جهته، قال فلاح الدوسري مدير عام مشروع «ستاديا» بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية إن الورشة تمحورت حول واحدة من أهم القضايا التي تواجه العالم اليوم، وهي أمن وسلامة الفعاليات الكبرى سواء كانت رياضية أو احتفالات ثقافية أو قمم سياسية رفيعة المستوى، والتي تطرح في الوقت نفسه تحديات أمنية كبيرة تتطلب تخطيطا دقيقا واستراتيجيات محكمة.
كما شدد على أهمية مواصلة تطوير استراتيجيات تخدم المنظومة الدولية لضمان أن تتم كل فعالية كبرى في بيئة آمنة ومستقرة، مبرزا في هذا السياق دور مشروع «ستاديا» الذي أطلق بدعم من دولة قطر في 2012 بالتعاون مع الأنتربول، والذي يعد مبادرة رائدة في مجال أمن الفعاليات الكبرى.
وأشار إلى أن هذا المشروع، الذي يرتكز على أربعة أعمدة رئيسية تتمثل في بناء القدرات وإدارة المعرفة والشبكات والشراكات وفريق العمل المشترك للأنتربول، كان له دور حاسم بشكل فعال ومباشر في تأمين كأس العالم 2022 بقطر وأولمبياد باريس 2024.
وجاءت هذه الورشة الدولية في سياق مواكبة احتضان المغرب لمنافسات كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 في نسخة مشتركة مع إسبانيا والبرتغال، وذلك من خلال المساهمة في بناء قدرات العاملين في جهاز الأمن الوطني في مجالات تنظيم التظاهرات الكبرى وفق القواعد والممارسات المعتمدة على الصعيد الدولي، خصوصا في مجالات تدبير الحشود والتنظيم الشرطي لاستغلال المنشآت الرياضية ومواكبة واستباق التهديدات والأخطار ووضع خطط العمل الاعتيادية وتلك المعتمدة في حالات الطوارئ وإدارة مراكز العمليات ومراكز التعاون الأمني الدولي.
وفضلا عن الأطر الأمنية المغربية المختصة في ميادين الأمن الرياضي وتنظيم التظاهرات الكبرى، حضر أيضا مسؤولون دوليون وخبراء أمنيون مثلوا منظمة «الأنتربول» والكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم «الكاف»، والاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، فضلا عن خبراء في مجال الأمن الرياضي يمثلون مجموعة من الدول العربية والإفريقية والأوروبية.
وأجمعت تصريحات غالبية المشاركين في هذا الحدث على الدور الريادي الذي ما فتئ يلعبه المغرب في تأمين التظاهرات الرياضية الكونية، حيث بات نموذجا يحتذى به على مستوى العالم في مجالي الأمن وإدارة الفعاليات الكبرى، لأن الأمن أصبح يشكل رهانا يتعين كسبه ليس فقط بالنسبة للدول المستضيفة، ولكن أيضا بالنسبة لمختلف الأطراف المعنية، التي تعمل في إطار تعاون وثيق من أجل أمن وسلامة الأحداث الرياضية الكبرى.
دينامية قوية في تنظيم التظاهرات الكبرى
أكد مدير الدعم العملياتي والتحليل في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الأنتربول)، سيريل غوت، أن المغرب «بلد يتمتع بدينامية قوية» في تنظيم التظاهرات الرياضية الدولية ويعمل بتعاون وثيق مع شركائه بالإنتربول على تأمينها.
وقال غوت في تصريح للصحافة، إن «المغرب بلد دينامي للغاية، مقبل على استضافة تظاهرات رياضية كبرى، وسنعمل معا على تأمينها من خلال الأنتربول ومشروع «ستاديا»، عبر ديناميات عمل جماعي تنخرط فيه مختلف الدول لتعزيز الأمن وتطبيق أفضل الممارسات في تدبير هذه الأحداث».
