لم تتمكن وزارة الصحة على امتداد سنوات عديدة من بلوغ الهدف الذي سبق وأن سطّرته المتمثل في تخرج 3300 طبيب في السنة من أجل تدعيم الموارد البشرية بخريجين جدد يعززون المنظومة الصحية ويرفعون من قدرتها على مواجهة التحديات المطروحة عليها والإجابة عن الانتظارات المرتفعة للمرضى والمواطنين بشكل عام. عجز عن ترجمة ما تم تسطيره وتوقعه لم يكن هو الخلل الوحيد إذ رافقه إشكال آخر يتمثل في مغادرة حوالي 600 من بين ألفي طبيب في السنة التراب الوطني، وفقا لتصريحات وتأكيدات عدد من المختصين في الشأن الصحي، مما زاد من تعميق جراح المنظومة الصحية التي تعاني من الخصاص سواء على المستوى البشري أو التقني، الأمر الذي تسبب في تراجع الخدمات في العديد من المرافق الصحية وأدى إلى تنامي الأصوات المنتقدة بشكل متواصل جراء المواعيد المتأخرة والأعطاب التي تطال التجهيزات التقنية وغيرها من الإكراهات التي فرملة تفعيل الفصل 31 من دستور المملكة في كثير من الحالات. وضعية تطرح أكثر من علامة استفهام ارتباطا بما ينتظر المنظومة الصحية اليوم من تحديات، في أفق تعميم التغطية الصحية على المواطنين وتمكين 22 مليون مغربي ومغربية منها في أفق سنتين، تفعيلا للتوجيهات الملكية بهدف إنجاح ورش الحماية الاجتماعية بتفرّعاته. وإذا كانت البدائل قد تم استعراضها وأشكال التمويل قد تمت الإشارة إليها بالتفصيل، سواء تعلق الأمر بمساهمة الدولة أو الأفراد، فإن جملة من التدابير الأخرى تطرح نفسها بإلحاح، بحسب المهتمين بالشأن الصحي، وعلى رأسها تحفيز الموارد البشرية المتوفرة والانفتاح على الكفاءات والخبرات المغربية للمساهمة في تطوير وتجويد المنظومة الصحية، حتى تستوعب وتلبي احتياجات المواطنين منها، وهو ما يتطلب إقرار تكوين مستمر فعلي والتشجيع على الولوج إليه بتحفيزات تحقق الغايات المرجوة منه، وتعبيد الطريق أمام الولوج إلى الدواء مع منح الأفضلية للصناعة الدوائية المغربية وتوسيع هامش التعويض عن المصاريف المتعلقة بها.
تدابير يجب أن تولي أهمية كذلك، وفقا للاختصاصيين، للبحث العلمي، والعمل على استخلاص دروس الجائحة الوبائية لكوفيد 19، التي أبانت عن الحاجة إلى تطويره، حيث اكتشف المغاربة العديد من الكفاءات الوطنية التي لها مكانة علمية مرموقة في دول متعددة اعتمدت على خبرتها وقدرتها في تقديم الحلول بفضل توفير الإمكانيات التي تسمح لها بذلك. وإلى جانب كل هذه الخطوات يبقى تأهيل المنظومة الصحية جهويا رافعة من رافعات تطويرها وطنيا باعتماد التضامن والتكامل في إطار «وحدة صحية» تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المحلية والخصوصيات الجهوية تفعيلا للمبدأ الدستوري، الذي يدعو لتمكين المواطنات والمواطنين من هذا الحق في إطار عدالة مجالية، مع ضرورة تطوير الشراكة الفعلية بين القطاعين العام والخاص.