في الجمع العام للجنة الوطنية الأولمبية ..المصادقة على التقارير الأدبية والمالية بدون مناقشة وممثلو الجامعات حضروا للتصفيق فقط

كنا نعتقد أن حضور الجمع العام للجنة الوطنية الأولمبية المغربية زوال الجمعة الأخير بمقرها بالرباط،سيكون فرصة منتظرة تتيح متابعة مرافعات ونقاشات تحلل وتشخص الوضع الرياضي الوطني وتقدم مقترحات للنهوض به خاصة في هذه الظرفية التي تعيش فيها بعض الرياضات انتعاشة متميزة ، إلا أن المشهد صدم الجميع أمام صمت رهيب للحاضرين من رؤساء الجامعات الرياضية الذين بدا أنهم حضروا للتصفيق ولمباركة إعادة تنصيب فيصل العرايشي قائدا لهم فقط.
داخل قاعة الجمع العام، بدا المشهد كقاعة مسرح حيث يحضر المتفرج عادة بكامل أناقته وبهدوء يتابع المسرحية والممثلين دون أن ينبس بكلمة مكتفيا بالتصفيق ففقط!
وقبل انطلاق أشغال الجمع،وخارج القاعة، تحدث عدد من الرؤساء،وبإسهاب،وتحت يافطة « خليها بيني وبينك إلى أن أتناول هادشي في تدخلي أثناء الجمع»، عن مشاكل لا حصر لها تعترض تدبير شؤون جامعاتهم، وتكلموا عن قلة الموارد المالية،وعدم نجاح اللجنة الأولمبية في مساعدة الجامعات على تجاوز العديد من النواقص ومن الإكراهات،حتى أن أحد الرؤساء لم يتردد في التأكيد على أنه سيخلق المفاجأة داخل قاعة الجمع،مشيرا إلى أنه يحمل ملفات «خطيرة» سيزعزع بها الحضور، ولن يتنازل عن توضيحات بشأنها من طرف رئيس ومكتب اللجنة!
بعضهم الآخر وفي الوقت الذي نوه فيه بدور اللجنة في مساعدة الجامعات من خلال تحمل مصاريف التربصات والمعسكرات، آخذ عليها غياب العدالة في تقديمها تلك المساعدة، وتساءل آخرون عن غياب التواصل بل وغياب الرئيس في مختلف الأنشطة التي تنظمها الجامعات باستثناء الفترة الأخيرة التي سبقت موعد عقد الجمع العام للجنة،حيث عاد الرئيس للظهور في بعض المناسبات الرياضية. كما انتفض الحديث،خارج قاعة الجمع العام، عن مآل الهبة الملكية «33 مليار سنتيم» وماذا تبقى منها ومن يشرف عليها، وهي قيمة الدعم الذي كان قد قدمه جلالة الملك للجنة الأولمبية لإعداد الرياضيين لأولمبياد لندن 2012.
داخل قاعة الجمع العام، اصطف رؤساء وممثلو الجامعات الرياضية، في ترتيب يترجم قيمة كل جامعة ومدى قوتها أو قوة رئيسها، لم يكن غريبا على هذا المستوى أن نعاين فوزي لقجع مثلا،أو عبدالسلام آحيزون،في الصفوف الأولى،وخلف الصفوف الأولى رؤساء وممثلي الجامعات الأضعف!
انطلقت أشغال الجمع العام بكلمة للرئيس فيصل العرايشي، كانت طويلة أكثر من اللازم، وكانت عبارة عن خطاب تربوي و عاطفي وكأنه خطاب معلم لتلاميذه، أو وصية لأب لأبنائه.
وقبل أن يمنح الكاتب العام فرصة عرض التقارير الأدبية، انتفض رئيس جامعة الجمباز طالبا نقطة نظام، اعتقد معها الجميع أن « الطرح سينطلق ساخنا»، إلى أن أي شيء من ذلك حدث، في الوقت الذي لم يكن تدخله سوى الإشارة إلى ضرورة التطرق لمحضر الجمع العام الأخير، حيث رد الكاتب العام بأن المحضر متوفر وليس هناك قانون تنظيمي للجنة الأولمبية يفرض عرضه أمام الجمع العام.
بعده مباشرة، جاء الدور على رئيس جامعة كرة اليد الذي تناول الكلمة مقترحا بعض النقط طالبا اللجنة أخذها بعين الاعتبار مستقبلا ومنها على الخصوص خلق لجن أولمبية جهوية في مختلف مناطق المغرب، والتفكير بجدية في تحيين القوانين المنظمة لللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.
واصل الكاتب العام، بعد هذين التدخلين المختصرين جدا، عرض التقارير الأدبية، ثم تلاه أمين المال في عرض التقارير المالية، ثم جاء الدور على الرؤساء الذين أحجموا عن إسماع أصواتهم،إيجابا أو سلبيا، واكتفوا جميعا بكامل عددهم على التصفيق بحرارة للتعبير عن رضاهم ومصادقتهم لما تضمنته كل التقارير. وسمع أحد رؤساء الصفوف الأولى وهو يهمس لجاره في الصف» احنا عارفين شكون غيدوز ويكون رئيس.. وغير يطلقونا باش نمشي نقضيو أمورنا..»
وذلك ما كان، عرضت اللائحة الوحيدة المرشحة ووكيلها الرئيس القديم/ الجديد فيصل العرايشي الذي قيل في الكواليس أنه لم يعقد بعد جمع جامعة التنس التي يرأسها، وصوت الجميع للائحة، وتوجه الجميع لقاعة الاحتفال حيث انخرط هذا الجميع في تناول الحلوى والمشروبات في ضيافة اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية!
للإشارة، استحضرت إحدى التدخلات مضامين الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضية 2008، لكن لا أحد تجرأ واستحضر ما عرفته الرياضة المغربية بعد تلك الرسالة التي مر عليها قرابة 15 سنة ولم يقدم أحد أجوبة حول ما حملته تلك الرسالة خاصة على مستوى تشخيص حالة الرياضة الوطنية: «اختلالات، ارتجال، تدهور، مطية، تطفل، ارتزاق، أغراض شخصية، غياب الشفافية والديموقراطية، الجمود في العمل، غياب التجديد..».
لم يقدم الجمع العام أي أجوبة حول ما يقع حاليا في الرياضة الوطنية، من أين سنبدأ المحاسبة؟ من الوزارة الوصية التي تدبر القطاع «عشوائيا» بدون مخطط ولا توجه واضح؟ أو من اللجنة الوطنية الأولمبية، التي تعطي الانطباع أنها تعيش عالمها الخاص ولا علاقة لها بواقعنا الرياضي، أو من الجامعات الرياضية، التي حولها بعض من رؤسائها إلى ملكيات خاصة أو وكالات أسفار للعائلة وللمقربين؟
للأسف، أو لنقلها بصيغة أخرى، لم يقدم الجمع العام ذلك النقاش الذي يليق بالنهضة الرياضية التي نأملها جميعا،خسارة فعلا، أو… Dommage باللغة التي اختارها الرئيس وأعضاء مكتبه للتحدث بها خلال أشغال الجمع العام مع أن الحضور كله كان يتشكل من المغاربة!!!
سؤال: هل تجوز المصادقة على التقارير الأدبية والمالية دون أن تخضع لأي مناقشة؟


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 17/05/2023