صادقت الحكومة خلال أشغال مجلسها المنعقد أول أمس الخميس على 11 مرسوما تخص تحديد مواعيد التنزيل الفعلي للعمل بباقي المجموعات الصحية الترابية بعد أن كانت قد أطلقت في وقت سابق تجربة مجموعة طنجة تطوان الحسيمة باعتبارها تجربة نموذجية، من أجل استخلاص خلاصات خطواتها العملية وتقييمها، قبل الانتقال إلى خطوة التعميم أو التريث بهدف إصلاح الاختلالات التي قد ترافق عمل هذه المجموعة الأولى.
المصادقة الحكومية وقبلها إدراج النقطة المتعلقة بمراسيم تنزيل باقي المجموعات الصحية الترابية في جدول الأعمال لقيا معا سخطا كبيرا ورفضا عارما من طرف فئة عريضة من الشغيلة الصحية التي يمثلها التنسيق النقابي الوطني المكوّن من خمس نقابات قطاعية، التي دعت الحكومة أكثر من مرّة إلى عدم التسرع وإلى الانكباب على معالجة المشاكل التي رافقت تنزيل المجوعة الصحية الترابية طنجة تطوان الحسيمة، ليس فقط على مستوى ما يتعلق بحقوق ومكتسبات الشغيلة الصحية وإنما كذلك ما يهمّ آليات الاشتغال من حيث الموارد البشرية والتقنية والبنيات التحتية، وذلك من أجل تقديم خدمة صحية ذات جودة للمواطنين، خاصة وأن هذه النقطة تعتريها عدد من الإشكالات بحكم التباين في توزيع العرض الصحي داخل الجهة الواحدة.
وخلّفت المصادقة الحكومية على المراسيم التي جيء بها ردود فعل غاضبة بالنظر إلى محاولة تسويق نجاح المجموعة النموذجية بشمال المملكة وبناء القرار الحكومي على ذلك، وهو الأمر الذي اعتبره فاعلون من خلال تصريحات مختلفة أمرا مجانبا للحقيقة وهروبا للأمام وسعيا من الحكومة لزرع المزيد من الاحتقان في الصحة العمومية، بل أن بعضهم أكد على أن ما يقع منذ مدة يعتبر استهدافا مباشرا لقطاع الصحة العمومية وسعيا لتعبيد الطريق أمام جهات أخرى تجعل من أمراض المواطنين وعللهم مصدرا للربح والاغتناء.
وفي السياق ذاته، ندّد نقابيون في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، ضرب الحكومة للمقاربة التشاركية وإجهازها على هذا المبدأ الأساسي في كل تدبير عقلاني من شأنه خدمة الصالح العام، لاسيما وأن الحديث هنا يتمحور حول قطاع اجتماعي يعتبر العمود الفقري للمجتمع وصحة باقي القطاعات الأخرى مرتبطة بقوته ومناعته. واعتبر الغاضبون من نقابات متعددة في تصريحاتهم للجريدة أن إصرار الحكومة على التملّص من التزاماتها الموقعة في اتفاق يوليوز 2024، وهرولتها من أجل تنزيل المجموعات الصحية الترابية رغم المشاكل التي لا حصر لها، التي تم تسجيلها في مجموعة طنجة تطوان الحسيمة، ولاسيما وأن بلادنا مقبلة على استقبال تظاهرات مهمة على رأسها كأس إفريقيا، علما بأن هذه المرحلة هي كلها مؤطرة كذلك بالتنزيل السليم للورش الملكي للحماية الاجتماعية مع ما يقتضي ذلك من إصلاح جوهري للمنظومة الصحية، مع الأخذ بعين الاعتبار موقع الموارد البشرية التي حضرت في النقاشات كلها كركيزة أساسية لهذا الإصلاح، يضرب في العمق هذا المعطى ويؤكد على أن النظرة الحكومية لهذا القطاع ولمهنييه تطرح علامات استفهام عديدة تحتاج إلى أكثر من وقفة وتحليل.

