في أفق الاستغناء عن الإحصاء العام للسكان والسكنى: جهة الرباط سلا القنيطرة نموذجا

 

جهة الرباط سلا القنيطرة تشكل فضاء ترابيا نموذجيا لبلورة وتنفيذ المشاريع الإصلاحية الإدارية الكبرى للدولة المغربية. إن تقدم عمالتي إقليمي الرباط وسيدي سليمان بخطى ثابتة في تنفيذ مشروع رقمنة الحالة المدنية، وانطلاقه في باقي أقاليم المملكة بتجارب وخبرات معرفية عالية المستوى، تراكمت تفكيرا وممارسة، يشكل اليوم مؤشرا واضحا لاقتراب المملكة من التوفر على قاعدة معطيات وطنية إلكترونية ذات مصداقية عالية في مجالات هوية الأشخاص وبيانات ممتلكاتهم ومداخيل أنشطتهم الرسمية.
هكذا، بعد تعميم منظومة الحالة المدنية بمكاتبها بترابي الإقليمين النموذجين، وما ترتب عن ذلك من تراكمات معرفية وتقنية وثقافية في مجال التدبير العمومي المرتبط بالمصالح الأساسية للمرتفقين، مرت عمالة إقليم سيدي سليمان إلى تمديد هذا الورش ليشمل المواطنين سعيا إلى إدماجهم وإشراكهم في بناء مستقبلهم. فإضافة إلى السعي المستمر لتبسيط المساطر وإصاله إلى العتبات الموضوعية المقبولة، وتمكين أصحاب المصلحة من قضاء حوائجهم في المكاتب المختصة في إصدار الشواهد أو التراخيص أو القرارات بدون تنقل لأي مكتب أو جهة أخرى، تم إشراك الهيئات المنتخبة والسلطات الإدارية المحلية في إنجاح مشروع إعطاء الانطلاقة لحملة إقليمية تحسيسية لتحفيز المواطنين على التصريح بأحداثهم الديمغرافية (ولادات، وفيات،…) عبر الانترنيت من خلال الموقع الوطني www.ALHALAMADANIA.MA. إنها الخطوة التي ستضمن أولا الدقة في المعلومات الهوياتية والديمغرافية المحصلة (معلومات المولود ووالديه والمصرح)، وثانيا تخفيف أعباء وثقل أنشطة مكاتب الحالة المدنية (اقتصار الأنشطة مستقبلا على استقبال التصريحات وتحصيلها ومراقبتها والمصادقة عليها وطبع وتسليم الوثائق الرسمية للمواطنين والاستخراج الأوتوماتيكي للإحصائيات)، وثالثا تسريع إنجاز المهام وتمكين المواطنين من الوثائق الإدارية الرسمية بسرعة قياسية.
فبالانتهاء من عملية المسح الضوئي لكل رسوم الحالة المدنية الممسوكة بمكاتبها منذ تاريخ فتح أبوابها لأول مرة، واقتراب عملية ضخ بيانات قاعدة المعطيات الوطنية بعد تحصيلها وخضوعها لعمليتي المراقبة والمصادقة النهائية في حواسيب الجماعات المحلية، والمصادقة على القوانين الجديدة التي ستستوفي لكل شروط الجودة والشفافية، سيتمكن كل مغربي من هوية دقيقة المعلومات مرتبطة برقم وطني فريد، ستمتد فعاليته إلى مصالح المديرية العامة للأمن الوطني ومصالح جوازات السفر ومؤسسات التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، ومؤسسات النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة، مباشرة بعد تشديد تأمينها ببصمة اليد وصورة فوتوغرافية واضحة المعالم.
لقد انطلق هذا الورش الحيوي بعدما بذلت الدولة جهودا مضنية في مجالي إعادة تأسيس الرسوم والسجلات غير القابلة للاستعمال، وإصلاح العديد من الأخطاء المادية والجوهرية التي شابت بياناتها، وإيصال معدل تعميم الحالة المدنية إلى مستوى يقترب من معانقة 100 % (تم تسجيل أكثر من 3000 طفل متمدرس في سجلات هاته المؤسسة السيادية بإقليم سيدي سليمان في حملة واحدة)، ليبقى هذا الجهد مفتوحا إلى حين الحسم في دقة معلومات المسجلين في الشهور القليلة التي ستلي تشكل قاعدة المعطيات الوطنية وإعطاء الانطلاقة لاستغلالها بشكل رسمي على صعيد التراب الوطني. كما برز لافتا الدور الريادي الهام لمؤسسة النيابة العامة والرئاسة بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان في التوجيه والمواكبة والمراقبة وتسريع إصدار الأحكام والأذون لصالح الجماعات والمواطنين على السواء.
إن ضبط هويات المواطنين وتقاطعها وتكاملها مع قاعدة معطيات الممتلكات العقارية ووسائل التنقل الخاصة والمداخيل المادية السنوية والأرباح الحقيقية للمشاريع الاستثمارية في مجالات الفلاحة والصناعة والخدمات والمعرفة والفنون والثقافة والتكنولوجيات الحديثة، سيمكن الدولة من إمكانيات معلوماتية ومادية كافية للتخلص من عبء الأنشطة المعيشية غير المهيكلة بالسرعة المطلوبة بإدماجها في الاقتصاد الوطني الرسمي وامتيازاته الصحية والاجتماعية والتمويلية. إن أفق رقمنة القطاعين العام والخاص هو مشروع دولة ومجتمع متضامنين ومتلاحمين بمستويات ثقة عالية. إنه الرهان الذي حول اليوم النجاح بالنسبة للمغرب إلى أفق مصيري ومحدد لقدرة بلادنا لرفع التحديات المستقبلية.
إن ربط هوية الأشخاص بمصداقيتها العليا بممتلكاتهم المختلفة وأنشطتهم الاقتصادية الرسمية (الشخصيات المعنوية)، وما سيترتب عن ذلك من فيض في المنافع بالنسبة للدولة والمجتمع على السواء، سيمكن المؤسسات من تتويج مشروعها الإصلاحي سياسيا واقتصاديا وثقافيا بتشكيل سجل اجتماعي على أساس الاستحقاق والمساواة، ومن إحصائيات محينة آنية وذات مصداقية تفوق بكثير، جودة وكما، معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي يكلف الدولة الملايير من السنتيمات.


الكاتب : الحسين بوخرطة

  

بتاريخ : 23/06/2021

أخبار مرتبطة

أكد فاعلون في القطاع الصيدلاني في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن كل الأدوية تؤدي إلى تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها،

ترأس أمير المؤمنين، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والأمير مولاي إسماعيل، يوم الخميس بالقصر الملكي بمدينة

    1- الخبر الفاجعة : حوالي الساعة الحادية عشرة من يوم الأربعاء 16 رمضان 1445 عممت المكالمات الهاتفية بمدينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *