اختتمت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مؤتمرها الوطني الثاني عشر، المنعقد بالرباط أيام 25 و26 و27 أبريل الجاري، في لحظة تنظيمية مفصلية، اتسمت بنقاشات معمقة حول التحديات الحقوقية الراهنة على الصعيدين الوطني والدولي.
وقد خلص المؤتمر إلى جملة من التوصيات والمواقف، عبرت عن رؤية متجددة لمواجهة التحولات المتسارعة التي يعرفها مجال حقوق الإنسان.
وتطرق البيان العام إلى العديد من القضايا،
فعلى المستوى الوطني، ثمن المؤتمر المكتسبات التي حققها المغرب في الميادين الدستورية والتشريعية والسياسية، لكنه سجل في المقابل ضعف فعلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، داعيا إلى صياغة سياسات عمومية جديدة تضمن هذه الحقوق وتحميها.
ونوه المؤتمر بالعفو الملكي الذي شمل عددا من الصحفيين والمدونين ومعتقلي الحركات الاحتجاجية والاجتماعية، مطالبا بتوسيعه ليشمل باقي المعتقلين، مع ضرورة فتح حوارات مع الساكنة لحل الإشكالات الاجتماعية وفق مقاربة تشاركية.
وفي ما يتعلق بالقضية الوطنية، جدد البيان العام، دعمه القوي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، معتبرا إياها مدخلا لضمان حقوق ساكنة الأقاليم الجنوبية، ومدينا في ذات الوقت الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المحتجزون بمخيمات تندوف، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في هذا الصدد.
ودعا المؤتمر إلى الإسراع بإخراج التشريعات ذات الصلة بمنظومة الحقوق والحريات، بما في ذلك قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، فضلا عن اعتماد مدونة جديدة للحريات العامة تتلاءم مع مقتضيات دستور 2011 والالتزامات الدولية للمغرب.
وحث البيان العام على تفعيل جميع مؤسسات الحكامة الدستورية، وأكد دعمه لمراجعة مدونة الأسرة بما يكرس حقوق كافة مكونات الأسرة المغربية في انسجام مع التحولات المجتمعية.
وإذ شدد المؤتمر على احترام حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، فقد سجل بإيجابية تفاعل المغرب مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، مطالبا بتوسيع هذا الانفتاح، والمصادقة على معاهدات دولية مهمة، وفي مقدمتها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ورحب المؤتمر بتصويت المغرب الإيجابي على القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، داعيا إلى تقييم الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، ووضع سياسات دامجة لفائدة الشباب، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمسنين.
على الصعيد الإقليمي، دعا المؤتمر إلى تعزيز ركائز الديمقراطية ودولة الحق والقانون في إفريقيا، مطالبا بحل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية،معبرا عن قلقه إزاء التراجعات الحقوقية في عدد من الدول المغاربية، منبها إلى خطورة استهداف المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان تحت ذرائع سياسية، ومؤكدا على ضرورة حماية حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء في المنطقة.
أما دوليا، فقد سجل المؤتمر بقلق التحولات المتسارعة التي تكرس منطق القوة على حساب مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، مطالبا بإصلاح منظومة الأمم المتحدة بما يضمن دورا فعالا في حماية السلم والأمن الدوليين.
ودعا إلى مواجهة تصاعد الخطابات الشعبوية والمعادية لحقوق الإنسان، مشددا على ضرورة وقف الانتهاكات الجسيمة وجرائم الإبادة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون.
وأكد المؤتمر أن السلام في المنطقة لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الكاملة في حماية الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة والانتهاكات الممنهجة.
وأوصى المؤتمر أجهزته التنفيذية بوضع استراتيجية عمل متكاملة للمرحلة القادمة، قادرة على تجويد الأداء الحقوقي وضمان انخراط كل مكونات المنظمة في تنفيذ برامجها المستقبلية.