بكى مهندس أردني وزوجته من المقيمين في السعودية كثيرا من الفرح بعدما عرفا باختيارهما من بين قلة ستشارك في أداء فريضة الحج هذا العام التي تقر ر أن تقام بأعداد محدودة جدا على خلفية تهديد فيروس كورونا المستجد.
وللمرة الأولى في التاريخ الحديث، لن يشارك ملايين الحجاج من خارج السعودية في مناسك الحج وذلك بسبب المخاوف من الفيروس، علما أن 2,5 مليون شخص أدوا المناسك في 2019.
وتقدم كثيرون من المقيمين داخل المملكة للتسجيل لأداء الحج. ويقول مسؤولون سعوديون إنهم تلقوا طلبات من أكثر من 160 جنسية، وتم اختيار نحو 10 آلاف متقدم لأداء المناسك في عملية وصفها كثيرون بأنها لم تكن واضحة حيث أعلنت السلطات في البداية أن عدد الذين سيؤدون المناسك هو ألف شخص فقط.
وتسبب القرار في خيبة أمل كثيرين كانوا يتأملون في أداء الفريضة.
ويشكل الحج بؤرة رئيسية محتملة لانتشار العدوى لان ملايين الحجاج من حول العالم يتدف قون على المواقع الدينية المزدحمة في مدينة مكة المكر مة لأداء المناسك.
ويقول المهندس الأردني (29 عاما) الذي يقيم في العاصمة السعودية الرياض مع زوجته العاملة في المجال الصحي بعد اختيارهما لوكالة فرانس برس “مع هذا العدد الكبير من المتقدمين، لم يكن لدينا فرصة بنسبة واحد بالمئة للاختيار”.
وتابع “كنا مصدومين وسعيدين” عند وصل خبر اختيارهما.وأكد المهندس الأردني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أنه شعر بأنه مضطر لإلغاء منشوره عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه اختياره لأداء الحج هذا العام خوفا من غضب وحسد العديد من الذين قوبلت طلباتهم بالرفض.
ومن جهته، يشعر النيجيري ناصر بالغبطة إثر اختياره للمشاركة في أداء الحج، موضحا “ملكت تذكرة ذهبية” بعد الموافقة على طلبه تأدية الحج.وأضاف “هذا الشعور لا يمكن وصفه بصراحة”.
والحج الذي سيبدأ في 29 يوليو المقبل، يعد من أكبر التجمعات البشرية سنويا في العالم. ويشكل أحد الأركان الخمسة للإسلام وعلى من استطاع من المؤمنين أن يؤديه على الأقل مرة واحدة في العمر.
وكانت المملكة أعلنت في وقت سابق أنه سيتم السماح لنحو ألف شخص فقط بأداء الحج هذا العام. لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أن الأعداد سترتفع لتصل إلى نحو عشرة آلاف. وتسبب القرار بخيبة أمل لدى ملايين المسلمين الذين غالبا ما ينفقون مد خراتهم للسفر لأداء مناسك الحج، وينتظر بعضهم سنوات طويلة للحصول على موافقة من سلطاتهم وسلطات المملكة للحج.
وتلقت وزارة الحج السعودية سيلا من الاستفسارات عبر تويتر من كثيرين رفضت طلباتهم للمشاركة هذا العام.
ونشرت سيدة صورة عبر تويتر لرفض طلبها هذا العام متسائلة “لم الرفض دون ابداء الأسباب”، مضيفة “للأسف، تم رفض كل المحيطين بي”. وشعرت أرملتان احداهما نيجيرية واخرى مصرية بالغضب لرفض طلبهما، وتكهنتا إن كان سبب عدم اختيارهن هو عدم قيامهن بتسجيل محرم أي قريب من الرجال لمرافقتهن، بينما تساءل آخرون إن تم تخصيص بعض الأماكن للدبلوماسيين ورجال الأعمال والأمراء.
ولم ترد وزارة الحج طلب فرانس برس التعليق. وقالت وزارة الحج والعمرة في وقت سابق أن نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة هي 70 بالمئة من إجمالي حجاج هذا العام، ونسبة السعوديين 30 بالمئة فقط.
وأكدت الوزارة أن المشاركين في الفريضة من السعوديين سيقتصرون على “الممارسين الصحيين ورجال الأمن المتعافين من فيروس كورونا المستجد”.
واشتكى مستخدم عبر تويتر قال أنه اصيب بفيروس كورونا المستجد وتعافى منه، من عدم اختياره، قائلا “أنا ممارس صحي وأصبت بكورونا (..) لم يسبق لي الحج. لا أعلم لماذا لم يتم قبولي”.
ويرى عمر كريم وهو باحث زائر في المعهد الملكي للخدمات المتحدة أن “السلطات السعودية أبقت عملية الاختيار مبهمة للغاية كونها مسألة حساسة”.
وبحسب كريم، فإن “إبقاء (آلية الاختيار) مخفية عن التدقيق العام تأتي لتجنب إثارة ضجيج حول من تم اختيارهم ومن رفض طلبه”.
وصدر قرار الحد من أعداد الحجاج في وقت حساس للمملكة حيث تصارع الدولة النفطية أسعار الخام المتدنية التي قل صت العائدات في الوقت الذي يستعد فيه العالم لركود اقتصادي بسبب إجراءات الحد من فيروس كورونا.
وعلى الرغم من تفشي الوباء، أكد كثيرون أنهم يشعرون بأنه من الآمن أداء فريضة الحج هذا العام دون الازدحام المعتاد وتكدس حشود هائلة في مواقع دينية صغيرة. وتنظيم الحج في العادة يمثل تحديا لوجسيتيا كبيرا.
وقال كريم “يرغب الكثيرون في تأدية الحج هذا العام لأنه على الأرجح سيكون أقل عبئا وأكثر تنظيما بسبب الحشود الأقل”. وأكدت السلطات السعودية أن الحجاج سيخضعون لفحص فيروس كورونا المستجد قبل وصولهم إلى مكة المكرمة، ويتوجب عليهم الخضوع لحجر صحي قبل وبعد أداء الفريضة.
وسيتم تزويد الحجاج بمياه زمزم المعبأة من البئر بالإضافة إلى حصى تم تعقيمه من أجل رمي الجمرات.
وترى فرح أبو شنب وهي فلسطينية مقيمة في الرياض تم رفض طلبها لأداء الفريضة أن “الأمر الوحيد الذي يصبرني قليلا هو أن الدولة مشكورة أقامت فريضة الحج حتى لو كان العدد محدودا”.