وأضاف غوت «نحن اليوم في مراكش لحضور حدث يكتسي أهمية وطنية وإقليمية وعالمية، بما أن مشروع «ستاديا» يعمل على ضمان أمن وسلامة الفعاليات الرياضية الكبرى، وكذلك التظاهرات العالمية»، مشيرا إلى أن كأس العالم قطر لسنة 2022 ودورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس أظهرتا نجاعة هذه المنظومة.
وأبرز غوت أن مشروع «ستاديا» يرسي أنظمة ومعايير وقواعد وإجراءات للتعامل مع الجماهير على أراضي الدول المستضيفة، والقيام بعمليات استكشاف أمنية متكاملة بهدف إدماج باقي الشركاء (السلطات المحلية ووسائل النقل والمستشفيات…)، في تدبير تدفقات المشاركين في هذه الفعاليات بشكل سلس وآمن. وأكد أن هذه المقاربة يتم تفعيلها في احترام تام لحقوق الإنسان وحقوق المواطنين وحماية البيانات والمعطيات الشخصية، مع وضع إمكانيات الأنتربول والمغرب رهن إشارة مختلف المتدخلين، مشيرا إلى أهمية القيام بتحليل في الزمن الحقيقي لتهديد أشكال الإجرام الجديدة، المدعمة بالجريمة السيبرانية، قصد التمكن من القيام برصد أفضل لهذه التهديدات والعمل بشكل جماعي على نحو أفضل.
مساهمة فعالة
في إنجاح أولمبياد باريس
أكد المستشار الخاص بالعلاقات الدولية لدى المديرية الوطنية للشرطة القضائية الفرنسية، لوكا فيليب، أن المغرب ساهم «بشكل فعال» في إنجاح تنظيم الألعاب الأولمبية باريس 2024.
وقال فيليب، في تصريح صحافي، على هامش هذه الورشة: «أود أن أشكر المغرب على مساهمته الفعالة في إنجاح الألعاب الأولمبية باريس 2024».
وبعدما وصف التعاون الفرنسي – المغربي في المجال الأمني بـ «الكثيف»، أشار فيليب إلى أن البلدين «يتقاسمان الإشكاليات الأمنية نفسها، ونحاول إيجاد حلول مشتركة في ظل احترام سياساتنا وبروح من الانفتاح والبراغماتية».
البرتغال تراهن
على الخبرة المغربية
أكد المشرف الرئيسي والمفوض العام للشرطة البرتغالية، مانويل أوغوستو ماجينا دا سيلفا، أن المغرب راكم تجربة وخبرة في تنظيم وتأمين التظاهرات الرياضية الكبرى، يمكن للبرتغال الاستفادة منهما.
وقال ماجينا دا سيلفا، في تصريح صحافي أن «المغرب والبرتغال وإسبانيا، البلدان المستضيفة لكأس العالم لكرة القدم 2030، تعمل على تبادل الممارسات الفضلى، وفي هذا السياق، يمكننا الاعتماد على خبرة المغرب».
وأشار المدير السابق للشرطة البرتغالية إلى أن هذه الورشة تشكل مناسبة لتبادل الممارسات الفضلى ووضع الاستراتيجيات الأنجع لمواجهة التحديات المرتبطة بتنظيم حدث عالمي مثل كأس العالم.
واعتبر أن ورشة مراكش، التي تم تنظيمها في إطار مشروع «ستاديا»، تكتسي أهمية خاصة من أجل «تحضير وتنسيق المشاريع التي يتعين أن ننفذها معا في المستقبل».
دور رئيسي في تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى
أكد المشرف الرئيسي بالشرطة الإيرلندية، أنتوني أودونيل، أن المغرب يضطلع بـ «دور رئيسي» في تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى والتخطيط لها.
وأبرز أودونيل، في تصريح صحافي، تجربة المملكة وقدراتها في هذا المجال، حيث أشار إلى أن المغرب يستعد بـ «حماسة» لتنظيم تظاهرات رياضية كبرى، لا سيما كأس أمم إفريقيا 2025، وكأس العالم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال.
