في أفق اعتماد المقاربة التشاورية في تدبير الشأن المحلي : «تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية بين الجماعات الترابية والمجتمع المدني»

 

أوصى المشاركون في المنتدى الثاني للمجتمع المدني التشاركي الذي نظمه الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية بمكناس، بشراكة مع الصندوق الوطني للديمقراطية (نيد) والمنعقد بتاريخ 15 أكتوبر 2020، باستخدام تقنية التواصل عن بعد  تحت شعار «تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية بين الجماعات الترابية والمجتمع المدني» بـ «ضرورة تثمين كل المبادرات التي يعمل من خلالها المجتمع المدني على طرح مجموعة من الإشكالات والمعيقات المتعلقة بالنهوض بالعمل الجمعوي والجماعاتي وضرورة إشراك الجميع في هذه المبادرات المحلية، عبر اعتماد المقاربة التشاركية في تدبير الشأن المحلي والتركيز على ضرورة إشراك الشباب في صناعة القرار السياسي وربط جسور التعاون وتوطيد التواصل بين السلطات والمجتمع المدني مع تحصين المبادرة الشعبية من أي استغلال قد يضرب  عنصر استقلالية القرار». كما دعا المشاركون، الذين يمثلون عددا من جمعيات المجتمع المدني والهيئات المنتخبة وفاعلين في مجال التنمية الاجتماعية ،إلى «دعم مشاريع الجمعيات التنموية وإعادة النظر في توزيع المنح، وخلق تكتلات جمعوية مع تعميم التكوينات والندوات لتجويد عملها الميداني والنهوض بوعي المواطن والتأكيد على مشاركته وإسهامه من موقعه في القضايا المرتبطة بتدبير الشأن المحلي، مع ضرورة تفعيل الدعامات القانونية وتنزيلها على أرض الواقع وتعزيز مكانة ودور الاعلام باعتباره وسيلة لترسيخ اسس الديمقراطية التشاركية، والرفع من أدوار وصلاحيات المجالس المنتخبة عن طريق النهوض بأسس التنمية على مستوى الاهتمام بقضايا الشأن العام المحلي».
تدخل حسن جبوري،  رئيس الفضاء الجمعوي، أوضح أهداف المنتدى مذكرا بالظرفية الاستثنائية التي تمر منها البلاد بسبب جائحة كورونا ،معتبرا «أن انعقاد المنتدى عبر استخدام تقنية التواصل عن بعد جاء احتراما للتدابير الصحية المعمول بها وحفاظا على السلامة الصحية للمشاركين»، مشيرا إلى «الأهمية التاريخية للخطابات الملكية الدامجة للمجتمع المدني في المسلسلات التشاورية من أجل إبداء الرأي والمساهمة في تطوير البرامج التنموية»، مذكرا بالمسار الترافعي الذي ينتهجه الفضاء الجمعوي بمعية فعاليات المجتمع المدني المكناسي في قضايا الشأن المحلي، مؤكدا على الأهمية التي اولاها الدستور للديمقراطية التشاركية، لافتا إلى أن «الشعار المعتمد للمنتدى يحمل في طياته العديد من الإشارات الهادفة الى الوعي براهنتيه لارتباطه بمفهوم الاشراك والمشاركة وربط علاقة تواصلية متينة هدفها تنمية محلية حقيقية يلعب فيها المجتمع المدني دورا محوريا…
تدخل د. أسماء الخوجة، عن جماعة مكناس، ذكر بالإطار العام الذي تمخض عنه الدستور 2011 وضرورة تفعيل فصوله، مشيرة إلى بعض تمظهرات «تجربة تنزيل آليات الديمقراطية بالمدينة»، لافتة إلى «أن دور الدولة ظل حاسما في تفعيل دور المجلس الجماعي من خلال الآليات التمويلية، والبرمجة والمخططات والمشاريع المنجزة، ولاسيما المتعلقة منها بالتهيئة المناطقية، وفي ما يخص الاستثمار العمومي، أو دعم البنيات التحتية، وتحفيز الاستثمار الخاص. إلا أن مساهمة الجماعة في تحقيق التنمية المنشودة محليا قد تمت بوتيرة متفاوتة، الشيء الذي ترتب عنه نوع من عدم التوازن وبعض مظاهر الاختلال على مستوى النمو مقارنة بجماعت ترابية أخرى»..
كلمة ذ. أحمد بولجاوي، عن جمعية» أزطا أمازيغ «فرع الحاجب، تناولت جهود الفضاء الجمعوي قصد «التأسيس لفعل جمعوي تشاركي مرتكز على دعم قدرات المجتمع المدني»، مؤكدا على «دور الهيئات الاستشارية في دعم الأدوار التنموية للجماعات الترابية ، باعتبارها آلية ناجعة لإشراك المواطنين ومختلف تنظيمات المجتمع المدني في ما يخص الاهتمام بقضايا الشأن العام»، مشيرا إلى الفصل 139 من دستور 2011  الذي يحث على إشراك المواطنين والجمعيات في مختلف مراحل إعداد مخططات التنمية، سواء المحلية او الإقليمية او الجهوية، انطلاقا من مبادئ الديمقراطية التشاركية.
