عيسى بن عمر العبدي.. قائد عبدة -27- امتداد نفود القائد عييى بن عمر الى كل قبائل عبدة

نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..

يؤكد الكاتب والمؤرخ ، المصطفى فتيتر ، انه لا نتوفر على تاريخ مضبوط لنحدد من خلاله ظهائر التعيين وتاريخ توسيع وامتداد نفود القائد عيسى بن عمر على كل قبائل عبدة ، الا أن لدينا من الاشارات ما يوضح أنه مارس سلطة واسعة ، تجاوزت حدود قيادة البحاثرة . فقد استطاع القائد بمساعدة المخزن القضاء على انتفاضة أولاد زيد ، وتمكن بعدها من تهدئة أحوال عبدة بشكل نهائي ، هذا ما جعله مرشحا لبسط سلطته على قبائلها . انه كان محظوظا من طرف المخزن المركزي ، وكان يتمتع بثقة الوزير الوصي أحمد بن موسى ، بل كان من حاشيته ، وهذا ما يفسر كذلك انتشار نفوده على كل قبائل عبدة . فحوالي ينة 1896 ميلادية امتدت ايالة القائد عيسى بن عمر ، لتشمل قبيلتي الربيعة و العامر، وأصبح بذلك قائدا على كل قبائل عبدة ، ويشير (فايسجر بر~~ Weisgerber) الطبيب الخاص للوزير أحمد بن موسى أنذاك والذي تعرف على القائد سنة 1898ميلادية اثناء احدى حركات السلطان المولى عبد العزيز قائلا : (ان القائد كان في أوج قوته ، وتمتد مناطق نفوده من الوالدية الى تانسيفت ، من البحر الى مشارف مراكش على بعد ستين كلمترا ، لكن اشعاعه كان يمتد لأكثر من ذلك على جانب من دكالة و الرحامنة وشيشاوة و الشياظمة وحاحا . ومما تؤكده الوثائق المخزنية التي يبن أيدينا يؤكد المؤلف ، أن القائد كانت له كلمة مسموعة لدى المخزن المركزي ، وله رأي في كثير من القضايا التي كانت تطرح بالنسبة للمخزن المحلي ، سواء داخل عبدة أو خارجها ، وهو الذي كان يعالجها ، وتبعث له الظهائر الرسمية لتصفيتها حيث أعطاه السلطان المولى عبد العزيز ظهائر على بياض لتسمية وخلع من يريد من القواد الخاضعين لسلطته . هناك نمادج من المراسلات ، تبرز أن القائد عيسى بن عمر كان هو الواسطة ببن المخزن المركزي وبعض القواد في جهات أخرى ، وهذا ما يؤكد امتداد نفود القائد خارج حدود عبدة ، واعتماد المخزن المركزي عليه في فصل كثير من قضايا المخزن المحلي في جهات اخرى .
فبعد قيام بعض الاضطرابات داخل ايالة القائد ( احمد بن سالم ) بسبب سلوك احد الأشياخ على فخدة أولاد علي والغوات ، وهو الشيخ الحاج أحمد بن الطاهر العلوي ، طلب القائد المذكور من القائد عيسى بن عمر أن يتدخل لدى المخزن المركزي ليأمره بالقبض على الشيخ المذكور ، مقابل ان يؤدي لجانب بيت المال عمره الله ،ثلاثة ألاف ريال ،يأتي بها في العيد . وفعلا أصدر المخزن المركزي أمره بالقبص على الشيخ المذكور وتوجيهه لسجن أزمور. ثم ان القائد (قدور المولاتي )قدم عنذ عيسى بن عمر قصد التدخل لدى المخزن المركزي من أجل التوسط لاطلاق سراح ابن عمه عبد القادر الذي كان مساعدا له في كل أمور القيادة ، وهو الذي كان يتولى أمر القبض على المفسدين . وحيث رأت القبيلة القبض على ابن عمه وقع فيها القيل والقال بكونه غير مقبول عنذ المخزن . فأجابه القائد عيسى بن عمر بقوله 🙁 ان تسريحه أولى لتسكين روعة اخوانه ، وطلبت مباشرة تسريحه وصار بالبال بعد اطلاع العلم الشريف ، وأمر مولانا أعز الله أمره بان تواعده ، حيث ترد في العيد ان شاء الله . وبذلك رجعت الهيبة من جديد الى المخزن المحلي حتى سيطر القواد على الموقف داخل ابالاتهم وأدعنت الرعية لسطوتهم .
كما ثم العثور في رسائل اخرى ، على مجموعة من القضايا ، كانت تهم مشاكل قواد أخرين عرضها القائد عيسى بن عمر على المخزن المركزي طالبا منه اصدار : الأمر الى القائد العياشي العبدي بأعمال الصلح مع ولده بوشعيب السعيدي ، وتسريح السيد خلوق الغنيمي من سجنه ، والأمر للقائد العربي بن الشرقي المزابي بالكون على البال من اخوان القائد بوعلي الفرجي ، النازلين بايالة بن خمليش ، وصار بالبال بعد اطلاع العلم الشريف . وتوضح هذه الرسالة أن الأمر باقرار هذه المطالب كان يصل الى القائد عيسى بن عمر ليتولى هو الاشراف على تنفيده …( والأوامر الشريفة بذلك تصلك صحبته .) وهذا تأكيد على ان القائد كان يمارس بالفعل سلطة واسعة ، وكان على راس امارة حقيقية في الجنوب ، وان لم تكن القيادة ذات الأهمية القصوى في كل المملكة .
لقد كانت تدخلات القائد لدى المخزن المركزي تجد القبول دائما ، فقد طلب الانعام على الطالب محمد بن مبارك الغندوري بجعله أمينا على اخوانه الغنادرة، ووافق السلطان على ذلك، ووبعث للقائد بظهير التولية، ليتولى هو نفسه تسليمه للمعني. كما قدم شفاعته في تسريح أحد المسجونين، فقبل السلطان شفاعته فيه، وأمر بتسريحه. وقد كان طلب شفاعة القائد في تسريح بعض المسجونين، مقبولا دائما لدى المخزن المركزي، فقد سرح عمر الطيموي بطلب من القائد، كما سرح الغندوري والمنقاري وأنعم عليهما بما تيسر من الزرع وفق طلب القائد.


الكاتب : إعداد : محمد تامر

  

بتاريخ : 04/05/2023