* دستوريا: شهية العيين * تشريعيا: تقزيم البرلمان * سياسيا: خنق المعارضة * اجتماعيا: ترسيم الهشاشة
الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر : لن نقبل بضرب التوازن المؤسساتي وعدم احترام الضوابط القانونية المتعلقة بذلك
لمتزعمي الحملة ضد التعيين في مجالس الحكامة نقول: تحلَّوْا بالشجاعة للمطالبة بمراجعة الدستور وإصلاحات فصل السلط!
القضية الوطنية أولوية الأولويات، والانتقال من التدبير إلى التغيير يتطلب تكاثف جهود الجميع
لم يسبق للبرلمان المغربي أو برلمانات العالم أن دعا لعقد جلسة برلمانية على الاحتمال
الكاتب العام فادي وكيلي عسراوي : الوضع السياسي يعاني من انسداد حقيقي نتيجة هيمنة أصحاب المال والنفوذ على القرار الحكومي
الانحياز المفرط للمصالح الاقتصادية جعل المواطن يشعر أنه خارج المعادلة السياسية وبالتالي خلق أزمة ثقة بين الشعب والحكومة
وقف إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، على المتغيرات والتحولات الكبيرة التي تسم الوضع السياسي ببلادنا أمام الشبيبة الاتحادية في مجلسها الوطني الثاني، وذلك من خلال تشخيصه للتحديات الكبيرة التي بات يطرحها تغول الحكومة الحالية، والتي تمس مسا خطيرا بالتوازن بين المؤسسات والتطاول على كل القوانين وعلى رأسها دستور البلاد والنظام الداخلي للبرلمان بل وصل الأمر حد التشكيك غير المبرر في التعيينات التي تهم مؤسسات ومجالس الحكامة ونتائج أعمالها واستقلاليتها المحمية بالقانون .
وفي السياق ذاته، رفع إدريس لشكر التحدي في وجه متزعمي هذه الحملة ضد المؤسسات، بأن »يتحلوا بالشجاعة الكافية للمطالبة بمراجعة الدستور وبإصلاحات تروم توازن وعمل المؤسسات، وسيكون الاتحاد في طليعة المدافعين الشرسين عنها لأنه يملك دوما الشجاعة الكافية للدفاع عن صلاحيات المؤسسات والفصل بين السلط وصلاحيات الحكومة وصلاحيات المشرع بالغرفتين وباقي المؤسسات،« والهدف من ذلك دولة بمؤسسات قوية متوازنة لأنها هي من تخلق التميز لبلادنا وتضمن نجاعة صرحنا المؤسساتي .
وفي السياق نفسه، طالب إدريس لشكر، أيضا، بمنسوب عال من الجدية والشفافية من أجل تسييد القانون وبنشر، وبكل شفافية، لوائح المستفيدين من الدعم في كل المجالات الاقتصادية مشددا على أن أطرافا تهيئ للانتخابات، من الآن، باستعمال غير شفاف للمال العام وإمكانيات الدولة مما قد يمس بحرمة الاقتراعات القادمة .وعبر لشكر عن تخوفه من أن التغطية الاجتماعية والصحية التي اعتبرها الاتحاد مشروعَ وطن أضحى تنزيلها وتدبيرها محفوفا بالمخاطر نتيجة الالتجاء للدين الخارجي لتمويلها، محذرا مما سماه «»اللهطة«« في افتراسها واعتبارها غنيمة في غياب رقابة وشفافية في تدبير ملف كبير أقره جلالة الملك .
التأمت الدورة الثانية للمجلس الوطني للشبيبة الاتحادية، يوم السبت 15 نونبر الجاري بالمقر المركزي للحزب بالرباط، برئاسة الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، تحت شعار «الشبيبة الاتحادية تعاقد جديد..والتزام متواصل من أجل الشبيبة المغربية»، وبحضور أعضاء المكتب السياسي وأعضاء من المجلس الوطني للحزب وأعضاء المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية وأعضاء المجلس الوطني من ربوع المملكة.