من جهتها، تطرقت ذة حكيمة الركايبي، حقوقية وفاعلة جمعوية، إلى أهمية «إدماج مقاربة النوع والشباب في البرامج التنموية لتعزيز الحكامة الترابية» ، طارحة العديد من التساؤلات حول ما مدى تملك هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع المحدثة لدى المجالس للأدوات والمعارف النظرية من أجل المساهمة في إيجاد الصيغ والبدائل الممكنة لتطوير الشأن العام»، مذكرة بالاطار القانوني لمأسسة آليات المشاركة المواطنة والديمقراطية التشاركية بالجماعات الترابية، موضحة « أن تتبع تنزيل مقتضيات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية منذ دخولها حيز التنفيذ بعد انتخابات سنة 2015 على مستوى  تفعيل الاجراءات والتدابير التي تنص على اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي ومبدأ المساواة في السياسات العمومية الترابية، سجل عدة ملاحظات ونقائص على مستوى عمل المجالس في ما يخص إحداث وتأسيس الهيئات الاستشارية، أو على مستوى إدماج مقاربة النوع في برامج ومخططات التنمية الترابية، أو على مستوى اعتماد الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي».
ذ. محمد باكو ، عن جماعة ويسلان ، طرح العديد من التساؤلات ضمنها «ما مدى استجابة  النخب لأداء أدوارها علما  بأن الديمقراطية التشاركية جاءت لسد ثغرات وتجاوز اختلالات « الديمقراطية التمثيلية»، وأن القانون التنظيمي أعطى اختصاصات مهمة للجماعات الترابية، متناولا  بعض الإشكالات تهم قابلية «الديمقراطية التمثيلية» للتكامل مع «الديمقراطية التشاركية».
و خلص المنتدى إلى تسجيل عدد من التوصيات، بالنسبة للمجلس الجماعي: «ضرورة مأسسة علاقة تواصلية بين «المنتخب» و«الفاعل الجمعوي» مبنية على تعاقد واضح مرتكز على أسس الحكامة الجيدة؛   دعم وتفعيل أدوار هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع وفقا لما نص عليه القانون التنظيمي للجماعات الترابية؛    الدعوة إلى خلق «شبكة للفاعلين المدنيين على مستوى الجماعات الترابية» لتعزيز التواصل والتشاور في القضايا التنموية الجماعاتية؛  العمل على إحداث لجن تشاركية لتتبع وتقييم برنامج عمل الجماعات المستهدفة من المشروع تشكل وفق معايير الشفافية وكذا على مستوى إرساء مبدأي المساواة وادماج الشباب؛  تنظيم لقاءات تشاورية مع المواطنين/ات والفاعلين/ات المحليين؛   العمل على إحداث مرصد خاص بالشباب للمساهمة في تتبع وتقييم عمل الجماعات؛  تمكين المواطنات والمواطنين من الحق الولوج الى المعلومة على مستوى الجماعات،  إحداث مكتب الاستقبال والتوجيه بالجماعات.
وبالنسبة للجمعيات المدنية «العمل على تعبئة الجمعيات والمواطنين والمواطنات من أجل تفعيل الآليات التشاركية خصوصا في ما يتعلق بحق تقديم العرائض والملتمسات؛  تنظيم لقاءات ومناظرات لتقديم مقترحات وبدائل للإشكالات الموجودة بالمنطقة، والقيام بالأدوار الوسائطية التي خولها الدستور للجمعيات؛  خلق مرصد محلي للديمقراطية التشاركية مهتم بقضايا وبرامج التنمية المحلية؛ العمل على تحويل مبدأ الاستشارية الى مبدأ التشاركية خصوصا على مستوى الاختيارات التنموية للجماعات الترابية؛   التركيز على مجال التكوين والتأطير المؤهل لفعاليات المجتمع المدني على مستوى الترافع؛    تنظيم أنشطة ثقافية تحسيسية مشتركة بين الجمعيات والمنتخبين والفاعلين المحليين؛   وأنشطة تحسيسية داخل المؤسسات التعليمية، بشراكة مع نوادي المواطنة؛   التأكيد على مبدأ المبادرة والانفتاح تجاه قضايا الشأن المحلي من طرف فاعلي المجتمع المحلي ثم توطيد العلاقة بين الفاعل المدني والفاعل السياسي لتصبح علاقة تكامل لا علاقة تنافر».


الكاتب : جبوري حسن

  

بتاريخ : 23/10/2020