خلال نهاية الأسبوع الأول من يونيو الجاري، تم تتويج السينما المغربية، مرة أخرى، من خلال إعلان مهرجان مينا السينمائي الدولي في لاهاي بهولندا، المنظم، في دورته الثالثة،عبر الأثير الرقمي، تحت شعار « الهويات و الأقليات «، عن تتويج فيلمين مغربيين، و يتعلق الأمر بالفيلم الروائي القصير « الوشم «، للمخرجة فاطمة أكلاز، الذي توج بجائزة أفضل فيلم، و يعالج ظاهرة التحرش و اغتصاب الطفولة، و الفيلم الروائي الطويل « ولولة الروح «، للمخرج عبد الإله الجواهري، المتوج بجائزة أفضل إخراج، و يتناول جانبا من تاريخ الحملات السلطوية المعادية لليسار.
فيلم « الوشم «، لمخرجته فاطمة أكلاز، كتب له السيناريو، الكاتب و المخرج و الممثل، عبد اللطيف نجيب، الذي عرفه الجمهور الفني من خلال مجموعة من السيناريوهات، ليس آخرها سيناريو مسلسل « ولد صفية «، و اليوم يلمع اسمه عبر سيناريو الفيلم المتوج « الوشم «، الذي لعب أدواره الطفل إلياس أكلاز، الذي حصل على جائزة أحسن ممثل، و الطفلة ماجدولين أكلاز، و الممثل و الحكواتي عبد الإله الخطابي، إلى جانب الممثلين الحسين دحو، رشيدة سعودي و حليمة بنخليفة..
و يذكر أن فيلم « الوشم « يجر خلفه مجموعة من الجوائز الوطنية، منها أربع جوائز عام 2018، هي الجائزة الكبرى في مهرجان السينما القروية بخريبكة، جائزة السيناريو في مهرجان القصبة بورزازات، الجائزة الكبرى في مهرجان أبي الجعد، جائزة أحسن ممثل في ملتقى سينما الهامش بجرسيف، و في عام 2019 حصل على الجائزة الأولى في مهرجان بنسليمان السينمائي، ليتمكن من الفوز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان السينمائي الدولي مينا بلاهاي في هولندا، الذي جرى تنظيمه من 11 إلى 13 يونيو الجاري.
و المؤكد أن تتويج فيلم « الوشم « بجائزة أفضل فيلم، لم يكن غريبا بحكم قيمة الرصيد الفني لمخرجته فاطمة أكلاز التي تمكنت من ترسيخ اسمها، سواء كممثلة، أو مخرجة لعدة أفلام قصيرة من قبيل « لعبة الحبل « (2012 )، « الراعية «(2014)، « الوشم « (2017)، ثم الفيلم القصير» العصا « الذي قامت بإنجازه خلال العام الجاري 2020، مع ضرورة الإشارة إلى أن فيلم « الوشم « لم يكن فوزه سهلا أمام منافسة 26 فيلما من المغرب، العراق، إسبانيا، بلجيكا، فرنسا، الدنمارك، تونس، الجزائر، سوريا، لبنان و إيران.
و في اتصال بالمخرجة فاطمة أكلاز، أوضحت أن فيلمها « الوشم « عرف منافسة قوية من مجموعة من الأفلام التي شاركت من دول مختلفة، و يتناول ما يتعرض له الأطفال من إساءة على يد سلطة الكبار، و هو عبارة عن « صرخة تعتبر الإساءة الى الطفل هي اعتداء على براءته «، فيما لم يفت فاطمة أكلاز التأكيد أن الفيلم « نابع من مبادئها و قناعاتها الفنية و الحقوقية التي تدين بقوة اغتصاب الأطفال المتكرر عبر العالم، و الذي يمكن أن يطالهم حتى من طرف أشخاص من المفروض فيهم حماية ذلك الطفل و رعايته «، حسب قولها.
و معلوم أن منظمي مهرجان مينا السينمائي، المنظم بلاهاي بهولندا، بدعم من بلدية لاهاي و مؤسسة Fonds 1818 الثقافية،اضطروا، هذه السنة، إلى اللجوء للبديل الرقمي استثناء على خلفية الاجراءات و التدابير الوقائية المتخذة عالميا إثر تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19، و تميزت الدورة الثالثة لهذه السنة بمشاركة الأفلام الروائية القصيرة، المنتجة في السنتين الأخيرتين، مع منح جمهور الفن السابع حق مشاهدة الأفلام المشاركة عبر الإنترنت، و تتبع المقابلات القصيرة، المنظمة رقميا على هامش المهرجان، مع صانعي الأعمال السينمائية.
و كان مدير المهرجان، الشاعر العراقي محمد الأمين الكرخي، قد أكد، في بلاغ صحفي له، أنّ اختيار شعار “ الهُوّيات و الأقليات ” لدورة هذه السنة، يأتي أساسا من أجل إبراز دور السينما في « تناول القضايا المسكوت عنها في المجتمعات الشرقية «، من « منظور إنساني و برؤية فنية، بعيدا عن الأجندات السياسية و الممارسات القمعية التي تسلب الفرد حقه في الانتماء و التعبير عن هويته «، بحسب قوله، و تميزت دورة هذه السنة بالإعلان جوائز أفضل فيلم روائي طويل، و أفضل فيلم روائي قصير، و أفضل فيلم وثائقي إضافة الى جائزة الجمهور.
و بعد فوز فيلم « الوشم «، لفاطمة أكلاز، بجائزة أفضل فيلم روائي قصير، تم الاعلان عن فوز الفيلم التونسي « الرجل الذي صار متحفا « لمروان طرابلسي، بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، كما فاز الفيلم العراقي» الكناوي» لمحمد توفيق بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير، فيما عادت جائزة الجمهور للفيلم الإسباني القصير « لست أنا « لمجيد حنا، وجائزة أفضل فيلم روائي طويل للفيلم الإيراني» بين التلال « لمحمد رضوان كيوانفر، و جائزة الإخراج للفيلم الروائي الطويل مناصفة للفيلم العراقي « قصص العابرين « قتيبة الجنابي و الفيلم المغربي» ولولة الروح « لعبد الاله الجوهري.