غليان غير مسبوق في مخيمات المحتجزين الصحراويين بتندوف : الميليشيا الانفصالية تواجه احتجاجات المعارضين بقمع وحشي، أمام مباركة الجزائر وصمت المفوضية السامية للاجئين

 

تعيش مخيمات تندوف حالة غليان واحتقان كبيرين، وصفته مصادر متطابقة من عين المكان، بغير المسبوق، وذلك « بسبب احتجاجات عنيفة، انخرط فيها عشرات المحتجزين والمحتجزات، عقب إقدام مليشيات البوليساريو على اعتقال 12 شابا صحراويا، جرى اقتيادهم إلى سجن الضبية، عقابا لهم على التظاهر أمام مقر المدعو «إبراهيم غالي»، كما أكد منتدى فورساتين، وأوضحت العديد من الأشرطة المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي.
وفي محاولات يائسة من قادة الميليشيا الانفصالية لقمع هذه الاحتجاجات، قامت ميليشيا الدرك، الاثنين، بالهجوم على معتصم عائلة المختطف الصحراوي «محمد سالم ماء العينين اسويد»، أمام مقر «الكتابة الخاصة» لـلمدعو «إبراهيم غالي»، وأقدمت على اعتقال أفراد من عائلة «أهل اسويد»، وبعض المتضامنين معهم، وأشار المنتدى إلى أنها تدخلت بقوة مفرطة وضربت كل الموجودين بالمعتصم وعنفتهم، مضيفا أن هذا التدخل الهمجي أدى إلى إصابة عشرات النساء بجروح متفاوتة الخطورة، فضلا عن اعتقال عدد من النشطاء المحتجين ( ديدي محمد السويد/ محمد ماء العينين السويد/ عبد الحي لمام جولي/ بنة ولد بوكرين/ ولد الزيبور ولد معطلا/ عزيز ولد احمتو ولد معطلا/ ولد ابرير)، وتلا التدخل الهمجي، ملاحقات أدت إلى اعتقال كل من ( خليهن ولد جولي ولد النن/ الحسين ولد سيدي موسى/ مولاي ولد ماء العينين ولد اسويد/ احمتوا ولد معطلا).
وأدت هذه الحملة المسعورة، إلى ارتفاع حدة الغضب في صفوف الشبان الصحراويين، الذين عمموا نداءات إلى كل الصحراويين يطالبون بالوقوف في وجه الظلم، وبأن يهب الجميع لنصرة النساء المعنفات والمعتقلات، والقصاص من المعتدين، وذكرت مصادر بعين المكان أن العشرات من الشبان الغاضبين والمسلحين جابوا المخيم على متن سيارات، وأطلقوا عيارات تحذيرية، كما قاموا بحرق سيارات تابعة للميليشيا الانفصالية، وإحراق صيدلية يحوزها ابن «وزيرة الداخلية»، وهو المكلف من طرف الميليشيا بالإشراف على المهمات القذرة داخل سجون البوليساريو، ومن بينها حقن المساجين بحقن مجهولة، كما أن صيدليته مجهزة بالمساعدات الطبية المسروقة، المقدمة كدعم للمحتجزين الصحراويين من طرف المنظمات الإنسانية.
وكانت» الجمعية الصحراوية لمكافحة الإفلات من العقاب بمخيمات تندوف» قد أصدرت بيانا حملت فيه المسؤولية للدولة الجزائرية «، المسؤولية عن كل ما يقع من انتهاكات ضد الصحراويين بمخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، بحكم تواجد هذه المخيمات على ترابها»، وذلك في ظل « غياب تام لأطقم المفوضية السامية لغوث اللاجئين، التي لا تقوم مكاتبها الموجودة بالمخيمات، بأي دور في حماية ساكنة هاته المخيمات، ضدا على ما تنص عليه المواثيق التي تؤطر ولايتها الحمائية إزاء ما يفترض أنها مخيمات للاجئين»، كما أكد البيان.
وسجلت الجمعية في بيانها، بكثير من القلق، التصعيد الخطير الذي تشهده مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، جنوب غرب الجزائر، من خلال حملات اعتقال وقمع واسعة وممنهجة من طرف عناصر البوليساريو ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكل الأصوات التي تظهر رأيا مخالفا لخطها السياسي، أو تنتقد الوضعية الحقوقية الكارثية والمتفاقمة داخل هذه المخيمات، التي تخضع بشكل متصاعد لحصار مطبق على الحقوق والحريات.
