حديثي عن الراحل بن جلون يجرني إلى ذكر بعض المحطات التي برز فيها دوره مدافعا عن قضايا بلده وأمته وفي طليعتهما قضية الصحراء المغربية. فقد زارني رحمه الله في باريس بالتزامن مع انعقاد جلسات محكمة لاهاي الدولية التي حضرها ضمن الوفد المغربي. وبعد عودته إلى باريس قام باتصال مع قيادة جمعية اتحاد الطلبة المسلمين لشمال افريقيا (AEMNA)، الذي كان يرأسه سابقا، بغرض إلقاء محاضرة بمقره بحضور جمع حاشد من الطلبة المغاربيين من المغرب والجزائر وتونس ومصر وسوريا ولبنان. وكانت المحاضرة رائعة وواضحة المعاني عرض فيها اختيارات الحزب بشكل جلي، وكذلك الموقف من قضية الصحراء منذ جذورها التاريخية إلى حالها الراهن آنذاك.
وقد اغتنم عمر وجوده بباريس لتوسيع اتصالاته الدولية، حيث حضرت معه صحبة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي اجتماعا بالجزائر من تنظيم جمعية القانونيين الديمقراطيين (Les Juristes Democtrates). وبالطبع كانت تلك مناسبة للقاء قيادة جبهة التحرير الوطنية الجزائرية (FLN)، إذ ظهر من الحوار الذي أجري معهم أن ثقتهم بالملك الحسن الثاني كانت ضعيفة، وأنهم فوجئوا باتخاذه لقرار المسيرة الخضراء دون علمهم، مع أنهم «كانوا يميلون إلى العمل المشترك بين البلدين لإيجاد حل لقضية الصحراء». وفهمنا من خلال الحديث معهم أنهم على استعداد للتعامل مع ما سمي آنذاك بالبوليساريو بكيفية واضحة على أساس أنها منظمة للتحرير.
في هذا الصدد، أكد لنا إخوتنا المغاربة الموجودون بالجزائر، وهم من الشخصيات البارزة في حركة المقاومة المغربية، ومن الحركة الاتحادية، أنهم ليسوا على استعداد لمساندة الجزائريين في مساعيهم والدخول في أي عمل يمس بوحدة المغرب الترابية.
لقد كان عمر يعتبر أن قضية الصحراء ينبغي أن تحظى بالأولوية في انشغالات المناضلين. وكانت كل رحلاته إلى الخارج، سواء في اجتماع الحقوقيين العرب بالجزائر العاصمة، أو أثناء زيارتين إلى فرنسا أو عندما سافر في يوليوز 1975 إلى هولاندا لمتابعة قضية الصحراء المعروضة آنذاك على أنظار محكمة العدل الدولية بلاهاي… كانت كلها مخصصة لقضية الصحراء المغربية.
لقد أبانت تلك التحركات الداعمة لقضية وحدتنا الترابية جدية حزب الاتحاد ورغبته في استئناف العمل مع النظام، بما يلزم من وضوح لإيجاد حلول لكل مشاكلنا الداخلية، إلا أن هذا المسار سيشهد تحولا بعد قبول الحسن الثاني رحمه الله بمبدإ الاستفتاء خلال مؤتمر نيروبي.
(*) من كتاب مولاي المهدي العلوي (أحداث ومواقف)