غوتيريش‮ ‬يسلط الضوء على الدور الايجابي‮ ‬للمغرب في‮ ‬النزاع الليبي

عقد مجلس الأمن اجتماعا،‮ ‬أول أمس الخميس،‮ ‬خصص لتدارس التطورات الأخيرة في‮ ‬ليبيا،‮ ‬وتم خلاله تسليط الضوء والإشادة عاليا بالدور الإيجابي‮ ‬للمغرب ومساهمته الهامة في‮ ‬تسوية النزاع في‮ ‬هذا البلد‮.‬
وقدمت ستيفاني‮ ‬ويليامز،‮ ‬في‮ ‬هذه الإحاطة الأخيرة في‮ ‬ولايتها بصفتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في‮ ‬ليبيا بالنيابة،‮ ‬تقرير الأمين العام‮ ‬19‮ ‬يناير‮ ‬2021،‮ ‬الذي‮ ‬يشمل أساسا التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية الأخيرة في‮ ‬ليبيا،‮ ‬وكذلك أنشطة بعثة الأمم المتحدة للدعم في‮ ‬هذا البلد منذ‮ ‬25‮ ‬غشت‮ ‬2020‮.‬
وسلط الأمين العام للأمم المتحدة،‮ ‬أنطونيو‮ ‬غوتيريش،‮ ‬في‮ ‬هذا التقرير،‮ ‬الضوء على الدور الذي‮ ‬اضطلع به المغرب في‮ ‬حل النزاع الليبي‮. ‬وفي‮ ‬هذا الصدد،‮ ‬أشار إلى أن الوفدين الممثلين لأعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اجتمعا في‮ ‬بوزنيقة من‮ ‬6‮ ‬إلى‮ ‬10‮ ‬شتنبر لمناقشة التعيينات في‮ ‬المناصب السيادية المنصوص عليها في‮ ‬المادة‮ ‬15‮ ‬من الاتفاق السياسي‮ ‬الليبي،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك تعيين محافظ مصرف ليبيا المركزي‮ ‬ورئيس ديوان المحاسبة‮.‬
وعلاوة على ذلك،‮ ‬ذكر التقرير أن المجلس الأعلى للدولة وافق في‮ ‬20‮ ‬شتنبر على مخرجات محادثات بوزنيقة‮. ‬واجتمع وفدا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة مرة أخرى في‮ ‬المغرب في‮ ‬30‮ ‬شتنبر،‮ ‬وتوصلا إلى اتفاق مبدئي‮ ‬بشأن معايير الاختيار،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك ما‮ ‬يتعلق بتمثيل الأقاليم التاريخية الثلاثة في‮ ‬ليبيا،‮ ‬والكفاءات المطلوبة،‮ ‬وآليات التعيين في‮ ‬المناصب السيادية‮. ‬وتواصلت الاجتماعات التشاورية بطنجة من‮ ‬23‮ ‬إلى‮ ‬28‮ ‬نونبر،‮ ‬وبغدامس‮ (‬ليبيا‮) ‬في‮ ‬6‮ ‬دجنبر‮.‬
كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن ممثلته الخاصة بالنيابة التقت في‮ ‬27‮ ‬غشت بالرباط وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي‮ ‬والمغاربة المقيمين بالخارج،‮ ‬ناصر بوريطة،‮ ‬ومسؤولين مغاربة آخرين لمناقشة مبادرة المغرب الرامية إلى دعم عملية الوساطة التي‮ ‬تقودها الأمم المتحدة‮.‬
وخلال مناقشات أعضاء المجلس،‮ ‬أشادت عدة بلدان بمساهمة المغرب في‮ ‬حل الأزمة الليبية‮.‬
وفي‮ ‬هذا السياق،‮ ‬هنأ ممثل الصين المغرب على الدور الريادي‮ ‬الذي‮ ‬يضطلع به في‮ ‬جمع الأطراف الليبية لحل هذا النزاع‮.‬
من جهته،‮ ‬أعرب سفير فيتنام عن امتنانه للمملكة على جهودها المتواصلة في‮ ‬النهوض بمحادثات السلام في‮ ‬ليبيا‮.‬
وأعرب السفير الليبي،‮ ‬في‮ ‬كلمة له خلال الاجتماع،‮ ‬عن شكره للمغرب على دوره في‮ ‬توقيع الاتفاق السياسي‮ ‬الليبي‮ ‬في‮ ‬الصخيرات سنة‮ ‬2015،‮ ‬وعلى جهوده لاحتضان الاجتماعات الأخيرة بين الليبيين،‮ ‬والتي‮ ‬تندرج في‮ ‬إطار الرؤية التي‮ ‬يعتمدها الفرقاء الليبيون لإيجاد حل سلمي‮ ‬للنزاع‮.‬
‮ ‬
دعا مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الخميس 28 يناير 2021 آلاف المقاتلين والمرتزقة الأجانب لمغادرة ليبيا فوراً، وذلك تزامناً مع انتهاء المدة المحددة لهم لمغادرة الأراضي الليبية، وفقاً لاتفاق وقف النار الموقع في أكتوبر 2020 بين الفرقاء الليبيين برعاية أممية.
