فاطمة مسعودي العضو في حزب العمال النرويجي والمنتخبة محليا وجهويا ل «جربدة الاتحاد الاشتراكي» 

اخترت الانضمام إلى حزب العمال النرويجي لأنه يتبنى الديمقراطية الاجتماعية ويمقت العنصرية

 

فاطمة مسعودي شابة طموحة، رأت النور بمدينة العرائش سنة 1991، هناك، تابعت دراستها الابتدائية بمدرسة ابن زيدون، ثم مدرسة ابن خلدون، لتلتحق بثانوية وادي المخازن، بعد حصولها على شهادة البكالوريا في الاقتصاد من ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش سافرت إلى النرويج لمتابعة دراستها الجامعية، لم يقتصر الأمر بالنسبة لفاطمة مسعودي على التحصيل العلمي فقط، بعد حصولها على الماجستير في الاقتصاد والإدارة مع التخصص المالي من جامعة أوسلو متروبوليتان OsloMet، واشتغالها محاسبة محلفة، لكنها ولجت عالم السياسة هناك في سن مبكرة، لتنضم إلى صفوف أكبر الأحزاب النرويجية، ويتعلق الأمر بحزب العمال النرويجي. 
بسبب انضباطها ونضالها، شكلت إضافة إلى هذا الحزب، ونالت ثقته، حيث أصبحت ممثلة في مجلس المدينة في مقاطعة Grorud من 2015-2019 ، وفي نفس الوقت، عضوا في اللجنة الصحية والاجتماعية. 
فاطمة مسعودي، الشابة الطموحة، استطاعت أن تجد لها موقع قدم متقدم في صفوف أكبر الأحزاب النرويجية، بعدما تقاسمت مع هذا الحزب نفس القناعات والمبادئ، هي اليوم أكثر إصرارا على مواصلة مشوارها السياسي والنضالي في هذا الحزب العريق، في نفس الآن، تستحضر بلدها الأم المغرب، الذي يوجد دائما في القلب والعقل، ولها قناعة في خدمة قضاياه بدون قيد أوشرط، فلا أحد يمكن له أن يضع شروطا على وطنه الذي تشكلت عظامه من ترابه، ولم تخف رغبتها وإلحاحها في أن تشكل صلة وصل بين بلديها معا، وبين السياسيين المغاربة والنرويجيين . 
جريدة الاتحاد الاشتراكي تواصلت مع هذه الكفاءة المغربية، التي دخلت غمار السياسة بالديار النرويجية، فكان الحوار التالي. 

 

p  من تكون فاطمة مسعودي؟ 
n فاطمة مسعودي شابة طموحة مزدادة بمدينة العرائش سنة 1991، حيث درست هناك الابتدائي في مدرسة ابن زيدون و مدرسة ابن خلدون، وبعدها التحقت بثانوية وادي المخازن، قبل أن أحصل على شهادة البكالوريا في الاقتصاد من ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش.

p قبل أن تغادري أرض الوطن، ودخول غمار السياسة بدولة النرويج، هل كنت مهتمة بالمجال السياسي في المغرب؟
n  نعم، منذ صغري وأنا جد شغوفة ومهتمة بالسياسة وبقضايا المجتمع الذي أعيش فيه، حيث كنت دائما أقرأ الصحف وأتابع الأخبار لمعرفة كل ما يدور من تطورات وأخبار وقضايا في مجتمعي. وكانت تلهمني، أيضا، خُطب وقصص السياسيين الناجحين الذين شقوا طريق النجاح بأنفسهم، وقدموا الشيء الكثير للوطن والمواطنين، سواء في الديار الغربية أو في بلدنا الحبيب.

p  كيف جاءت فكرة الهجرة إلى خارج الوطن؟
n  فكرة الهجرة جاءت من أجل استكمال دراستي العليا، حيث استطعت، والحمد لله، كسب هذا الرهان، من خلال الحصول على الماجستير في علم الاقتصاد والإدارة.

p  لماذا الهجرة إلى إحدى الدول الاسكندنافية، النرويج بالضبط، وليس إلى بلد آخر؟ 
n  الهجرة الى الدول الاسكندنافية، وبالضبط إلى النرويج، كان اختيارا لابد منه، لأن والدي كان يشتغل هناك، وأيضا لأنني كنت كثيرا ما أقضي عطلتي الصيفية في هذا البلد مع عائلتي.

