في اجتماع الأممية الاشتراكية للنساء .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الحركة النسائية لم تكن بعيدة عن انبعاث الفكر الاشتراكي من جديد في العالم

حنان رحاب: مسؤولية القوى اليسارية كبيرة  في التصدي للتفاوتات الاقتصادية والتكنولوجيا غير العادلة لتمكين النساء

شانتال كامبيوا: إعلان الرباط  للجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية لحظة فارقة للنهوض بوضعية النساء على الصعيدين الوطني والدولي

جانيت كاميلو: «كل ما تقومون به بالمغرب اليوم حجر أساس لبناء مستقبل أفضل للنساء بالعالم 

 

 

التأمت الأممية الاشتراكية للنساء، أمس الأربعاء 19 دجنبر 2024 بالمقر المركزي بالحزب، بحضور مكثف للنساء الاشتراكيات من سائر العالم، من أجل تدارس القضايا النسائية في علاقة مع التحولات الدولية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المسارعة، والصراعات والحروب والأنظمة السياسية بالعالم.
وكان في مقدمة حضور الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الهام، كل من إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الإدارات الاشتراكي للقوات الشعبية، وشانتال كامبيوا المنسقة العامة للأممية الاشتراكية وممثلة جانيت كاميلو رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، وحنان رحاب عضو المكتب السياسي للحزب ورئيسة منظمة النساء الاتحاديات.
ما ميز هذه الجلسة الافتتاحية الكلمة التي ألقاها الكاتب الأول لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، التي ذكر فيها،  أنه بالرغم من شيوع الاعتقاد بأن الاشتراكية قد طويت صفحتها، إلا أن الوقائع الراهنة أثبتت عكس ذلك، مقدما نموذج أمريكا اللاتينية، التي برزت فيها تجارب رائدة أظهرت قُدرة الاشتراكية على تحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية، بينما أدركت شعوب آسيا أن هذا النهج قادر على تقديم حلول حقيقية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار الأستاذ لشكر إلى أن الحركة النسائية لم تكن بعيدة عن هذا المشهد حيث لعبت النساء دورا محوريا في معارك تحرير الشعوب، محققات إنجازات تفوقت في كثير من الأحيان على إسهامات الرجال، ليجدد التأكيد على أن هذه النجاحات، الممتدة عبر القارات، تؤكد أن الاشتراكية ليست فكر  عفا عنه الزمن، بل رؤية مُستمرة تحمل في طياتها الإجابات لتحديات العالم الحديث.
وبنفس المناسبة  قدم القيادي الاتحادي مثالا عن صمود المرأة وقوتها قائلا:» في معارك تحرر الشعوب واستقلالها، قدمت المرأة نماذج رائعة فاقت في بعض الأحيان ما يقدمه الرجال، ولنا في المرأة الفلسطينية نموذجا بارزا من الصمود والمقاومة.. عندما ننظر إلى حجم الضحايا في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، نجد أن النساء والأطفال دفعوا الثمن الأكبر مقارنة بالرجال. هذا يدل على صلابة المرأة الفلسطينية التي لم تفرّ بأبنائها، بل ظلت متشبثة بأرضها ومدافعة عنها.. هذه الهجمة الشرسة تطرح علينا اليوم، كاشتراكيين، تساؤلًا جوهريًا: ما العمل؟ ألا تحتاج الاشتراكية اليوم إلى زخم جديد وإلى تطور فكري يواكب تعقيدات المجتمعات المعاصرة ويقترح حلولًا تجذب قواعد شعبية جديدة وتؤثر في الرأي العام؟».
وأردف الأستاذ إدريس لشكر قائلا :» اجتماعكم اليوم، بالإضافة إلى تبنيه القضايا العادلة التي أُثيرت في كلمة منظمة النساء الاتحاديات وكلمات اللجنة الإفريقية، يتزامن مع ضرورة معالجة الاعتداءات على حق المرأة في المساواة، فمنذ إطلاق «نداء بيجين» قبل ثلاثين عاما، ما زال تحقيق المساواة المنشودة أمرًا بعيد المنال.. ما زالت المرأة تُستثنى من التمثيل العادل في مراكز صنع القرار السياسي، حيث لا تصل إلى نسبة 50% كما هو الحال بالنسبة للرجال.. وفي سوق العمل، رغم امتلاك النساء للكفاءات ذاتها، إلا أنهن لا يحظين بنفس الامتيازات والترقيات التي يحصل عليها نظراؤهن من الرجال».
واختتم الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كلمته قائلا :»من هنا، يجب أن تكون هذه القضايا محور المداولات نحن بحاجة إلى توصيات ومواقف قوية تقودها قيادات سياسية، بدعم من الرجال المتنورين المؤمنين بأولوية قضايا المرأة. إن تعزيز المساواة ليس مطلبًا نسائيًا فقط، بل هو أساس لتحقيق العدالة والتنمية في المجتمعات المعاصرة».
وقد افتتحت الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات،أشغال اللقاء بالتأكيد على أهمية العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية، مُعربة دعن اعتزازها باحتضان المغرب لهذا الحدث، الذي يجسد قيم التضامن والعدالة الاجتماعية والمساواة، مؤكدة أن السياسات النيوليبرالية أخفقت في إيجاد حلول لمشاكل الفقر والحروب والاستعباد، ما يستدعي تقديم بدائل تقدمية وجريئة، لتجدد التأكيد على أهمية تمكين النساء، خاصة في ظل التحديات المتزايدة كالتفاوتات الاقتصادية وآثار التغير المناخي، مشددة على ضرورة تعزيز دور النساء في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لتحقيق العدالة والسلم.
وأوضحت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات،  أن هذا اللقاء ليس مجرد حدث عابر، بل هو فرصة ثمينة لتعزيز الروابط الإنسانية والسياسية بين مختلف القوى اليسارية والاجتماعية التي تسعى إلى بناء عالم أفضل، وكذلك بناء عالم آخر ممكن، مادامت كل السياسات النيوليبيرالية أثبتت فشلها في انتشال العالم من الفقر والحروب والاستعباد، مضيفة أن الحديث عن مستقبل العالم في ظل التغيرات الراهنة يستوجب منا، كحركة اشتراكية، أن نستحضر الدور الحيوي الذي تضطلع به النساء، ليس فقط داخل إطار الأممية الاشتراكية، بل في مجتمعاتنا كافة.
وشددت رحاب على أن النساء أثبتن، في مختلف المراحل التاريخية، أنهن صوت الحكمة والتغيير والعدالة والسلم والعمل والنتائج .
وسجلت القيادية الاتحادية أن النساء أمام تحديات جديدة، سواء تعلق الأمر بمواجهة التفاوتات بين الشمال والجنوب، أو التصدي لتداعيات التغير المناخي وآثاره السلبية التي غالبًا ما تتحمل النساء في الجنوب العالمي النصيب الأكبر منها. لذا، فإن تمكين النساء وتوسيع مشاركتهن في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بات ضرورة ملحة لا مجرد خيارً بين خيارات كثيرة.
وأشارت أن العالم الذي نعيش فيه يمر بمنعطف خطير يتسم بتزايد التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، وصعود قوى اليمين المتطرف التي تهدد القيم الإنسانية والديمقراطية التي نؤمن بها. أمام هذا الواقع، تبرز مسؤوليتنا كقوى يسارية واشتراكية في تقديم حلول تقدمية وجريئة لمواجهة هذه التحديات، مضيفة، أنه لا يمكننا الحديث عن العدالة الاجتماعية والمجالية دون استثمار الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة. غير أن هذا الاستثمار يجب أن يكون موجهاً نحو تقليص الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب، وبين الفئات الاجتماعية داخل نفس المجتمع، وليس في تعميق التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية. علينا أن نعمل معًا من أجل ضمان أن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن يصبح الإنسان والنساء خاصة رهينة لتكنولوجيا تخدم القلة على حساب الأغلبية.
كما أن موجات الهجرة غير النظامية التي يشهدها العالم اليوم هي نتيجة مباشرة للتفاوتات الاقتصادية، والحروب، وتغير المناخ. علينا كحركات اشتراكية أن نقف إلى جانب الفئات المهمشة والمستضعفة، وأن نطالب بسياسات دولية أكثر عدلاً وإنسانية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.
وبالموازاة مع ذلك أكدت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات،  على مسؤولية القوى اليسارية في التصدي للتفاوتات الاقتصادية والتكنولوجيا غير العادلة، داعية إلى استثمار التكنولوجيا لتقليص الفجوة الرقمية وخدمة الإنسان بدلاً من تعميق التفاوتات، داعية إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية من خلال سياسات دولية عادلة وإنسانية.
وفي سياق التضامن الأممي، شددت رحاب على  دعمها لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، مشيدة بتطلع الشعب السوري إلى انتقال ديمقراطي عادل. كما أكدت على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، محذرة في نفس الوقت من دعم الحركات الانفصالية التي تؤدي إلى تفاقم النزاعات والتطرف.
وفي الأخير، أكدت أن الحوار وتبادل الأفكار خلال هذا اللقاء سيسهم في صياغة رؤى جديدة لبناء عالم أكثر عدلا ومساواة.
وفي رسالة لها إلى اجتماع الأممية الاشتراكية للنساء، أكدت جانيت كاميلو، رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، أن المغرب يحتل مكانة خاصة بالنسبة لها، معربة عن ثقتها بأن هذا اللقاء سيشكل فرصة لتبادل الأفكار، وبناء الأهداف المشتركة، وتعزيز المشاريع التي تسهم في تحقيق حقوق النساء.
وأضافت كاميلو: «كل ما تقومون به هنا هو حجر أساس لبناء مستقبل أفضل للنساء.. وعلى الرغم من غيابي الجسدي، إلا أنني حاضرة بروحي والتزامي»، معبرة عن شكرها العميق للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، وحزبه على دعمهم لتنظيم هذا الحدث المهم، مشيدة بحفاوة الاستقبال الذي يعكس جوهر المغرب وكرامته وانفتاحه على الجميع، لتختم كاميلو رسالتها بالتأكيد على استمرار دعم الأممية الاشتراكية للنساء للمضي قدما في هذا المسار، مشددة على أهمية الجهود المبذولة لتعزيز مكانة المرأة والنهوض بحقوقها.
ومن جانبها،  أكدت المنسقة العامة للأممية الاشتراكية شانتال كامبيوا، أن إعلان الرباط الذي ختم أشغال اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية، يُمثل لحظة فارقة للنهوض بوضعية النساء على الصعيدين الوطني والدولي، مشيدة بجهود ودعم  الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، للقوات الشعبية إدريس لشكر، الذي يعزز العمل المشترك وقدرات المشاركين ويمنحهم الحافز لتحقيق الأهداف المشتركة، قبل أن تؤكد على ضرورة تظافر الجهود من أجل الدفاع عن قضايا النساء، لتضيف قائلة :»تنتظرنا الكثير من التحديات كنساء ما يفرض علينا النضال بقوة للدفاع عن حقوق النساء ومن الضروري أن نتصف بالشجاعة لطرح القضايا السياسية والاجتماعية المتعلقة بالحقوق النسائية، والأممية الاشتراكية تتبنى كل القضايا العادلة للنساء».
كما نقلت تحيات الرئيس بيدرو سانشيز رئيس الأممية الاشتراكية، مشيرة إلى أن هناك توافقا كبيرا بين جميع المشاركين حول الفهم العام للقضايا المطروحة، مما يجعل الرباط محطة تاريخية في صياغة وثائق شاملة تخدم قضايا المرأة،  وأن إعلان الرباط يأتي في ظل تحديات كبيرة تتطلب مواجهة جادة ومنظمة، مؤكدة على أهمية العمل بروح المسؤولية التي تتجاوز أدوار الأسرة لتشمل الأحزاب السياسية والمجتمع ككل، وأن العالم لا يمكن أن يتقدم بدون النساء، داعية إلى مواصلة العمل الجاد لمستقبل أفضل، مؤكدة أن إعلان الرباط حصل على إشادة واسعة وختمت بالقول: «نحن فخورات بما تحقق، ولكن المسؤولية تقتضي الاستمرار في البناء على هذا الإنجاز».


الكاتب : الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 20/12/2024