الهدف من انعقاد هذه الدورة مناقشة الوضعية التنظيمية للشبيبة الاتحادية والوقوف عند الإنجازات التي حققتها الشبيبة بقيادتها الحالية وأيضا الوقوف على مكامن القوى والضعف والنقائص التي يجب على الشبيبة العمل على تداركها لتوسيع قاعدة المنخرطين الشباب من جميع المستويات ومن مختلف ربوع المملكة.
ما ميز الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة التي أدارت أشغالها، باقتدار، سميحة لعصب، نائبة الكاتب العام للشبيبة الاتحادية، هو العرض السياسي الذي تقدم به الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر الذي عدد فيه التحديات التي من الضروري مجابهتها من أجل كسب رهانات التنمية الشاملة والديمقراطية ودولة المؤسسات والحق والقانون.
وأشار الكاتب الأول إلى أن أول التحديات، هي القضية الوطنية التي تعتبر أولوية الأولويات، مشددا في نفس الوقت على أن المغرب بصدد الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير والتقدم الذي حققته البلاد في ملف الصحراء المغربية خاصة مع اعتراف دولة فرنسا باعتبارها الطرف المُلم بخريطة المنطقة.
وأكد الكاتب الأول، أن المغرب في ما يخص ملف القضية الوطنية بصدد مرحلة الانتقال من التدبير إلى التغير كما سماها جلالة الملك محمد السادس، وهو ما يتطلب تكاثف الجهود من أجل تنزيل هذا النهج على أرض الواقع.
وفي ذات السياق، أضاف إدريس لشكر « نحن عندما كنا نُدبر القضية الوطنية قد فُرض علينا أن نذهب إلى نيروبي وأن نقبل بالاستفتاء وتقرير المصير وفُرض علينا كحزب أن نقبل لجنة التحقيق التي رافقناها إلى تندوف والصحراء لكن اليوم التغيير يفيد أنه لا نقاش ولا حل إلا في إطار الحكم الذاتي والسيادة الوطنية معناه أننا على مستوى الشبيبة يجب أن نكون واضحين أننا في كافة المحافل لن نقبل الجلوس مع ما يسمى شبيبة البوليساريو، أو أن نتذاكر معهم خارج إطار الحكم الذاتي وبإرادة من التدبير إلى التغيير يجب أن نُغير مجموعة من ممارساتنا ومن أساليبنا في العمل في إطار تعاملنا مع القضية الوطنية.. وأعتبر أنها ليست مسؤولية الشبيبة فقط بل مسؤولية الدولة والأحزاب ومسؤولية الجميع أن ننتقل بقضيتنا الوطنية إلى مستوى آخر».
وذكر الكاتب الأول أن التدبير المسؤول والجاد والرصين أثمر عن نتائج إيجابية كثيرة كان آخرها الموقف الفرنسي قائلا :» عندما نتحدث عن فرنسا فإننا نتحدث عن دولة عضو بمجلس الأمن والتي كانت تستعمرنا وتعرف الخريطة الحقيقية للمغرب وتعرف حدود الجزائر ولم يكن هنالك ما يسمى «بالجمهورية الصحراوية» لا في خرائط فرنسا أو إسبانيا … لقد أريدَ بها حسب ظروف سياسية ابتزاز الدولة المغربية لذلك فإن الموقف الفرنسي جاء داعما للموقف الإسباني، وهما دولتان مسؤولتان عن تدبير الحماية والاستعمار في منطقة شمال إفريقيا، المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا، حيث كان الجميع يتحدث عن أربع دول ولا شيء غير هذه الدول.. اليوم في قضيتنا الوطنية يمكن أن نعتبر أننا في بداية الخطوة الأخيرة التي يجب أن تكون في هذا التغيير لطي هذا الملف طيا نهائيا من أجل التفرغ للمشروع التنموي».