س- كيف تعايشت مع المجتمع النرويجي، خاصة وأن الثقافة المغربية والنرويجية مختلفتان، وهل وجدت أي إشكال في الاندماج؟
n المجتمع النرويجي مجتمع محترم ومثقف جدا وإنساني بالدرجة الأولى، وأنا أحبه وأقدره.
المجتمع المثقف والواعي، هو مجتمع مطلع وعلى دراية بالاختلافات الثقافية، لذلك نجده يحترم كل إنسان، ويحترم طريقة وأسلوب حياته، مع الحرص التام على تمكينه من كل حقوقه، مادام هذا الإنسان يؤدي واجباته كمواطن أيضا.

p تابعت دراستك الجامعية في النرويج، هل اعترضتك أي صعوبات، وكيف تعامل معك الطلبة والأساتذة النرويجيون؟
n  بعد أن حصلت  على شهادة الباكالوريا في المغرب، سافرت إلى النرويج لاستكمال دراستي العليا، حيث حصلت، ولله الحمد ، على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والإدارة مع تعليم المحاسبة من المعهد العالي للتجارة BI,وأصبحت محاسبة محلفة، وبعدها استكملت دراستي العليا في الماجستير في الاقتصاد والإدارة مع التخصص المالي من جامعة أوسلو متروبوليتان OsloMet، بصدق لم أجد أو أشعر بأي تمييز من طرف الأساتذة والطلبة.

p من كان وراء إقناعك بفكرة الانضمام إلى المجال السياسي؟
n الفضل كله يعود إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى والدي العزيز، حفظه الله وأطال في عمره، إذ كان هو السبب  في اقتحامي لمجال السياسة، لأنه كان دائما يشتري الصحف المغربية على رأسها جريدة الاتحاد الاشتراكي، الأحداث المغربية و أيضا العلم ، وبعد قراءتها في الصباح الباكر، كان يعطيني إياها، لكي أقرأها بعده، وأنا في سن صغيرة، كما كان يحفزني على الكتابة، حيث كان يطلب مني كتابة مواضيع في الإنشاء أو كتابة مقالات بعد كل رحلة مدرسية، لكي أعبر له عما رأيت وتعلمت.

بفضل ذكاء وحنكة أبي العزيز، استطاع أن يكتشف هوايتي وميولي السياسي، وأنا في سن مبكرة، ولما هاجرت إلى النرويج، هو من أخذ بيدي، وأنا في سن 18 سنة، للتسجيل في أحد الأحزاب السياسية النرويجية، أستطيع أن أجزم وأقول إن أبي هو رجل سياسي باحتراف، وهو ملهمي الأول،  أوجه له من هذا المنبر، تحية شكر وتقدير كبيرين، وأيضا لأمي العزيزة ولإخوتي الستة، وأيضا إلى كل أفراد عائلة مسعودي ، فلولا دعمهم وتحفيزهم لي، لما استطعت استكمال مسيرتي في مجال التحصيل العلمي والسياسي.

p  ماهي الأشياء التي أثارتك في حزب العمال النرويجي، حتى تنضمين وتنخرطين في صفوفه؟
n حزب العمال النرويجي حزب من أكبر الأحزاب في النرويج، له تاريخ جد عريق، وينتمي إلى التيار الديمقراطي الاشتراكي، من أهم الأشياء التي أثارتني فيه أنه حزب تقدمي ويتبنى الديمقراطية الاجتماعية، وأيضا يسعى لتحقيق الرعاية الاجتماعية بشكل أساسي، وهو ما يتضمنه برنامجه الانتخابي، والأهم، أن حزب العمال النرويجي يؤمن بالفرد ويضم في صفوفه كل المنتمين إلى ثقافات مختلفة، ويؤمن بأن كل سياسي يستطيع بأصواته التأثير في القرارات السياسية لبناء مجتمع فعّال ومتجانس، والعيش بسلام وأمان، كما أن الشعار الذي يتبناه واضح «دع الجميع يشارك في البناء.»

p- بغض النظر عن كون هذا الحزب من أكبر الأحزاب النرويجية، هل تلاقت قناعاتك مع القناعات والمبادئ التي يؤمن بها، خاصة في محاربته للميز العنصري، وقبوله لثقافة الآخر؟
n قناعة الحزب تلاقت تماما مع قناعاتي، لذلك،  مازلت منخرطة في صفوفه، أما بالنسبة لموضوع العنصرية، فحزب العمال، هو ضد التمييز العنصري، ويحارب ذلك فعليا، ونجد ذلك في برنامجه السياسي، ويناضل للحد من الميز العنصري، ليس ذلك فقط، بل يضم الحزب فعليا في صفوفه، سياسيين وبرلمانيين من ثقافات مختلفة.
p بعد الانضمام إلى هذا الحزب، هل لاحظت غياب الديمقراطية الداخلية وسطه، وتعامل قياداته معك ومع غيرك القادمين من دول أخرى بنوع من التعالي؟
n بالعكس، حزب العمال هو من الأحزاب الديمقراطية العريقة، والديمقراطية تطبق على جميع الأصعدة، قيادة الحزب تحترمني، وتشجعني جدا، وأيضا تقدر دوري السياسي، والأمر كذلك مع كل الأفراد المنتمين للحزب القادمين من دول أخرى.

