فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية

أيام عصيبة مشبعة بالجهد والكد مرت على تلامذتنا خلال هذا الموسم الدراسي الحالي، الاستثنائي بسبب ظروف كورونا، بما فيه من جهد ومثابرة وتعلم عن بعد، ومهما هون التربويون من فترة ما بعد الامتحانات الإشهادية، إلا أنها لا تزال أياما لها طقوس وأجواء استثنائية وتشكل هاجسا حقيقيا للأسر.
لم يتبق على موعد إجراء امتحانات البكالوريا سوى أسابيع قليلة بكل مايسبقها من توتر تضيق به صدور الأسر والتلاميذ ، فالامتحانات شبح يخشاه جل التلاميذ ولا ينجو من السقوط في فخها سوى من اجتهد وثابر منذ بداية الموسم الدراسي في تحصيل دروسه بشكل منتظم ومتواصل.
لابد من تجاوز فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية التي تشكلت في أذهاننا، عبر سنوات، بفعل النظام التعليمي المعمول به، من خلال إعادة النظر في الامتحانات على أنها عملية تعليمية،وليست محنة مجتمعية كما على المدرسة أن تؤدي دورها في تهيئة التلاميذ لذلك، ويقع الدور الأكبر على الأستاذ في الابتعاد عن تخويف واستفزاز وإرهاق التلاميذ، ومنحهم الثقة والطمأنينة والتفاؤل، ثم يأتي دور الأسرة التي تشكل البيئة النفسية للتلاميذ، وذلك بتوفير أجواء مناسبة للمراجعة .
ومن أجل ذلك،لابد من أن تضحي الأسرة بتجاوز الخلافات وتذويبها إن وجدت بين أفرادها، لأن الحالة النفسية للتلميذ تؤدي دورا مهما في قدرته على الاستيعاب وعلى خلق الثقة الكاملة لديه في إمكانية تحقيق النتائج الإيجابية في الامتحان،  وعلى التلاميذ المقبلين على اجتياز الامتحانات وضع برمجة للوقت واستثماره بطريقة أفضل، وذلك بتقسيم يوم المراجعة إلى فترات تتخللها فترات راحة وتناول تغذية متوازنة وتجنب السهر وإرهاق الجسد وقلة النوم.
وللخروج من فوبيا الامتحانات الإشهادية المدرسية؛ لا بد من أن نضع في اعتبارنا ثالوثا مهما محوره التلميذ والبيت والمدرسة.
فبالنسبة للتلميذ؛ عليه الاستعداد مبكرا، أي منذ بداية الموسم الدراسي للامتحانات، بالمراجعة المنتظمة والمتوازنة، مع التركيز داخل الفصل الدراسي والانتباه إلى شروحات الأستاذ.
أما بخصوص الأسرة فعليها أن تتواصل مع ابنها باستمرار  وأن تمنحه الثقة في نفسه وتهيئة الأجواء المناسبة للتحصيل الدراسي وتحفيزه معنويا وماديا.
ومن جانب المدرسة، على المدرسين التواصل مع التلاميذ نفسيا وتذليل صعوبات التعلم وتوجيههم إلى كيفية التعامل مع المادة الامتحانية منهجيا ومعرفيا وتنظيم لقاءات منتظمة تواصلية معهم، تدور محاورها حول كيفية التهئية النفسية للامتحانات المدرسية.
لقد أصبحت الامتحانات الإشهادية المدرسية، ومع كامل الأسف، غاية من العملية التربوية وليست وسيلة لتقويم العملية التعليمية ، قبل ان تكون موقفا تعليميا للتلاميذ، وليس موقفا تخويفيا له ولأسرته.
إن الامتحانات الإشهادية المدرسية وجدت أصلا لقياس الأهداف التعليمية، وليس لتصنيف التلاميذ، ففي كثير من البلدان الأوروبية، لا توجد امتحانات في المرحلة الابتدائية والأساسية بل تعوض ببطاقات شخصية لكل تلميذ لقياس كل قدراته المعرفية والسلوكية والوجدانية، لذا على الجهات الوصية على قطاع التربية والتعليم أن تعمل على تحويل الامتحانات الإشهادية المدرسية كوسيلة قياس تربوية وعلمية إلى مواقف تعلمية تركز بالأساس على روح المبادرة والقدرة على حل المشكلات .

باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري 

  

بتاريخ : 22/04/2021