وفي ما يتعلق بإعلان جلالة الملك محمد السادس، عن إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، بهدف تعزيز ارتباط هذه الفئة بالوطن الأم، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بها، بما يضمن عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين، والتجاوب مع حاجياتها الجديدة، أكد الكاتب الأول أن الشبيبة الاتحادية معنية بهذه الخطوة التي يجب الانخراط فيها بشكل فعال.
وفي نفس الإطار شدد الكاتب الأول على أن هذه الإجراءات جاءت من أجل تجاوز ما عرفه هذا الموضوع من اختلالات في العلاقة بين المؤسسات التي تم إحداثها وما عرفه من جمود خاصة في المدة الأخيرة وما عرفه من مطالب حزب الاتحاد الاشتراكي والجالية من ضرورة إسماع وإيصال صوت مغاربة العالم، واعتبارا لذلك جاءت توصيات جلالة الملك لهذه الحكومة بضرورة إخراج القوانين المنظمة والمؤطرة للمؤسسات التي يجب أن تكون هي الوسيط والمدبر بين الجالية من أبنائنا وبين مؤسسات الدولة، وأن نعمل على إدماجهم في القرار والمساهمة في الشأن العام في البلدان التي يقيمون فيها وأن نخلق إطارا ليكون هو الأداة والوسيط.
وبالنسبة للتحدي الثاني، والذي لا يقل أهمية عن التحدي الأول، فيتعلق بالحفاظ على التوازن المؤسساتي واحترام الضوابط القانونية المتعلقة بذلك، محذرا الحكومة من لمحاولات التي تقوم بها في هذا الإطار، لضرب هذا التوازن، مستغلة في ذلك تغولها السياسي، موضحا على أن التوازن المؤسساتي هو الذي جعل من الدولة المغربية، دولة نموذج، في الاستقرار والأمن والتطور لبناء الديمقراطية، والتنمية، فالخطر ليس خطرا على أحزاب المعارضة أو على أحزاب الأقلية، بل الخطر هو على الدولة برمتها، لأن عدم احترام توازن المؤسسات يؤثر على التعددية السياسية، والحريات والحقوق والديمقراطية ودولة الحق والقانون.
وأكد إدريس لشكر أن الدفاع عن التوازن المؤسساتي الذي جعل من المغرب دولة نموذج لا يعني البحث عن مصالح ذاتية، مشيرا إلى أن دول العالم الثالث تبحث عن سبل النمو بالاستقرار والأمن والتطور لبناء الديموقراطية وهو ما يدفع المملكة إلى السير بوتيرة سريعة إلا أن هنالك من يريد إعاقة خطواتها.
وفي ما يتعلق بالعمل البرلماني ببلادنا، ذكر الكاتب الأول على أنه لم يحدث في تاريخ البرلمان المغربي أو أي برلمان بالعالم أن يستدعي البرلمانيون لجلسة مؤسسة على الاحتمال، فحتى المتهم من حقه أن يعرف المتابعة وأسبابها فما بالك بالبرلماني الذي يُشرع، يتم استدعائه لمناقشة مشروع قانون لا يتوفر على نسخة منه، هنالك خرق واضح للمادة 189 بالقانون الداخلي وهنالك خرق واضح للدستور والقانون التنظيمي للبرلمان لا يمكن نهائيا لبرلمان أن يُحدد جلسة لمناقشة قانون لم يتوصل به بعد..
وأضاف إدريس لشكر أن التغول ذهب إلى أبعد من ذلك في إخلاله بالتوازن المؤسساتي وعدم احترام القانون الداخلي لمجلس النواب، لأنه في الوقت الذي يعطي فيه البرلمان للمجلس الأول 30 يوما للمناقشة الأولى لقانون المالية، تغير الأمر خلال هذه السنوات الأخيرة حيث تم اختزال المدة في حوالي 15 يوما، لولا ضغط الفريق الاشتراكي الذي دفع، لأول مرة، خلال هذه الولاية، بأن يصوت عليه بعد أكثر من 27 يوما من وضعه بمجلس النواب.
