فصُول

07

الخريف:
قُبَيْلَ مَتَمِّ
ٱلنَّهَار،
فِي ٱلْبَاحَة،
رَأَيْتُ زَهْرَةَ ٱلنِّسْرِين،
وَشُحْرُوراً أَسْوَد،
وَلَمْ أَرَغَيْرَهُ مِنَ
ٱلأَطْيَار…
فِي ٱلْبَاحَةِ،
حَيْثُ أَنَا،
تَأَمَّلْتُ زَهْرَةَ تِشْرِين،
وَشَكْلاً غَرِيبًا..
وَجْهاً غَرِيبًا
تَمَاما،ً
كَانَ مُحَاصَراً فِي
إِطَار،
فَنَاجَيْتُ نَفْسِي:
مَنْ يَاتُرَى رَسَمَ صُورَةَ مَلْعُونٍ يُشْبِهُنِي
فَعَلَّقَهَا قُبَالَتِي عَلَى
ٱلْجِدَار…؟
الشتاء:
قَالَ ٱلْغَرِيبُ مُشِيراً إِلَى ٱلسَّمَاء؛
سَلاَمًا أَيُّهَا ٱلْمُزْنُ ٱلْمُسَافِرُ
سَلاَمًا!
سَأذْكُرُكَ وَٱلْحُقُولُ تَتَعَشَّقُ شَقَائِقَ
ٱلنُّعْمَان.
سَأذْكُرُكَ وَنَدَى ٱلصُّبْحِ
يُغَازِلُ تِيجَانَ
ٱلأُقْحُوَان…
سَلاَماً أَيُّهَا ٱلْمُزْنُ ٱلْمَطِيرُ
سَلاَمًا!
سَأَذْكُرُكَ وَأَنْت تَرْوِي أَرْضَنَا،
كَمَا غَاثَهَا مُزْنٌ شَبِيهُكَ مُنْذُ
أَزْمَان…
الربيع:
يَوْمٌ مِنْ فبْرَاير.
ٱلأَصِيلُ كَسْتَنَائِياً كَان.
خَلْفَ ٱلشُّرْفَةِ بُرْهَةً،
غَرَّدَ سُنُونُو،
فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ ٱلرَّبِيع.
وَعِنْدَمَا خَرَجْتُ
ٱنْدَسَسْتُ وَسْطَ قَوْمِي
فلمْ أَرَ ٱلسُّنُونُو،
وَلاَ ٱلأَزْهَار…
رَأيْتُ لِحًى
تَحْتَ قَنَادِلِ
ٱلنُّور،
وَسُبُحَات.
رَأَيْتُ أَطْيَافاً تَتَرَاقَصُ
فِي سَعِيرِ
ٱلتَّنُّور؛
وَعَلَى هَامَاتِهَا
عِمَامَات،
فَقُلْتُ :أَيْنَ ٱلسُّنُونُو؟
أَيْنَ مِنْ عُيُونِ ٱلظَّلاَمِ
ٱلْمَفَرُّ؟
إِنْ كَانَتِ ٱلأَشْبَاحُ قَوْمِي
فَهَلْ مِنِّي تَهْزَأُ أَنْتَ أَيُّهَا
ٱلْقَدَرُ؟
***
سَألْتُ حَارِسَ ٱللَّيْل مَسْعُود عَنْ يَافِعِي حَارَتِي
ٱلْمُتَمَدْرِسِين.
تَمَشَّى قَلِيلاً
ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ مُطْرِقاً:
بِٱلأَمْسِ،مِنْ هُنَا
مَرُّوا
أَجْمَعِين:
سَلِيم،
ٱلْمَهْدِي ،
وَهَجَر.
وَٱسْتَطْرَدَ مَسْعُود وَهْوَ يَحْدِجُنِي:
وَكَذَلِكَ أَحْمَد،
سَعِيدَة،
وَعُمَر،
مِنْ هُنَا أَيْضًا
عَبَرُوا؛
وَقَدْ كَانُوا
حَائِرِين.
وَقَبْلَ قَلِيل،
اُخْبِرْتُ أَنَّهُمْ رَكِبُوا ٱلْفُلْكَ وَقْتَ
ٱلسَّحَر،
وَلَسْتُ أَدْرِي ٱلآنَ
أَهُمْ نَجَواْ إِلَى
ٱلْبَرِّ؟
أَمْ أَفْنَاهُم عُبَابُ
ٱلُبَحْر…؟
الصيف :
أَمَامَ ٱلْخِضَم…
كَمْ هُوَ حَزِينٌ ذَاكَ
ٱلشَّفَق!
لأَنَّ ٱلنَّهَارَكَانَ يَتَثَاءَبُ فِي
ٱلأُفُق.
قُلْتُ وَأَنَا أَمَامَ شَطِّ ٱلْخِضَمِّ
ٱلْمُسَجَّى بِٱلزَّبَد:
مَرْحَى بِحَفِيفِكَ ٱلْبَارِدِ!
مَرْحَى أَيُّهَا
ٱلْغَسَق…!
***
حَيْرَان
كَمَالِكِ ٱلْحَزِين
عَلَى ضِفَافِ ٱلْمَنْفَى
وَٱلْهِجْرَان…
لأَنَّنِي حَلُمْتُ يَوْماً
أَنَّ فِي يَدِي وُرَيْقَاتٍ مَنْ نَبْتِ
ٱلْحَبَق؛
فَإِنْ هِيَ إَلاَّ حَفْنَةٌ
مِنْ سَدْرِ
ٱلنَّبَق…


الكاتب : ناصر السوسي

  

بتاريخ : 07/08/2020