تحولت العديد من شوارع المملكة، مساء أول أمس الأربعاء، إلى فضاءات فارغة يسودها الصمت المطبق باستثناء الأصوات القادمة من وراء نوافذ وشرفات المنازل، امتثالا لتعليمات الحكومة بمواصلة تطبيق الحظر الليلي خلال الشهر الفضيل انطلاقا من الساعة الثامنة مساء، في محاولة للحدّ من انتشار عدوى فيروس كوفيد 19، خاصة في صيغته المتحورة. وأغلق أرباب المحلات التجارية ذات الأنشطة المختلفة أبوابها قبل آذان المغرب بشكل كلّي، في حين لم تتمكن أخرى من فتحها في وجه المواطنين لا نهارا ولا ليلا، كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من المقاهي ومحلات الوجبات الخفيفة وبيع الحبوب المقلية وغيرها، التي توقف نشاطها بشكل شامل، مع بعض الاستثناءات، مما جعل عددا من المناطق تصبح كما لو أن “الأشباح” تسكنها.
وخلافا لهذه الصورة النموذجية التي تبين عن التزام كامل بالتدابير المقرّرة، عاشت أحياء أخرى حالة من الفوضى، بعد أن قرر مجموعة من اليافعين والشباب بل وحتى الراشدين منهم في بعض الحالات، الخروج إلى الأزقة والشوارع والتجول بشكل طبيعي، وممارسة لعبة كرة القدم والورق وتدخين النرجيلة بشكل جماعي وغيرها من الأنشطة التي ألفوا القيام بها في ليالي رمضان. ووجدت القوات العمومية والسلطات الترابية نفسها في وضعية لا تُحسد عليها وهي تحاول تطبيق القانون، بعد أن قرر عدد من اليافعين مهاجمة الدوريات بالحجارة في مشاهد تطرح أكثر من علامة استفهام، التي تم توثيقها من خلال تسجيلات بالفيديو، وتعددت صورها بعدد من المناطق كطنجة وأسفي والقصر الكبير وبرشيد وغيرها، التي سجلت مجموعة من الانفلاتات، التي يرى البعض بأنها حوادث معزولة لم تؤثر في المشهد الذي تم وصفه بـ “الحضاري” في تطبيق القانون في شموليته، وهو ما دفع بعض المسؤولين إلى التعامل بمرونة في بعض الأحياء تفاديا لأية مواجهات قد تسفر عن تبعات غير مرغوب فيها.
وانتقد عدد من المواطنين الأحداث والمشاهد التي تم تداول تسجيلاتها والتي كانت خارج الإجماع الذي تم التأكيد عليه لاحترام التدابير الوقائية، منددين بما تم وصفه بـ “الاستهتار” الذي قد تكون له تداعيات لا تحمد عقباها، إن على المستوى الصحي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، في حين استنكر آخرون التطبيق الصارم للإجراءات التي أقرّتها السلطات في مناطق وتراخيها في أخرى، وهو ما اعتبروه إجحافا وتكريسا لعدم المساواة، بما أن البعض ظلوا قابعين في منازلهم وغيرهم عاشوا حياة “طبيعية”.
انتقادات تعددت صورها ومواضيعها، تعبيرا عن حالة من عدم الرضا التي سادت أجواء الليلة الأولى ما بعد آذان مغرب، في حين رأى البعض الآخر بأنها بالرغم من تلك الأحداث المعزولة فقد عكست نضجا وروحا للمسؤولية التي أبان عنها السواد الأعظم من المواطنين، من اجل حماية الذات والأسرة والبلاد من خطر فيروس يتمدد يوما عن يوم وبصيغ مختلفة، مما يستوجب حذرا أكبر في التعامل معه.