وأشار في هذا الصدد إلى أن التغول السياسي دفع بهم إلى أبعد من هذه الممارسات حيث تم نهج تخفيض الزمن السياسي لمجلس النواب « لقد ضاقوا ذرعا وسيبدأون في وضع القواعد التي تجعلهم يتحكمون في كل شيء، الجماعات والمجالس الإقليمية والجهات والحكومة والتعليمات والتعيينات وهذا التحكم والتغول له آثار اقتصادية واجتماعية».
وسجل الكاتب الأول للحزب على أنه كان من الصعب معارضة ورش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية قائلا «: ساندنا ونحن في المعارضة بشكل مسؤول هذه الحكومة وقمنا بتحسين تلك النصوص ودفعنا بها وصوتنا لصالحها لأن فيها مصلحة للمواطنات والمواطنين لكن نتساءل: إلى أين نحن ذاهبون في التدبير؟
وفي الجانب التنظيمي للشبيبة الاتحادية، قدم الكاتب الأول للحزب بعض التوجيهات التنظيمية لأعضاء المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية، التي يمكن أن تشكل خارطة طريق للعمل الشبيبي حتى يحقق أهدافه في انسجام تام مع التطلعات السياسية والتنظيمية للحزب.
بعد تنويه إدريس لشكر بعرض المكتب الوطني الذي قدم صورة عن الحصيلة التي أنجزتها قيادة الشبيبة الاتحادية، سواء على مستوى العلاقات الخارجية أو الإشعاع المركزي، نبه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى أن شعار المجلس الوطني يفرض على قيادة الشبيبة التزامات عملية وبرنامج عمل يجب أن تعمل على تحقيقه في ما تبقى من ولايتها، مشددا على أن الآلية الأساسية التي يجب أن تشتغل عليها القيادة في المرحلة القادمة هي امتداداتها على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي، متسائلا عن عدد المؤتمرات الإقليمية والجهوية التي عقدتها الشبيبة وعن المكاتب والمؤسسات التي يجب أن تتوفر عليها كآلية لإيصال برنامج الحزب وبرنامج الشبيبة الاتحادية للشباب ليس فقط على المستوى المركزي بل أن تكون القيادة منتجة وفاعلة بأن تكون لها قيادات محلية وجهوية في الفروع والأقاليم والجامعات والجمعيات التنموية.
وتحدث القيادي الاتحادي، عن تواجد الحزب القوي في المدن، إلا أن الشبيبة هي من تلج به إلى الجبال والقرى والجماعات القروية، وهي التي تهيئ ذلك الخزان الذي يجب أن يدخُل به إلى الاستحقاقات القادمة، مجددا التأكيد أن أساس التعاقد هو حجم البنيات التنظيمية، داعيا قيادة الشبيبة الاتحادية إلى أن تغطي فروع الشبيبة جغرافيا كل ربوع المملكة والجامعات وذلك قبل المؤتمر القادم، إذ يجب على الشبيبة الاتحادية أن تكون هي المراسل للإعلام الحزبي في كل مدشر وقرية وأن تنقل كل تجاوز وتعسف ومس بالحريات، «يجب أن تكونوا العين والأذن والآلية التي توصل الحزب إلى كل هذه المناطق وتوصل للحزب مشاكلهم ومعاناتهم للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم والتعسفات التي تطالهم والشطط الذي يطال الإدارة في مواجهة ما يوجد أحيانا في المحاكم وفي مواجهة الرشوة والفساد، إذا لم تتحرك الشبيبة الاتحادية لتكون في الطليعة في هذا الأمر فستكون المهمة صعبة».
وختم الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حديثه عن هذه النقطة بالقول:» أعتقد أن أشغالكم بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية يجب أن تُنوه بتقرير المكتب الوطني والأشياء التي نجحت هذه القيادة في تحقيقه.. لكن هذه القيادة مازالت مطالبة بأشياء أخرى نأمل أن المجلس الوطني وهو برلمان الشبيبة الذي يُحدد السياسة التي يجب أن تنهجها الشبيبة وبرنامج العمل، لذلك نأمل أن تكلفوهم كقيادة لتفعيل ما سميتموه بتعاقد جديد مع هذه القيادة إذ يجب أن تخرجوا بتعاقد جديد يشمل الأهداف التي يجب إنجازها والأمور التي يجب الإشراف عليها على مستوى كل المجالات خاصة.
