وضعية تطرح علامات استفهام متعددة على مدبري الشأن المحلي في المدينة
ماذا حاق بمدينة فاس الحاضرة الإدريسية العاصمة الروحية للملكة المغربية؟ إهمال كبير في كل المرافق ،فأحواض شارع الحسن الثني التي كانت تروق الناظر بأزهارها وورودها المتنوعة وخضرة أعشابها أصبحت قاحلة صفراء ذابلة، وليست هي الوحيدة التي أهملت بل إن كل حدائق فاس تستغيث وتناشد مسؤولي الجماعة لإنقاذها حتى تعود إلى ما كانت عليه من اخضرار وتفتح الورود والإزهار. الإهمال وسوء التدبير هما السمة الطاغية على نظافة الشوارع، فأينما حللت وارتحلت إلا وتصادف ركاما من نفايات الأزبال المنزلية وتزكمك الروائح الكريهة المنبعثة من الحاويات على قلتها. هذا ولازال مشكل النقل الحضري يرهق الساكنة حيث لاتزال الحافلات المهترئة تجوب شوارع المدينة وتلوثها بأدخنة محركاتها التي شاخت مما يؤثر تأثيرا قويا على البيئة .
وأمام هذا التدهور الكبير الذي تعرفه فاس في كل مرافقها بعث والي فاس بالنيابة رسالة إلى رئيس الجماعة يحيطه علما بما آلت إليه وضعية المدينة في كل مرافقها الحيوية. والغريب أن مسؤولي الجماعة ومستشاريها لا تأخذهم الغيرة على فاس علما أنهم كلهم أو جلهم زاروا المدن الشمالية المزهوة بمنجزاتها في كل المجالات ولا سيما المجال الأخضر الذي ترعاه الجماعة والسلطات المحلية التي تسهر على سقي الأحواض وكل المناطق، انطلاقا من طنجة ووصولا إلى أقصى نقطة في شمال المغرب، حيث ينبهر كل زائر لهذه المدن سواء من السواح المغاربة أو الأجانب بطبيعتها الخلابة، حيث تستغل المياه العادمة في ري الأعشاب والزهور والورود المختلفة. فلماذا لا تفكر جماعة فاس في استغلال محطة معالجة المياه العادمة المقامة على ضفة نهر سبو منذ أمد طويل حيث تصب تلك المياه بعد معالجتها في النهر دون الاستفادة منها. لقد كان من الأفيد ألا تضيع تلك المياه وتقوم الجماعة بمعية الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء الساهرة على المحطة بربط قنوات لسقي كل المساحات المغروسة، وإضافة مساحات وبالتالي يمكن المحافظة على مياه العيون المتدفقة التي وهبها الله لفاس لسد حاجيات المواطنين منها .
لقد عرفت فاس تجارب جماعية هامة حيث كان التناوب على تسييرها بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وكان التنافس فيما بينهما على مصلحة فاس وسكانها، وكل منهما ترك بصمات لازالت قائمة لحد الآن، فالمجلس الاتحادي على سبيل المثال لا الحصر، رفع شعارا لكل منطقة حديقة ووفى بوعده، كما غرس آلاف الأشجار الخاصة بالتصفيف على امتداد شوارع فاس وصولا إلى محطة الأداء، كما أقام المحطة الطرقية والمجلية الحضرية وأعاد شبكة الوادي الحار بفاس العتيقة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة مناطق الجنانات وغيرها من المشاريع التي يصعب حصرها. كما اهتم المجلس الذي خلفه بتوسيع شارع الحسن الثاني وإصلاح شبكة الري به ليصبح هذا الشارع أكبر شارع على المستوى الوطني، وهو نسخة مصغرة لشارع الشان زاليزي بباريس، بالإضافة إلى إقامة مجموعة من النافورات في مختلف شوارع المدينة مما أضفى جمالية على تلك المناطق وغير ذلك من المشاريع الخاصة بالبنية التحتية.
ومن المعلوم أن فاس ستحتضن مع عدد من المدن المغربية كأس إفريقيا للأمم في دجنبر المقبل، وكأس العالم في سنة 2030، كما ستجرى الانتخابات الجماعية سنة 2026، ومجلس فاس لازال يتخبط في مشاكل النظافة والنقل الحضري والمجال الأخضر وغير ذلك من مشاكل البنية التحتية . ومع الأسف سوف لن تترك هذه الجماعة بصمة تذكر الساكنة بهذه التجربة التي يجمع أغلبية ساكنة فاس على أنها تجربة غير موفقة، ويبقى الأمل كبيرا أن تعمل الجماعة على تدارك ما يمكن تداركه في مختلف المجالات وأن تترك شيئا ملموسا يذكر الساكنة بهذه التجربة.