تم عرض فيلم “ظل والدي” للمخرج البريطاني – النيجيري أكينولا ديفيز، المشارك في المسابقة الرسمية للدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
ويقدم هذا الفيلم على مدى 93 دقيقة عملا تأمليا يستكشف عوالم الطفولة في مواجهة زمن مضطرب، حيث يتعقب طيلة يوم كامل في لاغوس، الحضور الأبوي باعتباره قوة هادئة تحفظ التوازن الداخلي في وقت الأزمات.
ومن خلال هذا الشريط الروائي الذي يعد بمثابة تأمل بصري ووجداني حول الطفولة ودور الأب الحامي، يحول المخرج مدينة لاغوس إلى مرآة واسعة تعكس في آن واحد قلق بلد يشهد توترا سياسيا، والاندفاع الحيوي لأب يعبر بابنيه مدينة تمر بمرحلة لايقين.
ويقدم الفيلم لاغوس كمدينة نابضة بالحياة، متخمة بالحشود والأصوات والتطلعات. ويتحول هذا الصخب إلى خلفية صوتية تمنح المخرج مساحة لكتابة سينمائية تركز على الإحساس وتقوم على حركات مقتصدة، وصمت حافل بالمعاني، ونظرات يقظة لأب يسعى إلى شق طريق آمن لابنيه.
ولا يقتصر “ظل والدي” على كونه شبه سيرة ذاتية، بل يتسع ليغدو مرثية شاعرية يصبح فيها الأب ملاذا وبوصلة في آن. يرصد المخرج ديفيز هشاشة عالم تمزقه التوترات الاجتماعية والسياسية، ليكشف في المقابل صلابة الروابط التي تسمح للطفولة بأن تمضي قدما وتبني ذاتها رغم كل شيء.
وفي هذا الفضاء المشحون، تبرز الأسرة كجذر ثابت وكحقيقة بسيطة لكنها عميقة. ويبدو الأب في الفيلم كما لو أنه يهمس لولديه درسا متوارثا عن أجيال سابقة إذ يقول “أمي علمتني أن الواجب الوحيد للرجل هو أن يعتني بعائلته”. يتحول كل تفصيل في الفيلم إلى تضحية، لكنها تضحية مشبعة بالكرامة، كما لو كانت وفاء صامتا لما هو أهم.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد أكينولا ديفيز أن فيلمه يمثل دعوة إلى اكتشاف نيجيريا بعيدا عن الصور النمطية، وإلى منح القارة الإفريقية فرصة للتعبير عن نفسها بصوتها الخاص. وقال ديفيز إن “إنجاز الفيلم تطلب تعاونا كبيرا بين فرق في نيجيريا والمملكة المتحدة، وأنا فخور جدا بما تحقق”، معربا عن سروره بالحضور في مراكش وشاكرا المنظمين على حسن الاستقبال.
ويعد المخرج البريطاني – النيجيري اكينولا ديفيز جونيور من أبرز الأصوات الصاعدة في السينما المعاصرة، إذ رشح لأهم جوائز الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا)، وتوج بجائزة مهرجان صندانس السينمائي. ويقيم ديفيز في سومرست هاوس بلندن، حيث يطور أعمالا تتقاطع فيها أسئلة المجتمع والعرق والروحانية والهوية والنوع الاجتماعي، معتمدا على سرديات متجذرة في سياقات دولية تسعى لبناء جسور بين أجيال وثقافات ومجتمعات متعددة.
وقد حقق ديفيز حضوره العالمي من خلال فيلمه القصير السحلية (2020) الذي قدم في عرضه العالمي الأول بمهرجان صندانس، وحاز الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، قبل ان يفوز بجائزة افضل فيلم قصير في مهرجان بلاك ستار، ويترشح للبافتا عن فئة افضل فيلم بريطاني قصير في العام نفسه. وتم اختياره لاحقا ضمن برنامج مواهب برليناله، كما ضم اسمه الى قائمة نجوم الغد التي ينشرها موقع سكرين دايلي.
وعرض فيلمه الروائي الطويل الاول ظل والدي لأول مرة ضمن قسم نظرة ما بمهرجان كان السينمائي، حيث نال تنويها خاصا ضمن مسابقة الكاميرا الذهبية، ما عزز مكانته كواحد من اهم المخرجين الواعدين في المشهد السينمائي الدولي.
فيلم «ظل والدي».. احتفاء بصورة الأب بوصفه ملاذا في عالم مضطرب
بتاريخ : 05/12/2025