وبعد أن تطرقت لقضية اختطاف الناشط الصحراوي سالم ماء لعينين السويد، في فاتح ماي الماضي، حيث كان رفقة أخته جفينة ماء العينين السويد، والتي تعرضت معه للتعذيب والتنكيل على أيدي عناصر البوليساريو، قبل أن يتم اقتياده إلى أحد مراكز الاحتجاز السرية، حيث لا يزال مصيره مجهولا إلى حد الآن، بعد رصد هذه الحالة، أكدت الجمعية تعرض العديد من صحراويي المخيمات لإصابات بليغة ومتفاوتة الخطورة التي ارتكبتها مليشيات البوليساريو بدعوى خرق حظر التجوال الليلي الذي تتمادى قيادة التنظيم في فرضه منذ عقود، في إذلال مستمر لساكنة المخيمات، كما هو الحال بالنسبة للناشط الصحراوي حنيني بركي سيدي لعبيد، الذي تم تعريضه للتعذيب، يوم 27 أبريل 2023 في الساعة 22 ليلا بمخيم الرابوني، من طرف عناصر البوليساريو، مما تسبب له في أضرار جسدية ونفسية بالغة، وكذا الشابة الحسينة سالم احمد باركللا، ابنة أخ القيادي السابق والمعارض الحاج احمد بارك الله، التي تم تعنيفها بقوة وسحلها دون رحمة، في ليلة 30 مارس 2023، إثر اقتحام منزل عائلتها من طرف عناصر الدرك خلال مطاردة أخيها تحت ذريعة عدم التقيد بأوامر الحظر الليلي.
كما أن موجة التصعيد هذه شملت أيضا المدونين الصحراويين، ومن بينهم الولي السالك البربوشي، الذي اعتقل يوم 21 مارس 2023، بسبب تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي المنتقدة لسياسة البوليساريو والسلطات الجزائرية في تدبير المشاكل الأمنية بالمخيمات، قبل أن يتم إيداعه بسجن الذهيبية، وإرغامه على التوقيع على صك اتهام ملفق يتهمه بإيواء مهاجرين غير شرعيين وحيازة معدات للتنقيب عن الذهب.
وعلى إثر الجرائم المتواصلة التي ترتكبها الميليشيا الانفصالية، طالبت الجمعية بـ»ضرورة إطلاق سراح كل السجناء المحتجزين بالمراكز السرية لدى البوليساريو، والوقف الفوري لحملات القمع والتنكيل التي تستهدف المناضلات والمناضلين الصحراويين بمخيمات تندوف، ورفع حظر التجوال وكل التدابير التي تقيد الحقوق والحريات بهذه المخيمات».
كما طالبت الجمعية بـ»ضمان احترام الدولة الجزائرية لجميع التزاماتها الدولية المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي تعد طرفا فيها، وتنفيذ كل المقررات الأممية الصادرة في شأنها في ما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، خصوصا تلك الصادرة عن اللجنة الأممية لحقوق الإنسان، والتي دعت فيها الجزائر إلى إنهاء التفويض غير القانوني لسلطاتها لفائدة جبهة بوليساريو» .
وحثت الجمعية أيضا «المفوضية السامية لغوث اللاجئين على تفعيل ولايتها الحمائية لفائدة ساكنة مخيمات تندوف، وتوفير كل الضمانات التي تمكنهم من التمتع بحقوقهم التي يكفلها لهم القانون الدولي، وعدم تعرضهم لأي شكل من أشكال المعاملة المهينة أو الحاطة من الكرامة»، داعية « المنتظم الحقوقي الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل وضع حد لمأساة الصحراويين بالمخيمات، ومتابعة كل الجهات المتورطة في الانتهاكات التي تطالهم خارج نطاق القانون».


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 02/06/2023