وأبرز المسؤول الأمني أن لقاء مراكش شكل مناسبة للمشاركين من جميع أنحاء العالم لبحث مختلف المبادرات الكفيلة بتعزيز التعاون في هذا المجال وضمان حفظ النظام خلال التظاهرات الرياضية الكبرى.
وأضاف أن هذا الحدث المميز شكل فرصة مواتية للبلدان الإفريقية للاطلاع عن كثب على التجارب المتراكمة في هذا المجال بمختلف مناطق العالم والاستفادة منها.
توفر الكفاءات
والخبرات اللازمة
أكد العقيد في الشرطة اليونانية، نيكولاوس بتروبولوس، أن المغرب الذي يستعد لاستضافة تظاهرات رياضية كبرى، يتوفر على الكفاءات والخبرات اللازمة لضمان نجاح هذه التظاهرات.
وقال بتروبولوس، في تصريح له إن «المغرب له القدرة والكفاءات والخبرات اللازمة لتنظيم حدث كبير مثل كأس العالم لكرة القدم».
وأعرب عن «تفاؤله» بشأن قدرة المغرب على إبراز تميزه في تنظيم الأحداث الرياضية المقرر إقامتها بالمملكة، بما في ذلك كأس أمم إفريقيا 2025، وكأس العالم فيفا 2030، التي سينظمها بشكل مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال.
وخلص بتروبولوس إلى القول: «ننتظر بفارغ الصبر الإنجازات الكبرى للمغرب في ما يتعلق بتأمين الأحداث الكبرى التي ستنظم بالمملكة».
ومن جانبها أكدت ليرينا برايت، المديرة التنفيذية لوكالة دولية تعمل في مجال البحث والتربية والترافع ضد استغلال الرياضيين الشباب، أن المغرب يضطلع بدور مهم في تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى على المستوى العالمي.
وأبرزت برايت، في تصريح مماثل، أن العديد من المبادرات الرائدة انطلقت من المغرب، على غرار هذا اللقاء الذي تميز بمشاركة خبراء ومتخصصين من جميع أنحاء العالم. كما سلطت الضوء على دور ومساهمة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في النهوض بالرياضة العالمية من خلال استضافة تظاهرات كبرى، مذكرة، في هذا الصدد، باستعداد المغرب لاستضافة أحداث كبرى، لا سيما كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025، وكأس العالم لكرة القدم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال.
من جهة أخرى، أبرزت برايت جودة النقاشات المثمرة التي اتسمت بها أشغال هذه الورشة، مشيدة، في الوقت ذاته، بالمستوى التنظيمي المتميز والاستقبال الحار الذي حظي به المشاركون في هذا اللقاء المهم.
قوة دافعة نحو التعاون
جنوب – جنوب
قال المستشار التقني – العملياتي للمدير العام للأمن الوطني السنغالي، مامادو ندياي فال، إن تنظيم الورشة حول أمن وسلامة التظاهرات الرياضية الكبرى بمراكش يعكس التزام المغرب الثابت وجهوده الدؤوبة لفائدة التعاون جنوب – جنوب.
وأضاف ندياي فال، في تصريح صحافي، على هامش هذه الورشة: أن «المغرب يظل قوة دافعة في مجال التعاون جنوب-جنوب، وتنظيم هذا اللقاء المهم يؤكد هذا الواقع».
وعبر المسؤول الأمني السنغالي عن خالص شكره لجلالة الملك محمد السادس على تشبث جلالته بالأمن الدولي والتزامه بالتعاون متعدد الأطراف بشكل عام، والتعاون جنوب – جنوب بشكل خاص، مبرزا العلاقات العريقة بين المغرب والسنغال.
وبعدما أشاد بالسير السلس «على جميع المستويات» لهذه الورشة التي نظمتها المديرية العامة للأمن الوطني، قال ندياي فال إنها «مكنتنا من مواصلة تعزيز قدراتنا في أفق تنظيم الألعاب الأولمبية للشباب دكار 2026».
وخلص المسؤول الأمني السنغالي إلى القول إن «هذا النوع من المبادرات مهم للغاية بالنسبة للبلدان الإفريقية».