ومن جانبه قدم الكاتب العام للشبيبة الاتحادية فادي وكيلي عسراوي تقريرا أمام أعضاء المجلس الوطني،أكد فيه أن انعقاد هذه الدورة يجري في ظرفية دقيقة على المستويين الوطني والدولي، دورة تجسد استمرار نضال الشبيبة الاتحادية كقوة حية من أجل قضايا الوطن وشبابه، والسعي الدائم لتأطير الفعل السياسي، واسترجاع الثقة في الفعل الحزبي الجاد.
وفي مستهل هذا التقرير، جدد فادي وكيلي التأكيد على المواقف الراسخة تجاه القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، التي ستظل في صدارة الأولويات باعتبارها قضية وحدة وطنية لا تقبل المساومة.
«نحن في الشبيبة الاتحادية، كما هو شأن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نعتز بالدور الفعال الذي نضطلع به على المستويات الوطنية والدولية للدفاع عن عدالة هذه القضية، مسترشدين بالدبلوماسية المغربية الرشيدة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، والتي حققت مكتسبات غير مسبوقة، فمن خلال الاعتراف الدولي المتزايد والقوى الدولية على وجه الخصوص بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، والمشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها هذه المناطق، أصبح المغرب نموذجا يحتذى به في ترسيخ الوحدة والتنمية».
وبنفس المناسبة، أشار وكيلي عسراوي إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومن خلال موقعه التاريخي داخل المنظمات الدولية التقدمية مثل الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي، قد لعب دورا محوريا في تعزيز القيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، وفي هذا الإطار، يواصل الحزب جهوده لجعل المغرب قبلة للاشتراكيين والتقدميين من مختلف أنحاء العالم، حيث سيتم تنظيم المجلس العالمي للأممية الاشتراكية بالمغرب، بالإضافة إلى عدد من اللقاءات الدولية المكثفة التي تعزز من موقع الشبيبة الاتحادية كقوة داعمة للقضايا الوطنية ولقيم السلام والعدالة.
كما أن الشبيبة الاتحادية، من خلال موقعها الريادي داخل منظمة الشباب الاشتراكي العالمي (IUSY)، قد تمكنت من فرض وجودها بقوة في هذه المنظمة، والعمل على محاصرة الفكر الانفصالي الذي حاول التسلل إلى صفوفها، حيث تكللت جهودنا بإصدار قرار تاريخي داخل الـIUSY يؤكد على وحدة التراب الوطني، ويرفض النزعات الانفصالية التي تهدد استقرار الدول ووحدتها، هذا القرار لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة عمل نضالي مستمر وترافع جاد داخل أروقة هذه المنظمة، لترسيخ قيم الوحدة والتضامن بين الشعوب.
وأكد القيادي في الشبيبة الاتحادية الموقف الثابت واللامشروط تجاه القضية الفلسطينية، التي تمثل وجدان الأمة المغربية ونضالها من أجل الحق والعدالة، موضحا أن موقف الحزب والشبيبة الاتحادية كان وسيظل داعمًا لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، فالتضامن مع فلسطين ليس فقط موقفا عاطفيا، بل هو جزء لا يتجزأ من مبادئنا النضالية، التي تربط بين الدفاع عن القضايا الوطنية والانتصار للقضايا الإنسانية العادلة.
وبخصوص الوضع السياسي الحالي، شدد الكاتب العام للمنظمة أن هذا الأخير يعاني من انسداد حقيقي في الأفق السياسي نتيجة هيمنة واضحة لأصحاب المال والنفوذ على القرار الحكومي، هذه الهيمنة تمثل انقلابا على مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في ظل تراجع أولويات المواطنين إلى الهامش، فالحكومة الحالية، التي تتسم بنزعتها الليبرالية المفرطة، أظهرت عجزا واضحا عن تقديم نموذج تنموي قادر على معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد، بل على العكس، انتهجت سياسات اقتصادية واجتماعية زادت من تعميق الفوارق ودفعت فئات واسعة من المجتمع إلى التهميش.
