خبراء يؤكدون أهمية الحوار من أجل تجاوز سوء الفهم
قادة دينيون يعتبرون مؤتمر مراكش نفحة أمل في عالم موسوم بالأزمات
أكد عدد من الخبراء خلال جلسة نقاش رفيع المستوى التأمت الثلاثاء بمراكش، في إطار أشغال المؤتمر البرلماني الدولي حول الحوار بين الأديان، أن هذا الحوار أساسي للتعرف على قيم ومعتقدات الآخر واحترامها وبالتالي تجاوز سوء الفهم.
وأبرز المتدخلون خلال هذه الجلسة التي ناقشت موضوع «دعم السلام الإقليمي والعالمي من خلال حوار الأديان»، أن التعايش الديني يمهد سبل العيش في سلام، كما أنه يمكن أن يشكل جسر عبور إلى عالم أفضل.
في هذا الإطار، أكد مدير معهد الخوئي بالعراق، حيدر الخوئي، أن «الدين كان ولا يزال أحد الأسباب الرئيسية للصراعات»، ومن بينها الصراع الديني بين الشيعة والسنة، مشددا في هذا الصدد على ضرورة إعادة قراءة النصوص الدينية من أجل قطع الطريق أمام المتطرفين الذين يستعملون الدين كمطية لأعمالهم الإرهابية».
ودعا الخوئي إلى «تجريم الطائفية وإصلاح منظومات التعليم، والتعليم الديني، وتعزيز تدريس القيم الكونية المشتركة بين كل الأديان من أجل مكافحة ثقافة إقصاء الآخر».
من جهتها، أكدت عضو المجلس الأسقفي الكاثوليكي لأمريكا اللاتينية، القسيسة ليجيا ماتاموروس، أن التعاون بين الأطراف المختلفة يشكل «ثروة للمجتمعات»، التي يجب أن تعلم أبنائها الحب وكيفية بناء عالم خالي من الظلم والعنف، مشيرة في هذا الإطار إلى أن عدم احترام الاختلاف بين الناس «يحدث جروحا للمجتمعات يصعب التئامها».
وقالت «بإمكاننا أن نبني جسورا من أجل عالم أفضل، وأن نهدم الأسوار التي تفرق بين الناس ولا تتيح لهم الصدح بأصواتهم»، معتبرة أن رجال الدين على اختلاف معتقداتهم «يجب أن يضطلعوا بمسؤولياتهم من أجل دعم الاختلاف وإشاعة احترام وتقبل الآخر».
من جانبه، أكد النائب البرلماني الباكستاني فاروق حميد نائك، أن الحوار بين الأديان أساسي من أجل احترام المعتقدات الأخرى وتطوير علاقات مبنية على التسامح، لافتا إلى أن هذا الحوار لا يجب أن يقتصر فقط على رجال الدين بل يجب أن يشمل أيضا البرلمانيين باعتبارهم ساهرين على سن القوانين، لا سيما تلك التي تنص على ضرورة احترام الآخر.
وأضاف أن الحوار بين الأديان أداة فعالة أيضا من أجل سيادة السلم، مبرزا أنه انطلاقا من الواقع الذي يعيشه العالم اليوم فإن الحاجة ملحة لتعميق الحوار بين الأديان لمكافحة التمييز والعنف، وكذا بلوغ مستوى تكون فيه العلاقات الإيجابية والبناءة بين الشعوب هي السائدة.
واعتبر قادة دينيون مشاركون في فعاليات المؤتمر، أن هذا المحفل الدولي الفريد من نوعه هو بمثابة «نفحة أمل في عالم موسوم بالأزمات»، منوهين بالدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في النهوض بمثل التعايش والحوار بين الشعوب والحضارات.
وفي هذا السياق، قال الحاخام موشي-دافيد هاكوهين، وهو المدير الشريك لمنظمة أمانة، الجمعية التي تعمل على تعزيز الثقة بين المجتمعات ومحاربة الميز بمدينة مالمو بالسويد، « يذكي مؤتمر مراكش جذوة الأمل ويوفر نموذجا فريدا من الشراكة بين البرلمانيين، والقادة الدينيين، وممثلي المجتمع المدني، من أجل بناء مستقبل أفضل».
وأكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأبناء، أن المغرب يملك تاريخا «متفردا» في ما يتصل بالتعايش بين معتنقي كافة الديانات، مؤكدا أهمية «إبراز التاريخ العريق للمملكة الذي يمكن أن يشكل نموذجا في عالم موسوم بالأزمات».
من جهته، أفاد مدير الشريك في جمعية أمانة، الإمام صلاح الدين بركات، أن المؤتمر البرلماني الدولي حول الحوار بين الأديان، «يمكن من إعمال حوار دامج، وصريح وبناء من أجل مواجهة الأسئلة التي تعيق تحقيق تعايش مستدام بين الشعوب من مختلف الديانات»، معتبرا هذا اللقاء «خطوة إيجابية» نحو انبثاق مجتمعات أكثر سلما واندماجا.
وسجل المدير الشريك في جمعية أمانة، الهيئة التي تتوخى تحقيق تفاهم أمثل بين المسلمين واليهود بالسويد، أن المغرب، الذي «يمثل نموذجا متفردا في التعايش والتلاقي بين الحضارات»، أظهر مرة أخرى هذه الثقافة المتجذرة دوما في المجتمع المغربي عبر احتضان أشغال هذا المؤتمر.
بدوره أكد الأب بيشوي فخري، عن البطريركية الأرثودوكسية القبطية بأبو ظبي، أن هذه المناسبة غير المسبوقة «تشكل أرضية أفكار واقتراحات تروم تشجيع التعايش وبناء مجتمعات دامجة في إطار تجمع إنساني».
وقال «ليس غريبا على المغرب أن يبلور مبادرة متفردة وأن يجمع هذه الثلة من البرلمانيين، والقادة الدينيين، وممثلي المجتمع المدني، بغرض تبادل الأفكار في أفق تحقيق الإنسانية»، داعيا البلدان الأخرى إلى أن تحذو حذو المغرب.
وعرف المؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان، المنعقد بشراكة مع منظمة أديان من أجل السلام، الذي نظم على مدار ثلاثة أيام، واختتمت أشغاله أمس الخميس، بدعم من تحالف الحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة والرابطة المحمدية للعلماء، مشاركة رؤساء برلمانات وبرلمانيين وقادة دينيين وممثلين عن المجتمع المدني وخبراء للانخراط في حوار بناء وتبادل الممارسات الفضلى لمواجهة القضايا الرئيسية التي تعيق التعايش المستدام.