p   كيف جاءت فكرة الترشح للانتخابات، وهل من صعوبات، وكيف تفاعل المغاربة هناك والعرب والمسلمون بشكل عام مع ترشيحك ؟
n  جاءت فكرة الترشيح في الانتخابات، بعد انضمامي إلى الحزب، وبعد إصراري على استكمال مسيرتي السياسية، ترشحت للانتخابات، حيث تلقيت الكثير من التشجيع من عائلتي، ومن محيطي، وأيضا من بعض المغاربة، عن طريق صفحتي الرسمية في الفيسبوك تحت اسم Fatima Massoudy، الغريب في الأمر، أنه بعد نجاحي في الانتخابات المحلية، لم أتلق أي تهنئة من الجالية المغربية في أوسلو، أو من أي سياسي مغربي هنا، الكثير يعتقد أن السياسة فقط، هي مقتصرة على فئة عمرية معينة، ولا يعرفون أن للشباب طاقة وأفكارا مدهشة في المجال السياسي.

p  شغلت مهمة عضو في اللجنة الصحية والاجتماعية في الجهة، ما دور هذه اللجنة، قربينا أكثر من هذا الموضوع؟
n  دور هذه اللجنة هو طرح ومعاينة مشاكل الجهة ومناقشتها لإيجاد الحل المناسب لها.
لابد من التذكير أنني بدأت مسيرتي السياسية بالانخراط في حزب العمال النرويجي، منذ أن كنت في سن صغيرة، لكنني استطعت الفوز في الدورة الأولى، وتم انتخابي كممثلة في مجلس المدينة في مقاطعة Grorud من 2015-2019، وكنت  في نفس الوقت، عضوا في اللّجنة الصحية والاجتماعية في الجهة.
أما في الجولة الثانية، فقد تم انتخابي أيضا  كممثلة في مجلس المدينة في مقاطعة Grorud منذ عام 2019، وأيضا عضوا في لجنة تطوير المدينة والبيئة،  وفي الوقت نفسه رئيسة لإحدى اللجان في حزب العمال ، بالاضافة إلى العضوية في مجلس إدارة حزب العمال بالجهة، ومازلت أتحمل هذه المسؤوليات.

p  انتخبت أيضا ممثلة في مجلس المدينة في مقاطعة grorud  وعضوا في لجنة تطوير المدينة والبيئة، تحدثي عن هذه التجربة؟ 
n  هذه اللجنة تهتم بالبنيات التحتية للمدينة، ومعاينة المشاكل البيئية التي تواجه الناس وإيجاد حل لها.

p  بالنسبة لحزب العمال، أسندت لك بعض المهام داخله، كيف جاء هذا التكليف، وهل يقتصر دورك على استقطاب المنخرطين الجدد من الجالية العربية أو من غيرها؟
n  بالنسبة للمهام التي أسندت لي، فقد جاءت بعد نجاحي في الانتخابات، وهذا ينطبق على جميع المنخرطين الناجحين في الانتخابات.

p  هل المغاربة والعرب، بشكل عام، يهتمون بالسياسة، ولماذا لا نجدهم، بقوة، في الأحزاب والمسؤوليات، وهل هناك مغاربة آخرون في حزب العمال أوغيره؟
n  العرب والمغاربة لا يهتمون كثيرا بالسياسة، إذ نجد القليل ممن يهتم بذلك، ورغم أن الكثير منهم لهم أفكار مذهلة، لكن هذه النقاشات السياسية تظل فقط في نطاق المقاهي طبعا، المجال السياسي يتطلب التضحية والكفاح والقراءة والعمل باجتهاد، وهذا ليس المفضل لدى الأغلبية الساحقة.

p-  كيف تعاملتم مع جائحة كورونا المستجد كمسؤولة وكمواطنة ؟
n   النرويج من البلدان التي استطاعت القضاء على الوباء بسرعة، لأن المجتمع كما تعلمون، واع ومثقف ويطبق التعليمات بالدقة البالغة .