وأضاف أن القرار السياسي أصبح رهينة لمصالح فئة ضيقة من أصحاب المال، مما أدى إلى تغييب البعد الاجتماعي في صياغة السياسات، وتجاهل الاحتياجات الأساسية للمواطنين، حيث أن هذا الانحياز المفرط للمصالح الاقتصادية جعل المواطن يشعر بأنه خارج المعادلة السياسية، مما أدى إلى أزمة ثقة عميقة بين الشعب والمؤسسات .
في ظل هذا الواقع، يبرز الشباب المغربي كأكبر الخاسرين من هذه السياسات الإقصائية. الشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من السكان، يعانون من ارتفاع غير مسبوق في البطالة التي وصلت إلى 13.6% على المستوى الوطني، مع معدلات أعلى بكثير في صفوف الحاصلين على الشهادات الجامعية. هؤلاء الشباب، الذين يفترض أن يكونوا قوة منتجة وداعمة للنسيج الاقتصادي والاجتماعي، وجدوا أنفسهم محرومين من فرص العمل ومهمشين في السياسات العامة
أمام هذا الوضع المتأزم، أصبحت الهجرة الجماعية للشباب المغربي تعبيرًا صارخا عن انسداد الآفاق داخل البلاد، كما رأينا مؤخرا في المضيق، كما أنها لم تعد مجرد أرقام عابرة، بل هي صرخة جماعية تعكس حالة اليأس والإحباط التي دفعتهم إلى المخاطرة بحياتهم بحثًا عن فرص في الضفة الأخرى.
وأبرز على أن هذه الظاهرة لم تعد استثناء، بل أصبحت رمزًا لفشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية في احتضان الشباب وتوفير ظروف حياة كريمة لهم.
وأمام هذه الأزمة المتعددة الأبعاد، طالب الكاتب العام للمنظمة، بتحول جذري في النهج السياسي والاقتصادي، فالمطلوب ليس فقط تعديل السياسات الحالية، بل تبني رؤية شاملة تضع المواطن في صلب القرار، حيث يجب على الحكومة أن تلتزم بتعزيز دور الدولة الاجتماعي من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية كالتعليم، الصحة، والسكن، مع إعطاء الأولوية لخلق فرص عمل حقيقية للشباب، خصوصا في القطاعات الإنتاجية، والعدالة الضريبية يجب أن تكون حجر الزاوية في أي إصلاح اقتصادي، من أجل ضمان توزيع عادل للثروات وتقليص الفوارق الاجتماعية.
إلى جانب ذلك، دعا وكيلي عسراوي إلى ضروري إعادة بناء الثقة في السياسة والمؤسسات التمثيلية من خلال سياسات شفافة وشاملة تعكس هموم المواطنين وتطلعاتهم، الشباب المغربي بحاجة إلى سياسات تمنحهم الأمل، وتحفزهم على الإبداع والمشاركة في بناء مستقبل وطنهم، بدلاً من الهروب منه.
إن العودة إلى نهج سياسي واجتماعي يعلي من قيمة الإنسان، ويوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، هو السبيل الوحيد لكسر الجمود السياسي واستعادة الثقة المفقودة، فالمغرب بحاجة إلى مقاربة جديدة تجعل من الشباب قوة محركة للتغيير، وتضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار. هكذا فقط يمكننا بناء مغرب أكثر عدالة، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق طموحات شعبه يقول عسراوي.
