عبد الواحد التطواني : الراحل أغنى الخزانة بالروائع رفقة العلج والحداني،
سعيد الإمام: اختار نمطا قريبا من وجدان المغاربة فلقب بفنان الشعب
لطيفة رأفت: وداعا لمبدع الخالدات والتي تشرفت بأداء أشهرها
عائشة الوعد: فتح الله لمغاري تاريخ الأغنية المغربية
لطيفة رأفت وعبدالله عصامي يودعان الفقيد فتح الله لمغاري في منزله قبل نقل جثمانه الطاهر للدفن بمقبرة الشهداء
فقدت الساحة الفنية المغربية أحد روادها الكبار، فتح الله لمغاري، أول يوم أمس السبت بالمستشفى العسكري بالرباط.
وبرحيل الفنان فنح الله لمغاري، تفقد الساحة الفنية أحد رواد ومؤسسي الأغنية المغربية، الذي ولج عالمها في سن مبكرة، حيث أغنى الخزانة الفنية إلى جانب رواد آخرين بروائع وتحف فنية ستبقى خالدة، ومازالت في وجدان المغاربة، حيث يتغنى بها مطربون من داخل المغرب وخارجه.
وتبقى أغنية “صوت الحسن ينادي ” ، شاهدة للراحل على مدى تجاوبه مع القضايا التي تستأثر باهتمام شعبه، ويكفي أن تكون هذه الأغنية وحدها فقط في مسيرته الفنية لتدخله في زمرة الرواد من بابه الواسع، والتي جادت بها قريحته في المسيرة الخضراء سنة 1975.
فتح الله لمغاري المزداد سنة 1940 بفاس، صاحب مواهب متعددة ،فهو ملحن وكاتب كلمات ومغني أيضا.لم تطغ لديه أو تهيمن موهبة على أخرى، بل كلماته وألحانه وصوته في نفس المستوى، لقد شكل ظاهرة بكل ماتحمله الكلمة من معنى .
عاش طفولته، كما تقول سيرته الحياتية، في وسط عائلي يهتم بالموسيقى. بعد نيله شهادة بكالوريا عام 1958، التحق بالمدرسة الإدارية ثم بالعمل بإحدى المؤسسات «BRPM» ليصبح من أطرها.
بدأ مساره الفعلي في المجال الفني بعد الاستقلال.
غنى كثير من الفنانين من كلمات وألحانه ، منهم لطيفة رأفت وعبد الهادي بلخياط، الذي أدى من كلماته أغنية “في قلبي جرح قديم”، والتي أبدى عبد الحليم حافظ أثناء استماعه إليها في إحدى زياراته إلى المغرب إعجابه الكبير بها، كما قدم لمغاري العديد من الأعمال الفنية التي مازال الجمهور المغربي يتغنى بها منها أغان كتب كلماتها مثل ضاعت لي نوارة، الصنارة، محال ينساك البال ،مغيارة، كاس البلار، كما في ريبرتواره الفني كمطرب العديد من الأغاني الناجحة، مثل “والله ما أنت معانا” ،الله على راحة”،”رجال الله” وغيرها من الأعمال الخالدة.
رفيق دربه في الفن والإبداع الموسيقار عبد الواحد التطواني قال في شهادة له لجريدة “الاتحاد الاشتراكي” حول حق الفنان القدير فتح الله لمغاري،إنه فنان رائد في مجال الأغنية المغربية، أعطى الشىء الكثير ، من الكلمات الجميلة التي تغنى بها الفنانون المغاربة ، لحن لنفسه مجموعة من الأعمال الناجحة، ومازالت حاضرة في وجدان المغاربة إلى يومنا هذا، فتح الله لمغاري إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كان صديقا رحمه الله، عرفته منذ بداية مشواري الفني،فكان نعم الصديق الوفي، والإنسان الطيب الخلوق، لايخشى في الله لومة لائم، يقول الحق، إنسان ترك بصمة خالدة في تاريخ الأغنية المغربية.
وحتى لا أنسى، يقول الموسيقار عبد الواحد، لأنه بحكم أن الفاجعة عظمى، تغيب الذاكرة ، لأننا فقدنا قامة فنية كبيرة وكبيرة جدا، يبقى فتح الله لمغاري ، أحد الثالوث، إلى جانب أحمد الطيب العلج رحمه الله والراحل علي الحداني تغمده الله بواسع رحمته، في كتابة الأغاني ،الذين أغنوا الخزانة بالروائع، وحتى لا أنسى أيضا عبدالله شقرون وحمادي التونسي وغيرهم. “صوت الحسن ينادي” ، هذا العمل الوطني، يضيف عبدالواحد التطواني، أرخ للمسيرة الخضراء، وكان إلى جانبه الملحن الفنان عبدالله عصامي أطال الله في عمره، ومجموعة من الفنانين من العازفين بالجوق الوطني على رأسهم موزع الأغنية الفنان الراحل عبد السلام خشان، بالإضافة إلى مجموعة من الأصوات التي أدت هذه الأغنية، منهم الفنان الراحل أحمد الغرباوي، والراحل الفنان محمد الحياني والفنان الراحل إسماعيل أحمد والفنان محمد علي ومجموعة من المطربين المغاربة الآخرين ، الذين ساهموا بأصواتهم في هذا العمل الرائد والخالد.
