ينطلق غدا الجمعة، وعلى مدى ثلاثة أيام، المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تحت شعار: «مغرب صاعد: اقتصاديا … اجتماعيا … مؤسساتيا»، أيام 17 – 18 – 19 أكتوبر 2025 بمركز الشباب والرياضة ببوزنيقة في الساعة الرابعة بعد الزوال.
وبدأ ضيوف الاتحاد بالتوافد ابتداء من يومه الخميس، حيث بلغ عددهم حوالي ثلاثين مشاركا من العالم العربي وإفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، من بينهم برلمانيون وزعماء أحزاب، ومسؤولون عن العلاقات الخارجية لأحزابهم، إضافة إلى المنسقة العامة للأممية الاشتراكية ورئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، وروحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني.
وستعرف أروقة المؤتمر الوطني الثاني عشر تنظيم أربع ندوات ستناقش فيها القضية الفلسطينية ما بعد اتفاق السلام وندوة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتحولات الديمقراطية في العالم والتعاون متعدد الأطراف.
وكان التحضير الفعلي للمؤتمر الوطني الثاني عشر انطلق من عمق الهياكل القطاعية، باعتبارها الامتداد المهني والاجتماعي للفكر الاتحادي داخل مؤسسات الدولة والمجتمع.
ففي قطاع الصحة، أعاد الحزب تفعيل أجهزته، وجعل من النقاش حول القانون الإطار 06.22 رافعة لطرح رؤيته للعدالة الصحية والمرفق العمومي.
وفي قطاع التعليم، فتح الاتحاد ورش التفكير في المدرسة العمومية باعتبارها أداة للترقي الاجتماعي، ودافع عن الأطر التعليمية كركيزة للعدالة والمواطنة.
أما في قطاع المحاماة، فقد قدّم الحزب مرافعة قوية من أجل استقلال القضاء وتعزيز الحقوق والحريات، بينما جسّد قطاع المهندسين الحسّ الاتحادي المتجدد في ربط الابتكار بالتحول الاقتصادي والبيئي، انسجامًا مع التحولات الوطنية الكبرى في مجال الطاقة والانتقال الأخضر.
لقد أعادت هذه الدينامية القطاعية للحزب عمقه الاجتماعي، ورسخت حضوره كقوة مهنية فكرية تجمع بين الكفاءة والنضال، وبين الممارسة اليومية والمرجعية الفكرية الاشتراكية الديمقراطية.
ومن الشمال إلى الصحراء، عاش الاتحاد الاشتراكي واحدة من أوسع الديناميات التنظيمية في تاريخه الحديث، تمثلت في عقد أربعة وسبعين مؤتمرًا إقليميًا، أعقبها تنظيم المؤتمرات الجهوية في توازن دقيق بين الزمان والمضمون.
كانت تلك المحطات لحظات ديمقراطية خالصة، أعادت الثقة بين القواعد والمناضلين، وجددت روح الالتزام الاتحادي القائمة على الحوار والنقد والمسؤولية.
شهدت القاعات نقاشات فكرية وتنظيمية ثرية حول قضايا العدالة المجالية، وفرص التشغيل، والجهوية المتقدمة، فغدت المؤتمرات مختبرًا جماعيًا للتفكير في مغرب أكثر إنصافًا وتوازنًا.
كما جسدت جولات الكاتب الأول للحزب، الأخ إدريس لشكر، في مختلف الأقاليم والجهات، ترجمة عملية لفكرة القيادة الميدانية التي تُنصت ولا تُملي، والتي تضع المناضلين في صلب الفعل الحزبي.
وبهذا النفس الديمقراطي، تم تجديد الهياكل، وإبراز نخب جديدة من الشباب والنساء والأطر المهنية، ما جعل الحزب أكثر حيوية وتنوعًا وقدرة على التأثير في المشهد الوطني.
ويأتي المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب كتتويج لسنة من إعداد المشاريع والأوراق وإجراء النقاشات، حيث تم في النهاية، بالإجماع، مصادقة اللجنة التحضيرية على أوراق ومشاريع المؤتمر، وتم نشرها في جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد والاثنين (9 – 13 أكتوبر 2025).
فالمؤتمر الوطني الثاني عشر لن يكون مجرد لقاء تنظيمي، بل محطة فكرية وسياسية لتقييم التجربة الاتحادية وتجديد مشروعها المجتمعي في ضوء التحولات الإقليمية والدولية.
الاتحاد الاشتراكي يدخل هذه المرحلة مسلحًا بثلاثة عناصر قوة مترابطة:
الشرعية التاريخية التي اكتسبها من تضحيات مناضلاته ومناضليه عبر العقود، والقدرة الفكرية والسياسية على صياغة البدائل الاجتماعية والديمقراطية الواقعية، والرصيد الأخلاقي والإنساني الذي يجعله قريبًا من قضايا المواطن البسيط.
إنه حزب يعرف من أين أتى، ويدرك إلى أين يريد أن يذهب.
فالاتحاد الاشتراكي لا يسعى فقط إلى تجديد هياكله، بل إلى تجديد الأمل في السياسة نفسها، وإعادة الثقة في الأحزاب كأدوات للإصلاح والتغيير، لا كأدوات للتموقع والمناورة.
وبهذه الروح الاتحادية الأصيلة، يمضي الحزب نحو مؤتمره الوطني الثاني عشر حاملًا مشروعًا واقعيًا لمغرب الغد: مغرب العدالة الاجتماعية، والمساواة في الفرص، والكرامة في العيش، والحرية في التعبير، والمواطنة الكاملة في الحقوق والواجبات.
فالاتحاد الاشتراكي، كما كان دائمًا، حزب الفكرة، حزب الوطن، وحزب الأمل؛ حزبٌ لا يقيس الوطنية بالشعارات، بل بالفعل والإخلاص، وبالقدرة على تحويل المعاناة الشعبية إلى مشروع إصلاحي متكامل يليق بتاريخ المغرب ومستقبل أجياله.
غدا، افتتاح المؤتمر الوطني 12 للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

بتاريخ : 16/10/2025