الحال التدبيري الجماعي لا يسر بالعاصمة الاقتصادية، هذه هي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها أي متتبع للشأن المحلي، فقبل أيام تحولت مقاطعة اسباتة إلى سويقة كبيرة للسب والشتائم، ولولا ألطاف الله لتطورت الأمور إلى ما هو أخطر، سبب ذلك هو أن أحد المستشارين طالب بأدوية لأحد المواطنين لكنه أبلغ بأن المقاطعة اعتمدت طريقة توزيع على المستفيدين بشكل مباشر، لا يهم هنا إن كان طالب الدواء مخطئا أم لا، لكن الحالة التي وصل إليها هي تعبير عن المسكوت عنه لدى معظم المنتخبين داخل المقاطعات، والذين وجدوا أنفسهم بدون مسؤوليات أو اعتبار، بمن فيهم نواب الرئيس، في الوقت الذي «يكوش» فيه الرؤساء على جميع الاختصاصات والمهام، ويبقى مصير المنتخبين الآخرين تحت مجهر معياره الخاص في ذات المقاطعة.
كي نبقى في أمثلة بسيطة توضح مدى الاحتقان غير المعلن عنه، والذي لن يدوم ستره، تم تخصيص مبلغ 40 مليون سنتيم لقفة رمضان، وعند توزيع الحصص علم مستشارون بأن حصتهم منها لن تتجاوز 40 قفة، أمر كاد أن يزهق بالعقول داخل المقاطعة، فالمنتخب يعي جيدا ما تساويه القفة في الانتخابات، بل وحتى بعيدا عن الحساب الانتخابي فلن تكف تلك الحصة أي منتخب لأن الطلب من داعميه والمصوتين عليه كثير عدديا، هذه الأمور ومثلها كثير في المقاطعات الستة عشر المؤثثة للمدينة جعلت منتخبين كثر ومنهم حتى نواب الرؤساء يعدون العدة للوقوف أمام ما يعتبرونه أفضلية غير عادلة للرؤساء، فمؤخرا وبمقاطعة الصخور السوداء اجتمع الأعضاء مشكلين أغلبية مناهضة للرئيس وشرعوا في البحث عن الوسائل الكفيلة التي ترد لهم اعتبار التواجد، أما بمقاطعة سيدي بليوط فإن جر الحبل بين الغاضبين والرئيسة غير متوقف منذ أشهر، تارة يخفت وتارة يظهر على السطح، كذلك الأمر بمقاطعة عين السبع التي يعتبر الأعضاء داخلها بأن الرئاسة تم اغتصابها فقط لأن التحالف ارتكب أخطاء، وبهذا يظهر بأن هذا الأخير ندم على التسرع في اختيار رئيس من خارجه. أما بمقاطعة عين الشق فالأمور شبه متوقفة بسبب الخلاف بين من يساندون الرئيس وبين من يعارضونه، ولعل هذه المقاطعة أضحت أخبارها يعرفها كل سكان المغرب بسبب التشنج التدبيري بها، والذي انعكس حتى على التدبير بمجلس المدينة. المستشارون ونواب رؤساء المقاطعات غاضبون لأنهم يعتبرون بأن القانون المعمول به مجحف، إذ يجعلهم مجرد رهائن لدى الرؤساء الذين بأيديهم كل شيء، والحال أن الجميع يمثل أحزابا وتم انتخابه من لدن المواطنين، ليجد نفسه خارج الملعب، كل هذه الأمور جعلت عددا كبيرا من المنتخبين يفكرون في إحداث إطار قانوني يجمعهم للدفاع عن كينونتهم.
عموما، فالأمور التدبيرية الجماعية بالعاصمة الاقتصادية لا تبشر بالخير.
غليان في مقاطعات الدارالبيضاء
الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 19/04/2022