p هل التزم المغاربة هناك والعرب بالإجراءات المتخذة من طرف السلطات النرويجية؟ وكيف تقيمين التجاوب مابين المواطنين الأصليين وغيرهم ودرجة الوعي بينهما ؟
n بصراحة، كما تعلمون، في دولة الحق والقانون مثل النرويج، الكل يلتزم بالقرارات التي تتخذها السلطات النرويجية، طبعا مقابل حقوقك وحريتك، ففي مدينة أوسلو حيث أقطن، هناك انسجام تام وتعايش في سلام وأمان مع كل الجنسيات المختلفة.

p كيف تقيمين حضور المرأة، خاصة القادمة من ثقافات أخرى، في المشهد السياسي النرويجي؟ 

n شخصيا، أؤيد القضايا التي تحفز المرأة على المشاركة أكثر في عالم السياسة والأعمال، بالاضافة إلى القطاعات الأخرى، لأنني أؤمن أن المراة هي نصف المجتمع، بل وتكاد تكون المجتمع كله، بفضل دورها المهم في الأسرة والمجتمع بأكمله. بالإضافة إلى جميع القضايا الأخرى التي تهم مجتمعنا.

p  كيف ترين تعامل بلدك الأم المغرب مع جائحة كورونا، وكيف تقيمين الإجراءات التي اتخذها؟ وهل تتبعين أحوال العائلة والأصدقاء داخل المغرب؟
n أنا جد فخورة بالكيفية التي تعاملت بها السلطات المغربية مع كورونا، لأنها تعاملت مع هذه الجائحة بصرامة، وتبنت إجراءات استباقية جنبت بلادنا مآس حقيقية كانت ستقع لولا هذه الإجراءات المتخذة ، وسعت بكل جهد و قوة من أجل  ضمان سلامة المواطنين، طبعا، أتتبع أخبار المغرب دائما عن كثب، على جميع المستويات، ودائما على اتصال بعائلتي وأصدقائي وكل معارفي بالمغرب.

p   إلى ماذا اشتقت في بلدك المغرب، وهل تزورينه، وألا تفكرين في إجراء توأمة بين مجلس المدينة الذي أنت عضو فيه، وبين مدينتك العرائش مثلا، أو أي مدينة مغربية أخرى؟
n أشتاق جدا ودائما إلى بلدي الحبيب المغرب،   أزوره على الأقل مرتين كل سنة، لأن هواء المغرب ينعشني وكذا طبيعته، وأنا أعشقه، دائما مرفوعة الرأس لأنني مغربية وأفتخر، والمغرب هو مسقط رأسي، وسيظل حبه يسرى في دمي أينما ذهبت.
أتمنى صادقة أن تعطى لي الفرصة للتعرف أكثر على السياسيين المغاربة، ولما لا أكون خط وصل بين البلدين، وأسعى أن أكون مفيدة لبلدي، بفضل الخبرة والدراسة اللتين أتوفر عليهما في المجال السياسي والاقتصادي، وهذا أمر يرجع للمغرب، من أجل تشجيع الشباب مثلي حتى يعطوا الأفضل لبلدهم الأم، لما لديهم من مواهب.

p تتقنين العديد من اللغات ، ماهي الإضافة التي شكلتها لك، وكيف أتقنت اللغة النرويجية؟
n   الحمد لله، أتقن العديد من اللغات، منها العربية، النرويجية، الإنجليزية، الفرنسية، الأمازيغية وأيضا الإسبانية، وقد تعلمت اللغة النرويجية بفضل الدراسة، والتحدث بها كل يوم،  فمع الممارسة كل شيء يصبح سهلا.

p  كلمة أخيرة
n  أشكر جريدة الاتحاد الاشتراكي، لدعمها وتشجيعها لي، وأيضا لتعريفكم بي في بلدي الحبيب المغرب، وأتمنى من بلدي الأم  دعمنا وتشجيعنا بشتى الطرق، لرفع راية المغرب، وأيضا، أدعو السفارة المغربية بأوسلو إلى تشجيع المغاربة القاطنين في النرويج وتكريمهم، و خصوصا الشباب الطموح، خصوصا في المجال السياسي،  التواصل يعني لي الكثير، لأنني مازلت في البدايات. طموحي إن شاء الله، أن أكون برلمانية أو وزيرة، وأكون في مراكز القرار، حتى أستطيع خدمة المجتمع وخدمة قضايا وطني الأم أيضا.


الكاتب : أجرى الحوار: جلال كندالي

  

بتاريخ : 30/07/2020