عن قانون (COPPA ) لحماية خصوصية الأطفال على الإنترنت والالتزام الحرفي بمقتضياته

 

يشتكي العديد من صناع المحتوى على منصة اليوتوب بتراجع كبير في جني أرباحهم التي يتقاضونها جراء قيام الشركات التجارية بإدراج وصلات إشهارية وإعلانات على قناتهم .رغم أن بعض المحتويات المعروضة، حظيت بمشاهدات معتبرة على حد قولهم . ويبدو أن هؤلاء اليوتبورزيون لا يلتفتون إلى الرسائل الإدارية الموجهة من إدارة اليوتوب عن طريق بريدهم الإلكتروني، والتي تأخذ طابع إنذار أو تحذير أو تنبيه، وذلك أثناء كل مخالفة سواء كانت مقصودة أو عن غير قصد .
وكانت إدارة منصة اليوتيوب لعرض الفيديوهات قد شرعتبداية من شهر يناير عام 2020 في عملية تصنيف شاملة، تروم تجميع البيانات حول المحتويات المنشورة، خاصة تلك التي تكون موجهة بالأساس إلى الطفولة. وذلك تفعيلا للقانون الأمريكي النشأة «كوبا»(COPPA ) قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت والالتزام الحرفي بمقتضياته.
لكن، ما هو المحتوى المخصص للأطفال؟ يتم تحديد المحتوى من خلال ظهور شخصيات طفولية أو مجرد بروز أطفال في وضعيات مختلفة، برامج بمضامين الطفولة وأشكال الحكايات الشعبية ذات الصلة، أو الشخصيات المتحركة. ألعاب، التمثيل أو القصص باستخدام ألعاب الأطفال. مشاركة أبطال الأطفال في أنماط اللعب الطبيعية الشائعة مثل اللعب التمثيلي أو اللعب الخيالي. أغاني الأطفال الشعبية، والقصص أو القصائد» .
وشرعت بالفعل في توقيف خيارات وميزات محددة،على الفيديوهات الموجهة للطفولة ذاتيا أو عبر نظام الذكاء الاصطناعي، بحيث لم يعد مسموحا بضخ الإعلانات التجارية، ولا بكتابة التعليقات، ولم تعد خاصية تفعيل الإشعارات كالإعجاب وعدم الإعجاب والتقاسم والمشاهدة البعدية متوفرة، وبدت هذه الخدمة تظهر تدريجيا إلى أن تم تفعيلها بالكامل .
ويبدو أن المتضرر الوحيد من قانون COPPAهم صناع المحتوى، خصوصا أولئك الذين يملكون قنوات خاصة على اليوتوب ويخصصونها للطفولة وأنشطة الحياة المدرسية .وكذا التنشئة الاجتماعية في قوالب تربوية . وبما أن جني الأرباح على منصة اليوتوب يأتي من حجم المشاهدات وللوصلات اوالإعلانات التجارية، فإن قانون كوبا COPPA يمنع نشرها ، ولن يتيحها على المحتويات الموجهة للأطفال. بل صار من المؤكد أن يؤدي هذا الإجراء إلى انخفاض ملموس في نسب أرباح بعض صانعي المحتوىعلى منصة اليوتيوب، لاسيما أولائك الذين صنفوه بمحض إرادتهم على أنه مخصّص وموجه للأطفال.
وتبعا لذلك، يمكن لصانع المحتوى على منصة اليوتيوب أن يصنف بمحض إرادته نوعية الجمهور الذي يستهدفه من خلال الفيديو الذي يريد تقاسمه على قناته، وذلك ضمن خيارين يتعين تفعيل أحدهما إجباريا، إما أن المحتوى موجه للأطفال .أو أن هذا المحتوى غير موجه للأطفال . وتشكل هذه الخانة نقطة مضيئة تساعد منشئ المحتوى على الإقرار بمسؤوليته وضمان أن يتوافق المحتوى مع قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA) أو القوانين الأخرى المعمول بها.