وسجل الكاتب العام للمنظمة أن إحدى العقبات الرئيسية أمام تحقيق التنمية هي استمرار ظاهرة الفساد، التي تكلف الاقتصاد الوطني حوالي 50 مليار درهم سنويا، هذه الأموال المهدورة كان من الممكن أن تستخدم في تمويل برامج اجتماعية وتنموية تدعم فئة الشباب وتساهم في تحسين جودة الحياة، كما أن الريع الاقتصادي، الذي يحمي مصالح فئة محدودة على حساب الأغلبية، يشكل عقبة أمام المنافسة العادلة ويعرقل الابتكار والاستثمار.
وشدد على أن السياسات النيوليبرالية التي تعتمدها الحكومة الحالية، والتي تضع الأولوية للربح وتترك الإنسان خارج المعادلة، أدت إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي وازدياد الشعور بالإقصاء لدى شريحة واسعة من الشباب، فالحكومة مطالبة بأن تتبنى نهجا اقتصاديا يعيد الاعتبار للمواطن كعنصر أساسي في التنمية.
وفي الأخير اقترح الكاتب العام للشبيبة الاتحادية على الحكومة أن تستهدف المجالات التالية
1. خلق فرص شغل مستدامة والتركيز على القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة، الفلاحة، والطاقة المتجددة، باعتبارها قادرة على استيعاب اليد العاملة الشابة وتقديم فرص عمل ذات قيمة مضافة.
2. إصلاح التعليم والتكوين المهني وإعادة توجيه منظومة التعليم لتتجاوب مع حاجيات سوق الشغل من خلال تحديث البرامج وتوفير تكوين عملي يُمكّن الشباب من الاندماج السريع.
3. محاربة الفساد والريع واعتماد سياسات صارمة للشفافية والمحاسبة، ووضع حد للاستغلال غير المشروع للثروات الوطنية.
4. الاستثمار في المناطق المهمشة و إطلاق مشاريع كبرى في المناطق القروية والمهمشة، بما يضمن التوزيع العادل للثروات والفرص، ويقلل من الفوارق الجهوية.
إن استمرار الوضع الحالي دون تدخل حكومي حقيقي يعني فقدان المغرب لفرص تاريخية لتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية، فالشباب المغربي ليس مجرد رقم في الإحصائيات، بل هو القوة الدافعة التي تحتاج إلى سياسات تعيد الأمل والثقة في المستقبل. على الحكومة أن تدرك أن تجاهل هذه الأزمة يهدد الاستقرار الاجتماعي، ويُعيق تحقيق التنمية المستدامة.
وأعقب تقرير الكاتب العام للشبيبة الاتحادية مداخلات عديدة لعضوات وأعضاء المجلس الوطني، تميزت بمستوى عال في تناول تجربة الشبيبة الاتحادية مابين المجلس الوطني الأول والحالي، بالدراسة والتحليل والوقوف على جميع الثغرات التنظيمية واللوجيستية من أجل تجاوزها بهدف تقوية الفعل الشبيبي وتصليب الأداة التنظيمية الشبيبية، كما أجمعوا على الإسراع في الاستمرار بعقد المؤتمرات الإقليمية من أجل تجديد الهياكل والأجهزة الشبيبة مشددين، في ذات الوقت، على ضرورة الإقدام على كل المبادرات وتنظيم الأنشطة الإشعاعية التي تهم قضايا الشباب وحاجياتهم سواء أكانوا طلبة أو تلاميذ أو شباب عاملين أو موظفين، وخلق فضاءات للحوار والمناقشة، والتنظيم والتشبيك وتقديم الدعم والمساندة والحضور الفعلي في كل الأنشطة الجمعوية والثقافية والتربوية الجادة التي تهم الشباب.
كما عرفت أشغال المجلس الوطني أيضا، عرض ورقة حول تعديلات النظام الأساسي للمنظمة، وتمت مناقشتها والمصادقة عليها، كما تمت هيكلة اللجان الوظيفية داخل المجلس الوطني، وإصدار بيان اختتام أشغال المجلس.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة تأتي تنفيذا لمخرجات اجتماع المكتب الوطني الذي انعقد بتاريخ 02 نونبر 2024، والذي خُصص للتحضير لعقد الدورة الثانية من المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية.