تعود «الاتحاد الاشتراكي» من جديد لتحيي ذاكرة تاريخية لمنطقة عرفت عبر مراحل تاريخية جد مهمة أحداثا مازالت منقوشة من خلال الآثار الجغرافية أو ما تم تدوينه كإرث تاريخي لعصر اختلف فيه الباحثون، وحوله بعض المؤلفين إلى سيناريوهات بعيدة كل البعد عن الحقائق التاريخية، بل جعلوا منها أحداثا قابلة للفرجة، ولو كان ذلك على حساب تزييف مرحلة تاريخية مهمة .
نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..
تؤكد مجموعة من الرسائل أن القائد كان يخبر السلطان بكل خرق مارسه عامل المدينة ابن هيمة .فهل كان القصد من ذلك هو الايقاع بابن هيمة ؟. أم أن ذلك كان يدخل ضمن خطة المخزن المركزي الرامية الى استغلال جو المنافسة ، لمعرفة المزيد من الأخبار حول ممارسة ممثلي المخزن المحلي .
ان تعدد المراسلات في هذا الباب تجعلنا نميل الى الاعتقاد بان السلطان المولى الحسن كان يسعى الى تكثير مصادر أخباره حول افراد مخزنه المحلي ، ولعل هذا ما شجع القائد عيسى بن عمر ، على أن يخبر السلطان بكل شادة وفادة تقع داخل المدينة .
فحينما صدر الأمر للقائد .باستخلاص (العزيب )، الذي لابن زكريا بأيالة ابن الثمار بالثراء . وقام القائد بالتحريات اللازمة وتوجه لمحل من قبيلته قرب أسفي وتقابل مع مالك العزيب ، وخاطبه بالبيع فتنمع اولا ..ثم انقاد الى الببع ب (20000ريال). ذاكرا أن ابن هيمة أعطاه في حياته (18000ريال). ومعلوم أن سياق هذا الخبر ليس بريئا ، بل هو أيحاء للسلطان بأن الطيب بن هيمة ، قبل وفاته ، كان يسعى لتوسيع أملاكه خارج المدينة ، ويدفع من أجل ذلك أموالا كثيرة ، ومثال على ذلك ، المبلغ الذي قدمه من أجل شراء ( عزيب ) اليهودي زكريا .
وفي نفس السياق كتب القائد عيسى بن عمر الى السلطان ليخبره بتملص ابن هيمة من دفع كراء احدى جنان المخزن التي كانت بحوزته ، رغم التزامه بدفع مائتي ريال كراء ، وألف ريال أكراما …وان ابن هيمة أبى الزيادة أو التسليم ، ولم يجد العامل بدا أمام ذلك ،الا بقبول ما التزم به، والرضوخ الى الزيادة التي زادها القائد عيسى بن عمر في كراء جنان المخزن . واذا كانت الرسائل تؤكد أن تدخلات القائد كانت من أجل الوقوف لفصل بعض قضايا المخزن المركزي ، فان بعضها الأخر ، لم تكن لها الا صفة الأخبار ، فلم يتردد القائد عيسى بنعمر في اخبار السلطان بكل ما يقع .
وكان القائد عيسى بن عمر يتجاوز أحيانا حدود أيالته ، ويترامى على بعض أهالي المدينة ،فقد وقع اللجاج في قضية اعتقال أحمد بن لحسن السلماني ، الذي كان مخالطا للرجل الأسفي المحتمي ، وأن الرجل المذكور من أسفي ، لكن القائد اعتقله رغم انه ليس من أيالته ، وأخد متاعه وسجنه ، لذلك كتب العامل ابن هيمة الى السلطان ، الذي تدخل للحد من تجاوزات القائد وأمر بنقل المعتقل الى سجن مراكش .
وبعد احتدام التنافس، التجأ عامل أسفي ، حمزة بن هيمة الى تقديم شكاية ضد القأئد عيسى بن عمر للسلطان المولى الحسن ، الذي أصدر أمره بحسم موضوع الخلاف ، وفعلا تمت المصالحة ، على اثر اجتماع بينهما ، أذاب كل الحساسيات التي كانت تفرقهما ، وأخبر القائد عيسى بن عمر السلطان بتفاصيل الصلح بناء على الأوامر السلطانية .