وبصرف النظر عن الموقع الجغرافي لمنشئ المحتوى، فإن هذا التحديد يشكل إشعارا لإدارة اليوتيوب بأن الفيديو مخصص وموجه للأطفال. وفي حال ما إذا لم يتم تحديد الجمهور المستهدف بشكل صحيح، سيواجه المنشئ مشاكل حقيقية، كالإنذار الصادرعن لجنة التجارة الفدرالية FTC وسلطات أخرى. وذلك بسبب عدم الامتثال للقوانين، كما يفتح الباب واسعا أمام اتخاذ بعض الإجراءات بحق مالك القناة.
والحقيقة أن صانع المحتوى لا يجد صعوبة في التعامل مع هذا المعطى الجديد، لأن إدارة منصة اليوتيوب وفرت جميع أشكال المساعدة والتوجيه وجعلتها متاحة، بما في ذلك استخدام تقنية تعلّم الآلة للمساعدة في تحديد الفيديوهات الموجّهة بشكل واضح إلى الجماهير الأصغر سنًا. لكنها تعتمد رأي صانع المحتوى بشكل أساس في تحديد جمهور يستهدفه بفيديوهاته وبشكل دقيق. ومهما يكن، فإن رأي الإدارة يظل الأقوى، إذ يمكنها إلغاء الإعدادات المحددة سلفا من قبل منشئ المحتوى، إذا تبين لها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي أنّه غير صحيح، أو أنه ناتج عن إساءة استخدام النظام. رغم أنها تعتمد بدرجة أساس التحديد الذي يراه منشئ المحتوى، ولا تتبنى بشكل قطعي الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحديد الجمهور نيابةً عن صناع المحتوى، لأن هذه الأنظمة، قد لا تنجح في تحديد المحتوى الذي تعتبره لجنة FTC أو سلطات أخرى مخصصًا للأطفال من هنا يأتي الحرص الشديد على الاعتماد على التصنيف الذاتي للمنشئ.
اليوم صار على صانع المحتوى أن يلتزم بالقانونCOPPA قانون احترام خصوصية الطفولة على الأنترنيت الذي يعتبر ساريا المفعول ابتداء من شهر يناير 2020. وأن عقوبات صارمة قد تنتظره في حال ما إذا ثبت انتهاكه لبنود القانون، بما في ذلك سيل الإنذارات، وتوقيف حسابه أو أغلاق قناته بالمرة في حال تعمد انتهاكه بشكل مستمر.
وتأتي هذه الصرامة في تفعيل بنود كوبا COPPA بعد أن ألزمت شركة كوكل بأداء غرامة بلغت 170 مليون دولار لتسوية مشاكل قضائية واتهامات وجهت إليها، بعد أن تأكد أن منصة اليوتيوب انتهكت القانون، عندما تعمدت تتبع وبيع الإعلانات التجارية الموجهة للأطفال في شهر سبتمبر 2019.
وقد شرعت شركة كوكل بالفعل توقيف عرض الإعلانات المخصصة على المحتوى المخصص للأطفال، سواء كان التحديد ذاتي من المنشئ أو تلقائية عبر تصنيفات الشركة، عبر تقنية الذكاء الاصطناعي. واستنادا لقانون COPPA على أن تستكمل الشركة في تقديم الإعلانات غير المخصصة (الإعلانات التي يتم عرضها استنادًا إلى السياق بدلا من بيانات المستخدم) على المحتوى الذي يتم إعداده للأطفال. وتؤكد شركة كوكل أن المداخيل أو الأرباح التي يحققها صناع المحتوى من الإعلانات ستنخفض بشكل ملموس في حال أعلنوا أن محتواهم مخصص للأطفال، كما سيتوقف التفاعل على ما يقدمونه، على مستوى تفعيل الخيارات والميزات مثل الإعجاب وعدم الإعجاب، والتقاسم والاشتراك بالإضافة إلى القصص وخصائص المشاركة،وجرس التنبيهات وخاصية المشاهدة لاحقا. لكن، كوكل لم تغلق الباب نهائيا أمام تحقيق الأرباح، بل قدمت وعودا لصناع المحتوى على منصة اليوتيوب، بطرق جديدة للانتفاع ستعلنها في الأشهر القليلة القادمة.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 15/03/2021