من جانبه، أكد جوتيريش للصحفيين الخميس أن “وقف إطلاق النار قائم”، وأنه “من الضروري أن تتحرك كل القوات الأجنبية وكل المرتزقة الأجانب إلى بنغازي أولاً ثم إلى طرابلس، ومن هناك يرجعون ويتركون الليبيين وشأنهم، لأن الليبيين برهنوا بالفعل أنهم قادرون على معالجة مشاكلهم إن هم تُركوا لوحدهم”.
كذلك ناقش مجلس الأمن الوضع في ليبيا الخميس ودعا في بيان إلى انسحاب كل المقاتلين والمرتزقة الأجانب “دون أي إمهال آخر”، ودعا كل الليبيين واللاعبين الدوليين لاحترام حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها رئيس مجلس الأمن، السفير التونسي، طارق الأدب، الذي تتولي بلاده رئاسة أعمال مجلس الأمن للشهر الجاري، وذلك عقب انتهاء جلسة مشاورات مغلقة عقدها المجلس حول ليبيا.
وقال السفير التونسي “دعا أعضاء مجلس الأمن في جلسة المشاورات المغلقة إلى انسحاب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا دون مزيد من التأخير، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة تماشياً مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 23 أكتوبر الماضي، ومخرجات مؤتمر برلين وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.في يناير الماضي، استضافت العاصمة الألمانية مؤتمراً دولياً حول حل الأزمة الليبية، بمشاركة 12 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية.
وكان من أبرز بنود بيانه الختامي، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي لمعالجة النزاع، ومغادرة كافة المقاتلين والمرتزقة الأجانب حتى 23 من يناير الجاري.
يشار إلى أنه قبل أسبوع كشفت صور للأقمار الصناعية أن ميليشيا حفتر، ومرتزقة فاغنر الروس الداعمين له، يقومون بحفر خندق ضخم حول مدينة سرت، وهو ما يعزِّز المخاوف من أن المقاتلين الأجانب لن ينسحبوا من ليبيا وفق اتفاق وقف إطلاق النار.
وفقاً لموقع CNN International الأمريكي، فإن صور الأقمار الصناعية قد أظهرت الخندق، الذي يمتد عشرات الكيلو مترات جنوب المناطق الساحلية المأهولة بالسكان حول سرت، باتجاه معقل الجفرة الخاضع لسيطرة فاغنر، وتدعمه سلسلة من التحصينات المعقدة.
تقول منصات مراقبة مفتوحة المصدر إنها حددت سلسلة من أكثر من 30 موقعاً دفاعياً شقّتها ميليشيات حفتر في الصحراء وسفوح التلال التي تمتد لنحو 70 كيلو متراً.
وبحسب الموقع فإن صور الأقمار الصناعية التي كشفت عنها شركة “ماكسار” Maxar الأمريكية تظهر كلاً من الخندق الممتد على طول طريق رئيسي، وأيضاً التحصينات التي حفرها مرتزقة فاغنر.
كما تكشف الصور عن تراكم للدفاعات حول قاعدة الجفرة الجوية، وكذلك مطار براك جنوباً، حيث تم تركيب وتحصين دفاعات الرادار البادية للعيان.
وكانت حكومة الوفاق الوطنية المعترف بها دولياً، قد نشرت أيضاً صوراً لحفارات وشاحنات ضخمة تشارك في عمليات شق الخندق وبناء الساتر الترابي الذي يمر بجانبه، وقالت إن العمل بدا مستمراً حتى هذا الشهر.
كما سبق أن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، قد صرح في 24 ديسمبر 2020، أن مواجهة عسكرية تلوح بالأفق القريب في ليبيا، وطالب قواته بالاستعداد لمعركة محتملة، وذلك في تصعيد على إقصائه من أي تسوية محتملة للأزمة في البلاد.
تصريحات حفتر تزامنت مع دعوة الجيش الليبي، المريد لحكومة الوفاق، قواته إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لصدِّ أي هجوم محتمل في خطوط التماس (سرت-الجفرة) من جانب ميليشيا الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، المستمرة في إجراء تحشيدات وتحصينات.
قال الجيش في بيان: “ندعو كافة القوات المساندة إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لصدِّ أي تحرك مرتقب لقوات المرتزقة”، في محور سرت (450 كم شرق العاصمة طرابلس) والجفرة (650 كم جنوب شرقي طرابلس) كما أضاف: “سنضرب بيد من حديدٍ كل من تسوّل له نفسه بيع دماء شبابنا وتضحياتهم من ساسة منبطحين وعملاء مندسين”.
وأوضح الجيش أن هذا التطور يأتي “في ظل التحشيدات المتزايدة والتحصينات التي تقوم بها قوات المتمرد (حفتر) حول مدينة سرت ومنطقة الجفرة”، وأردف: “قوات المتمرد تقوم بزراعة الألغام وحفر الخنادق وجلب المرتزقة، إضافة إلى تحشيد الآليات الثقيلة والمدفعية، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على نية المتمرد إعادة الكَرَّة كما فعل في 4 إبريل 2019”.
