فرنسا تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس عن قرار بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. وجاء هذا الإعلان في ظل تصاعد الحرب على قطاع غزة وانسداد أفق المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، وفي ظل جهود مكثفة لإعادة إحياء حل الدولتين، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط والأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وفي منشور عبر منصتي «إكس» و»إنستغرام»، أكد ماكرون التزام فرنسا التاريخي بتحقيق «سلام عادل ودائم» في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين سيتم رسميا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف أن هذه الخطوة تهدف إلى بناء دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تعترف بإسرائيل بشكل كامل، وتساهم في تعزيز الأمن الإقليمي. كما أعلن ماكرون أن فرنسا ستترأس، بالتعاون مع السعودية، مؤتمرا دوليا على مستوى رؤساء الدول والحكومات لدعم حل الدولتين، بعد اجتماع وزاري مقرر في نيويورك يومي 28 و29 يوليو. ومع اقتراب المؤتمر الدولي في نيويورك، تتطلع فرنسا إلى حشد دعم دولي لتعزيز هذا الحل، في محاولة لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وقد رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار الفرنسي، واصفا إياه بـأنه «انتصار للحق الفلسطيني». وأكد في بيان أن هذه الخطوة تعكس حرص فرنسا على دعم حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه. كما رحبت حركة حماس بالإعلان، معتبرة إياه خطوة إيجابية.
كما رحب نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ بالقرار، واعتبره التزاما فرنسيا بالقانون الدولي وبدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وفي نفس الإطار رحبت دول الخليج بالقرار. وأشادت السعودية بـ»هذا القرار التاريخي» الذي يدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما اعتبرت قطر أن الخطوة تمثل دعما للشرعية الدولية، فيما أكدت الكويت أنها تسهم في تنفيذ قرارات مجلس الأمن. وأعربت الأردن عن تقديرها لهذا القرار، معتبرة إياه خطوة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
على الصعيد الدولي، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن «وقف إطلاق النار في غزة سيضعنا على طريق الاعتراف بدولة فلسطينية»، معتبرا أن قيام الدولة الفلسطينية حق غير قابل للتصرف. بدورها، رحبت إسبانيا بالاعتراف، فيما أعربت ألمانيا عن رفضها القيام بالخطوة حاليا، معتبرة أنها «إشارة سيئة». أما لوكسمبورغ، فأعلنت استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين، بشرط الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة.
في المقابل، سارعت إسرائيل للتنديد بالقرار الفرنسي. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها «تكافئ الإرهاب» وتشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، حسب قوله.
بدورها، أعربت الولايات المتحدة عن رفضها القاطع للقرار الفرنسي، حيث وصفه وزير الخارجية ماركو روبيو بـ»المتهور»، معتبرا أنه يعيق جهود السلام.
في سياق متصل، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف انسحاب الولايات المتحدة من محادثات الدوحة حول وقف إطلاق النار في غزة، «متهما» حماس بعدم التفاوض «بحسن نية». وجاء هذا القرار بعد إعلان إسرائيل استدعاء وفدها المفاوض للتشاور، عقب رد حماس على اقتراح الهدنة. وأفادت مصادر فلسطينية أن رد حماس على المقترحات كان إيجابيا، مؤكدة أن الرد تضمن تعديلات تتعلق بضمان لوقف إطلاق نار دائم، وتسهيل دخول المساعدات، وخرائط انسحاب إسرائيلي من غزة، بالإضافة إلى زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم مقابل الرهائن الإسرائيليين.
وتستند المبادرة الحالية إلى هدنة مؤقتة لمدة 60 يوما تشمل إطلاق سراح تدريجي للرهائن مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين. إلا أن الخلافات المستمرة، خاصة حول مطلب حماس بضمانات لإنهاء الحرب بشكل دائم، ورفض إسرائيل لذلك، أعاقت التوصل إلى اتفاق.
في غضون ذلك، تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أفادت الأمم المتحدة بأن الحرب المستمرة منذ 21 شهرا تهدد السكان بالمجاعة. وقد أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 40 فلسطينيا بنيران إسرائيلية منذ فجر الخميس، بينهم سبعة كانوا ينتظرون المساعدات. ووفقا لوزارة الصحة في غزة، بلغ عدد القتلى أثناء انتظار المساعدات 1083 منذ مايو الماضي. وفي ظل هذه الأوضاع، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى محادثات طارئة مع باريس وبرلين لمناقشة الوضع، مؤكدا أن وقف إطلاق النار سيمهد للاعتراف بدولة فلسطينية.
وتزايدت التحذيرات من المجاعة، حيث اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بعدم السماح بوصول المساعدات، فيما وجهت كبرى وكالات الأنباء العالمية نداء مشتركا للسماح للصحفيين بالدخول إلى غزة لتوثيق الوضع الإنساني.


بتاريخ : 26/07/2025