هذه الأغنية، يضيف عبد الواحد التطواني، اعتبرها الأغنية الثانية بعد النشيد الوطني، رحم الله الفقيد العزيز ، وتعازينا لأسرته الصغيرة والكبيرة ،إنا لله وإنا إليه راجعون.”
الملحن والإعلامي سعيد الإمام، وصف الراحل في شهادة له في حقه لجريدة “الاتحاد الاشتراكي” بأن الفقيد يعد ذاكرة قائمة بحد ذاتها للأغنية المغربية، سواء من حيث التأليف أو الأشعار والكلمات والأداء، فتح الله لمغاري من آيت أمغار وذو أصو مراكشية، لكن خلق في فاس وترعرع وكبر هناك وسط مجتمع كان فيه الفن مزدهرا في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، زمن الفنان الراحل محمد فويتح حينما كان لديه جوق موسيقي أيام الحماية الفرنسية. كان رحمه الله من الشباب مثل المزكلدي وعبدالرحيم السقاط وعبدالوهاب الدكالي والطيب العلج وعبدالهادي بلخياط وعدد كبير من الفنانين الذين بدأو مسيرتهم الفنية. كان رحمه الله يدرس أيضا وحاصلا على شهادة جامعية، وله منصب إداري مهم، حيث استطاع أن يجد له مكانا وسط كوكبة من الفنانين المبدعين آنذاك، ووسط عباقرة كتاب الكلمات مثل الطيب العلج وعلي الحداني وحسن المفتي وغيرهم . كان يتردد على الإذاعة الوطنية، واختار نمطا قريبا من الوجدان الشعبي في فنه، وقد أطلق عليه لقب فنان الشعب، شارك في العديد من المناسبات الوطنية والدينية وكل مايتعلق بتاريخ المغرب الحديث، بأعمال رائدة ، فهو يعد إحدى أيقونات الأغنية المغربية، وقد فقد المغرب أحد رجالاته وأبنائه البررة، لأنه يشكل ذاكرة وتاريخا، لكن للأسف كان دائما يعاني من التهميش الإعلامي، إذ لاتتم دعوته إلا في المناسبات المرتبطة بالمسيرة الخضراء، وكان يلبي النداء، رغم أنه كان يقول لي، “يجيبو هادوك اللي كيستضفوهم دائما ” ، ومع ذلك كان يتعفف، لكن ما كان يقلقه حقا، هو حينما تنتدب بعض الإذاعات الخاصة وغيرها ، صحفيين متدربين لمحاورته، لأنه يرى في ذلك عدم تقديره، إذ يقول إنه كون نفسه بنفسه ويعتبر أيضا نفسه من الشعراء الكبار ، واليوم قد رحل رحمه الله، سنعرف قيمته أكثر، وعلينا الاهتمام بالرواد وبكل الفئات رحم الله الفقيد بواسع رحمته”.
الفنانة لطيفة رأفت نعت الراحل فتح الله لمغاري في تدوينة على صفحتها الرسمية فيسبوك ، قالت فيها:
“وداعا أيها الفنان، وداعا أيها الأب الروحي، تلقيت بحزن كبير وفاة من كان له الفضل في نجاحاتي بعد الله سبحانه وتعالى، وداعا يا من آمن بموهبتي وشجعني، وداعا سي فتح الله المغاري..
كان رحمه الله يفضل أن أكون أول من يستمع إلى أي كلام يخطه قلمه أو لحن جديد يبدع فيه، كان سندي والشاهد الأول على زواجي سنة 1985 السنة التي استقريت فيها بالرباط، رحمك الله يا من كان بمثابة أب لي.
وداعا لمبدع خالدات الأغنية المغربية والتي تشرفت بأداء أشهرها على غرار أنا فعارك يا يما، عشرة الأحباب، مغيارة، الحبيب راه خلاني، يا محمد يا شفيعنا الهادي، والأغنية الوطنية التي تغنى بها الصغير والكبير نداء الحسن. ”
الفنانة عائشة الوعد قالت في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي ، الفنان فتح الله لمغاري ، تاريخ الأغنية المغربية التي أبدع في ألحانها لكبار النجوم المغاربة ، ومن الفنانين الذين شجعوني في بداية الطريق ، ولا ننسى ابتسامته التي تعبر عن صفاء قلبه لكل زملائه وجمهوره العريض .
رحمه الله وإلى جنة الخلد. إنا لله وإنا إليه اليه راجعون”.