يأتي ذلك كله في الوقت الذي تستمر اللقاءات التي يعقدها الفرقاء الليبيون للتوصل إلى شكل جديد للحكم، بناء على اتفاق سلام تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي، بوساطةٍ من الأمم المتحدة، وشمل موقفاً لإطلاق النار وتعهداً برحيل كافة القوات الأجنبية.

منذُ استيقظت عقولنا وانفتحت أذهاننا ونحن نرى الأفارقة الذين يعيشون في جنوب القارة السمراء يعانون.
فلم يسلم فيها بلدٌ من الفقر والمجاعة تارةً، والحروب الأهلية والموت تارةً أخرى، هذه الظروف وأكثر من ذلك دفعت الآلاف منهم في العقود الماضية إلى الهجرة نحو الشمال قاصدين أوروبا، غير أنّ أحلامهم تتوقف عند ليبيا إذا تم القبض عليهم أو احتجازهم، لكنّ حديثنا هنا سيتركز على العمالة الإفريقية في ليبيا والصعوبات والمعاناة التي يعيشونها فيها خاصة مع أجواء الحرب وسيطرة الميليشيات على مناطق متعددة في البلاد.
يقطع المهاجرون آلاف الأميال للوصول إلى ليبيا والتي تعتبر محطةَ عبورٍ بالنسبة لهم، قاصدينَ من خلالها أوروبا، فمنهم من يدخل بطريقة قانونية عبر المنافذ الحدودية الجنوبية الليبية، ومنهم من يدخل بطرقٍ غير شرعية عن طريق التهريب من أحد تُجارِ البشر.
وعند دخولهم يبدأُ فصلٌ جديد من المعاناة، فهناك الكثير منهم يتعرض للقتل من قبل الخارجين عن القانون أو الميليشيات المتواجدة في الجنوب الليبي، حيث إن الوضع الأمني في الجنوب يعتبر هشاً جداً، ومنذ العام 2011 يشهد الجنوب صراعاتٍ مسلحة بين قبائل التبو والطوارق تارةً وبين بعض المجموعات المسلحة تارةً أخرى، فيصبح المهاجر لقمة سائغة وضحية وهو في طريق عبوره إلى الشمال الليبي.
أخبرني عبدالله (مهاجر من دولة النيجر) أنه قدم إلى ليبيا بطريقة غير قانونية، حيث اضطر إلى دفع مبلغ يقدر بحوالي 8 آلاف دولار أمريكي لأحد تجار البشر من أجل الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا، لكن أحلامه دُمرت حينما تم إرجاع قاربه المنطلق من مدينة صبراتة غربي العاصمة طرابلس، ليخسر فرصة الرحيل إلى أوروبا التي يرى فيها حلماً بالنسبة له، حيث إنه يرى أنها ستؤمِّن له مستقبلاً جيداً. يعمل عبدالله الآن في أحد المقاهي في العاصمة طرابلس، ويقول إنّه يعيش حياة جيدة مقارنة بحياته السابقة في النيجر التي لا يستطيع من خلالها حتى تأمين قوت يومه.
يقول عبدالله بشهادة بعض أصدقائه المهاجرين أيضاً، إنهم يتعرضون للعديد من المخاطر المضاعفة في ليبيا بحكم انتشار السلاح فيها والوضع الأمني غير المستقر في البلد، حيث تعرض عبدالله  للاستعباد والعنصرية أكثر من مرة، والاعتداء اللفظي والجسدي، وكثيراً ما يتعرضون للحرابة (السرقة) وكثيراً ما يتم الاعتداء على مساكنهم وسرقة ممتلكاتهم وأموالهم التي يجمعونها إما من أجل الرحيل أو من أجل إعانة أهاليهم في بلدانهم، يكمل عبدالله حديثه معي ليقول: إن سُرقت أموالك وكنت من جنسيةٍ إفريقية فإن استعادة حقك هو أمرٌ شبهُ مستحيل، لعدم تعاون الأجهزة الأمنية الليبية معهم والتي تكتفي فقط بتسجيل الواقعة وفتح محضرٍ بالخصوص حتى تنسى وتندثر مع الزمن.
لم تتوقف معاناة المهاجرين الأفارقة في ليبيا عند العبودية والاستغلال والإذلال فقط، بل المصيبة الكبرى أنهم بين الفينة والأخرى يتعرض عدد منهم للقتل، فقد وُثقت وثبتت العديد من جرائم القتل في حق المهاجرين وخصوصاً العمالة الإفريقية، ونشرت الأمم المتحدة بالصوت والصورة العديد من الجرائم، وكان أبرزها قصفٌ بالطيران من قبل قوات حفتر لمركز المحتجزين في تاجوراء شرقي طرابلس منتصف شهر يوليوز عام 2019، والذي أدى إلى مصرع حوالي 44 مهاجراً وإصابة أكثر من 130 بينهم أطفالٌ ونساء، فضلاً عن الجرائم الجنائية الكثيرة والتي تم تسجيلُ بعضها من قبل الجهات الحكومية في ليبيا والأمم المتحدة، فيما ذهبت الأخرى أدراج الرياح.


بتاريخ : 30/01/2021