ازدادت أهمية القصبة ، واشتهرت باسم القائد عيسى بن عمر العبدي ،نظرا لما أضافه اليها من بناءات ومرافق أخرى ، ما تزال بعض معالمها ،رغم اندثارها تشهد على مستوى العظمة والثراء اللذان تميز بهما القائد ، كما أن بناءها المعماري يعبر عن عقلية القائد التي كانت تحاكي ما كان يراه لدىارستقراطيي المدن. فهي بلاط مصغر يضاهي باقي البلاطات المخزنية في المدن الحضرية ، وهي المقر الرئيسي والدائم للقائد ، والقصبة في شكلها العام، عبارة عن قاعة كبيرة ،محصنة بأسوار عالية تحمي القائد وأسرته من أي تمرد أو عصيان محتمل ضده . ولا يمكن ولوج القصبة الا من خلال مدخلها الرئيسي المحروس بدقة من طرف حراس القائد وأعوانه ، وعلى رأسهم حارس الباب الخارجي ( ابا حسين ). الذي كان على اتصال بكل الوافدين على القصبة لقضاء أغراضهم ، ثم الباب الداخلي المؤدي الى المرافق الداخلية للقصبة ، وكان على حراسته ( أبا رزوق) ،المعروف لاخلاصه وتفانيه في خدمة القائد ، ولا يسمح لأي زائر أجنبي عن الأسرة بولوج القصبة ، الا بعد الاستئذان ، كما كان في اتصال دائم مع عريفة الدار (مسعودة الشاوية)، وهي جارية القائد التي كانت قائمة بأزمور الدار الداخلية ، و في الجهة الخلفية من القصبة ، يوجد مقر الحراسة يقيم به أحد حراس القائد المشهورين وهو ( السي قدور ) .
كانت القصبة تقوم بوظائف عديدة ، فبجانب كونها قلعة محصنة للدفاع عن أسرة القائد من أي اعتداء محتمل من طرف القبيلة ، فهي مع ذلك قوية تامة المرافق ، كالبلد الصغير وهذا ما يمكن استخلاصه من خلال تفكيك مرافقها المتعددة :
مرفق السكن والاقامة : وهو المجال الذي يغطي حوالي ثلث القصبة ، وهو عبارة عن دور لسكنى أبناء القائد عيسى بن عمر ولابناء أخيه محمد بن عمر وباقي أفراد أسرته ، وتقدر هذه الدور بما يفوق العشرين دارا ، كانت كلها متوفرة على المستلزمات الضرورية للسكن ، ومن أهم هذه الدور :
دار القائد عيسى بن عمر :وهي الدار المخصصة لحريم القائد ، وتتكون من ثلاث طبقات على النمط الفاسي ، وبالأسفل روض مربع به أربع ،( قباب مقابلة كبيرة وعريضة لا زال بها زليج ممتاز وسقوفها الخشبية مزخرفة بالنقوش ، وبوسط الدار نافورة تتدفق منها المياه ، الطابق العلوي عبارة عن مقصورة ، به غرفتان تطلان على ممتلكات القائد الشانعة .
وكانت الدار تتوفر على أجنحة مخصصة لاستقبال الضيوف واقامة الولائم ، حيث لم تكن تخلو منهم ،فقد كان القائد يدبح يوميا بقرة واحدة وعشرين خروفا والمئات من الدجاج .
ان القائد كان حريصا على أن يظهر بمظهر السخاء والكرم ، وبدونها لا يمكن أن يكون سيدا ،وهذا ما استخلصه ذ. التوفيق حين قال: بأن القائد كان مضطرا ال. ان يكون مبذرا كبيرا ، حتى تتحقف له الأبهة الائقة .
مرافق القيادة : كانت القصبة مقرا رسميا لممارسة السلطة القيادية ومنها تصدر الأوامر والأحكام ، وقد اتخذ القائد محكمته داخل القصبة ، وهي عبارة هن غرف ثلاث مازالت بعض معالمها واضحة ، خصوصا منها القاعة التي كان يجلس فيها القائد ، وهي عبارة عن قاعة متسعة ومزلجة وسقفها مزخرف .
وترتبط المحكمة بالأماكن المخصصة للاعتقال والسجن وهي تمثل صنفين :
صنف مخصص للاعتقال المؤقت (بنيقة)، كان يتم فيها الاحتفاظ بالمتهم لمدة وجيزة .
صنف أخر هو عبارة عن دهاليز مغلقة ومغطاة بسقف دائري ضيقة ومظلمة جدا ، يبلغ عددها خمسة ، كان يطلق عليها اسم (البردوز). وربما كانتوتستعمل لحشد الخارجين عن طاعة القائد أو المحكوم علبهم بأقصى العقوبات .
المرافق الدينية : وتضم على الخصوص مسجدا لازالت بعض معالمه قائمة الى الأن ءات ، خصوصا منها الأقواس النصف دائرية ، ومقصورة الامام ، لعل المسجد كان يستعمل أيضا لتعليم ألناء القائد مبادئ القراءة وأصول الدين . كما يوجد مقرا للزاوية التيجانية ، ويحكى أن ابنه ادريس هو الذي أقام هذه الزاوية ، ولعل بعض ابنائه الأخرين كانوا متأثرين بهذ الطريقة .
كما توجد مقبرة تسمى مقبرة ابن الشتوكي ، وبها قبور بعض أفراد أسرة القائد وشرفاء القبيلة ، وبها دفن القائد بعد وفاته .
المرافق الخاصة :تضم اسطبلات خاصة لتربية المواشي على اختلاف أنواعها وبالأخص الخيول ، حيثكانتوايطبلات القائد تضم حوالي أربعمائة فرس . كذلك خزائن التموين المطامير المخصصة لخزن الحبوب والتي كانت وحدها تكفي كل سكان عبدة . حريم القائد : كان حربم القائد يتكون من زوجاته الحرات وجواريه على اختلاف أصولهن من افريقيا السوداء خصوصا مالي والسينغال والسودان ، فبالنسبة لزوجاته ، كان القائد بنتقينهن من ببن الأسر المخزنية العريقة ، ذات المكانة الاجتماعية أو من القبيلة أو خارجها ، والمعروف من زوجات القائد أربعة .كلهن تزوجهن حسب الشرع الاسلامي ، وقد ماتت اثنتان منهن فعوضهما وصار مجموع زوجانه ( 6)هن : زوجته الأولى : كانت احدى بنات عمهزالقائد أحمد بن عمر ، زوجته الثانية : أم هاني هي أرملة أخيه محمد بن عمر ، وفي نفس الوقت هي بنت القائد أوبلة الرحماني . الزوجة الثالثة : فاطنة زوجها له السلطان المولى الحسن . الزوجة الرابعة : عيطونة بنت القائد بن أبا، قائد أحمر .الزوجة الخامسة ، البيضة احدى بنات الحاج محمد لن ملوك ، أحد أعيان فخدة أولاد زيد .من قبيلة البحاثرة .
زوجته السادسة : شوميسة ، من بنات شيخ زاوية السي الصغير البزيوي بقبيلة بزو . كما كان له عدد من الجواري ، ويقال أن احداهن كانت له علاقة شرعية معها ، وهي احدى بنات ملوك السودان ، كما كانت تدعي بنفسها ، وله منها ولد وبنت (عبد الكريم…ومريم).